باب العزيزية... مقر القذافي الذي تحوَّل إلى ملجأ لعائلات ليبية
تعرَّض المجمع للسرقة والنهب، وأصبح جزءاً كبيراً منه خراباً، لكن محيطه تحوَّل بمرور الوقت، إلى حي سكني، تقطنه أسر ليبية بلا مأوى.

السياق
قبل عقد من الزمن، كان هذا المكان، هو الأكثر ازدهاراً في ليبيا، منه يحكم الزعيم الليبي الراحل العقيد معمر القذافي البلاد، قبل سقوط نظامه.
مجمع بيت العزيزية، في العاصمة الليبية طرابلس، تحوَّل إلى رمز لأزمة السكن المتصاعدة في البلاد، بعدما دُمِّر غداة سقوط نظام القذافي عام 2011.
تعرَّض المجمع للسرقة والنهب، وأصبح جزءاً كبيراً منه خراباً، لكن محيطه تحوَّل بمرور الوقت، إلى حي سكني، تقطنه أسر ليبية بلا مأوى.
تعيش هذه العائلات، في عشرات المنازل الصغيرة، التي كانت تأوي عسكريين، وفي بيوت أوسع كان يقطنها ضباط كبار، أضيفت إلى بعضها ملحقات أخرى، لتوفِّر لهم سُبلاً للمعيشة.
يقول بشير، وهو أحد سكان المنطقة لــ "فرانس برس"، إن مئات الليبيين جاؤوا للمكان، بعد سقوط نظام القذافي، للإقامة في المنطقة التي كانت مخصصة للعسكريين، مضيفاً أنه يعيش في المكان منذ عام 2012.
ويقع باب العزيزية، في الضاحية الجنوبية الغربية للعاصمة طرابلس، وكان يحوي حديقة حيوانات ومسبحاً وثكنة عسكرية، وحتى خيماً للقذافي.
حيث تم تشييد المجمع، مطلع الثمانينات من القرن الماضي، على مساحة 6 كيلومترات، وجرى تجديده عام 1986، بعد قصف أمريكي للمكان الذي كان مخصَّصاً لإقامة القذافي.
وبعد سقوط نظام القذافي، سعت السلطات الانتقالية في ذلك الوقت، إلى تحويل باب العزيزية لمنطقة خضراء، تضم متنزهاً ترفيهياً ونصباً يخلد ذكرى الشهداء، لكن الفوضى السياسية أدت إلى توقُّف المشروع.
وتعتزم السُّلطات تحويل المجمع إلى متنزه، فأصبحت العائلات المقيمة في المكان مهدَّدة بالإجلاء، في وقت تعمل الجرافات في طرابلس، على هدم أبنية فوضوية تكاثرت على امتداد السنين، بحسب "فرانس برس".
من أين نأتي بالأموال؟
في ظِل أزمة سياسية تعصف بالبلاد منذ سنوات، تفاقمت الأزمة الاقتصادية والقوة الشرائية للدينار الليبي، ما تسبَّب في أزمة سكن حادة.
فالحد الأدنى لأجور موظفي الدولة يتراوح بين 450 و600 دينار، بما يعادل 75 إلى 100 يورو، ما نتج عنه صعوبة حصول الليبيين على قروض سكنية.
ويقول بشير، الساكن بمنطقة باب العزيزية، إن المساكن نادرة والأشغال متوقِّفة والأسعار ملتهبة.
وأضاف بشير أنه قبل الثورة كان السكن متاحاً، في ظِل عدد سكان أقل في طرابلس، أما اليوم فقد أصبحت شقة صغيرة تكلف نحو 400 ألف دينار، متسائلاً: "من أين نأتي بالأموال؟".
أزمة سكن في ليبيا
وخلال السنوات الماضية، شهدت العاصمة طرابلس، ضغطاً سكانياً، بسبب المعارك في محيطها، والعنف الدامي في البلاد، ما دفع عشرات الآلاف للنزوح إليها.
من جانبه قال الخبير الاقتصادي كمال المنصوري، إن "الأوضاع الأمنية المضطربة، تسبَّبت في مغادرة أغلبية الشركات الأجنبية، التي كانت تنفِّذ أكثر من 200 ألف وحدة سكنية قبل عام 2011.
وأكد المنصوري أنه في ظِل "نمو مضطرد للسكان، إلى جانب الضغط على المدن الكبرى، بسبب موجات النزوح المتكرِّرة نتيجة المعارك، أصبح من الصعب الحصول على سكن لائق".
أما علي قلفاط، وهو صاحب وكالة عقارية في طرابلس، فيقول لـ"فرانس برس"، إن تكلفة بناء منزل تضاعفت خلال 10 أعوام.
وأشار قلفاط، إلى أن متوسط الإيجارات، في مناطق تحظى بخدمات جيدة كان بين 500 وألف دينار، لكن استئجار منزل أو شقة في العاصمة، يكلف حالياً أكثر من ألفي دولار أمريكي.
الجدير بالذكر أن السُّلطة التنفيذية الجديدة، التي تقود مرحلة انتقالية، إلى حين إجراء انتخابات مرتقبة نهاية 2021، تعهدت بوضع ملفات، مثل تحسين المعيشة اليومية لليبيين، وإعادة الإعمار، في طليعة أولوياتها.