هل تفشل الصين الاتفاق النووي الإيراني؟
تُستأنف في فيينا، المحادثات بين إيران والدول الكبرى الاثنين المقبل، سعياً لإحياء الاتفاق المبرم مع طهران بشأن برنامجها النووي، بعد توقف دام خمسة أشهر.

ترجمات - السياق
قالت وكالة بلومبرغ، إن الصين تسعى إلى إقامة صلة بين حظر انتشار الأسلحة النووية واتفاق "أوكوس" للغواصات النووية، الذي أُبرم سبتمبر الماضي، بين الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا، ما قد يضيف عقبة أخرى أمام محادثات فيينا المضطربة، التي ستُستأنف الاثنين.
وأضافت، في تقرير، أن بكين "قد تكون عنصراً أساسياً لنجاح أو فشل محادثات فيينا الرامية إلى إحياء الاتفاق النووي الإيراني مع القوى العالمية الموقع العام 2015، على الرغم من انتقادها واشنطن بسبب "سياسة الكيل بمكيالين".
وتُستأنف في فيينا، المحادثات بين إيران والدول الكبرى الاثنين المقبل، سعياً لإحياء الاتفاق المبرم مع طهران بشأن برنامجها النووي، بعد توقف دام خمسة أشهر.
صفقة الغواصة
وأوضحت "بلومبرغ" أن قرار المبعوث الصيني في الوكالة الدولية للطاقة الذرية هذا الأسبوع، يشير لإثارة مخاوف بكين مما تسمى صفقة الغواصة النووية Aukus بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأستراليا.
ووضع مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية الأربعاء بندًا جديدا بشأن (اتفاقية أوكوس) على أجندة أعماله، لمواجهة الشواغل الشديدة للمجتمع الدولي.
وقال وانغ تشوين، المبعوث الصيني لدى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية في فيينا: بناءً على الاقتراح الصيني، قرر المجلس "بتوافق الآراء وبإشعار قصير" وضع بند جديد على أجندة العمل بشأن نقل المواد النووية في إطار أوكوس وضماناته من جميع الجوانب وفقًا لـ(معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية).
ولفتت الشبكة الأمريكية، إلى أن إيران تتعرَّض للتهديد بالرقابة على منشآتها النووية، من قِبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لأنها غير قادرة على تفسير مصدر جزيئات اليورانيوم، التي تعود إلى عقود من الزمن، والتي اكتُشفت في منشآت غير معلنة.
وفي اتفاق أوكوس، يتعين نقل أكثر من طن من الوقود المستخدم في تصنيع القنابل إلى الغواصات الأسترالية، التي سيستغرق بناؤها وتشغيلها سنوات أو حتى عقودًا.
تساؤل صيني
وقال مبعوث الصين لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وانغ تشوين، في مذكرة اطلعت "بلومبرغ" عليها: "لماذا تمنع واشنطن وبريطانيا إيران من تخصيب عنصر اليورانيوم بنسبة تزيد على 3.7%، بينما تسعيان إلى نقل أطنان من المواد عالية التخصيب بنسبة 90% إلى شركة أوكوس؟ هذا مثال على الكيل بمكيالين".
وأضاف: "اتفاق أوكوس يشكل مخاطر جسيمة لانتشار الأسلحة النووية، إذ يمكن أن يدفع مزيدًا من الدول للتحول إلى البرنامج النووي"، لافتاً إلى أن إدراج الصين مخاوفها في اجتماع الوكالة هذا الأسبوع "يجب أن يكون بداية لعملية دولية جديدة للتدقيق في اتفاق أوكوس".
وكشفت الشبكة الأمريكية، أنه خلال جلسة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، جلس وانغ بجانب نظيره الروسي، السفير ميخائيل أوليانوف، في إحاطة مشتركة نادرة للقوتين، إذ ردد الممثل الروسي مخاوف وانغ.
خطة استراتيجية
من جانبها، قالت نادية حلمي، المحللة الأمنية التي تتعقب أنشطة بكين في الشرق الأوسط، لـ"بلومبرغ": إن "الصين طورت بمساعدة حليفتها روسيا، خطة استراتيجية في السنوات المقبلة تستند إلى دبلوماسية أكثر حزماً في الوكالة الدولية للطاقة الذرية".
وتابعت: "سواء نجحت مناورة الصين في التلاعب بصفقة أوكوس، التي بموجبها يمكن أن تظل الغواصات الأسترالية على بعد عقود، أم لا، فإن تحرك الوكالة هذا الأسبوع يخاطر بتعكير صفو محادثات إيران".
ويترقب الجميع استئناف المفاوضات في فيينا، بعد تعليقها منذ يونيو الماضي، بين إيران والقوى الكبرى المشاركة في الاتفاق النووي المبرم عام 2015، في محاولة لإنقاذه، ومع أن إيران تنفي أنها تسعى لامتلاك أسلحة نووية، إلا أن المخاوف من أن تشكل إيران خطر انتشار أسلحة نووية، كانت سبب توقيع القوى العالمية لاتفاق 2015.
وأعلن مدير الوكالة رفائيل جروسي، في اليوم الأول من اجتماعات مجلس محافظي الوكالة، إثر عودته من طهران، أن "المحادثات كانت بنّاءة، لكننا لم نتمكن من التوصل إلى اتفاق رغم كل جهودي".
تكامل إيراني صيني
وأوضحت "بلومبرغ" أنه مع ثاني أكبر احتياطي للغاز والنفط في العالم، تعمل إيران على تعزيز تكاملها مع بكين، للمساعدة في استبدال التجارة الخاضعة للعقوبات مع الاقتصادات الغربية، إذ انضمت طهران إلى منظمة شنغهاي للتعاون، وهو تحالف أمني اقتصادي تقوده الصين وروسيا عبر آسيا الوسطى، كما أبرمت إيران والصين اتفاقاً تجارياً مدته 25 عاماً، يحتمل أن تبلغ قيمته مليارات الدولارات.
وأضافت الشبكة الأمريكية، أنه في إطار ربط الجولة السابعة من محادثات فيينا باتفاق أوكوس، تعتمد بكين على جزء قليل من القانون النووي الدولي، الذي سُنّ خلال ذروة الحرب الباردة، والذي يسمح للدول بإعفاء اليورانيوم المخصب من عمليات التفتيش الدولية.
وحسب "بلومبرغ" استغلت بكين اتفاق أوكوس وراحت تحذر من اتفاقات مماثلة، إذ أشارت إلى أن السماح لأستراليا بالحصول على اليورانيوم المستخدم في صُنع الأسلحة لتزويد غواصاتها بالوقود، من المحتمل أن تفتح المملكة المتحدة والولايات المتحدة الباب أمام دول أخرى لفعل الشيء ذاته، ما يضعف نظام المراقبة العالمي.
القلق الحقيقي
واستبعدت شارون سكواسوني، مستشارة وزارة الخارجية الأمريكية السابقة بشأن حظر الانتشار النووي، الباحثة بجامعة جورج واشنطن، وجود قلق فعلي من اتفاق أوكوس، لأن أستراليا لا تحتاج لتحويل هذه المواد إلى انشطارية، إلا أنها شددت -في تصريحات لشبكة بلومبرغ- على أن المخاوف تأتي فقط من إيران، التي تنتج بالفعل اليورانيوم عالي التخصيب، فضلًا عن أنها قد تسعى أيضًا إلى امتلاك غواصات نووية.
وأشارت "بلومبرغ" إلى أنه في المحافل الدولية، مثل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، يعطي برنامج الصين الهائل للطاقة الذرية، اهتمامًا دبلوماسيًا كبيرًا، نظرًا لأن بكين تخطط لامتلاك ما لا يقل عن 150 مفاعلًا جديدًا في الخمسة عشر عامًا المقبلة، ستكلف ما يصل إلى 440 مليار دولار، ما يضعها في مكانة متجاوزة الولايات المتحدة كأكبر مولد للطاقة النووية في العالم.
وتعليقًا على ذلك، قالت نادية حلمي، المحللة الأمنية للشبكة الأمريكية: "تهدف الصين إلى زيادة تأثيرها في المنظمات الدولية، بما في ذلك الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لإحداث توازن جديد للقوى، ومحاولة لتقييد النفوذ الأمريكي والحد منه".