عراقيون عائدون من بيلاروسيا.. لم نفقد أمل الوصول لأوروبا
أعاد العراق دفعة ثانية تضم أكثر من 600 من العراقيين، الذين سعوا لدخول الاتحاد الأوروبي عبر بيلاروسيا، الجمعة.

ترجمات – السياق
رغم فشل العديد من العراقيين العائدين من بيلاروسيا، في الوصول إلى دول الاتحاد الأوروبي، وما تعرَّضوا له من ضرب وجوع، فإنهم لم يفقدوا الأمل في إعادة المحاولة للوصول إلى أوروبا، بحسب صحيفة نيويورك تايمز.
وأعاد العراق دفعة ثانية تضم أكثر من 600 من العراقيين، الذين سعوا لدخول الاتحاد الأوروبي عبر بيلاروسيا، الجمعة.
وروت صحيفة نيويورك تايمز، تفاصيل وصول العراقيين إلى مطار أربيل، وكيف استقبلتهم أسرهم بالدموع، بعد أن حطت رحلتان عارضتان للخطوط الجوية العراقية، قبل الفجر في عاصمة إقليم كردستان، ثم توجهت إلى العاصمة العراقية بغداد.
رحلة شاقة
ونقلت "نيويورك تايمز" عن أحد المهاجرين العائدين، يدعى شاهو عمر، 27 عامًا، قوله إنه وأصدقاءه كانوا يحاولون الوصول إلى ألمانيا ثم ذهبوا إلى بريطانيا، لكنهم تخلوا عن خططهم، بعد أن علموا بوفاة ما لا يقل عن 27 مهاجرًا في محاولة فاشلة لعبور القنال الإنجليزي، من فرنسا إلى بريطانيا، في قارب مطاط (قابل للنفخ).
وأضاف: "ما حدث لهم كان يمكن أن يحدث لنا، لقد صُدمنا" ، مشيرًا إلى أن المعاملة القاسية من شرطة الحدود البيلاروسية والطائرة المجانية التي قدمتها السلطات العراقية إلى الوطن، أقنعتاه وغيره بالعودة.
وقال: "أخذت الشرطة البيلاروسية نقودنا وهواتفنا، وطعامنا، ثم عادوا لاحقًا وعرضوا بيعهم لنا مرة أخرى، لكن للأسف لم يكن لدينا ما يكفي من المال لإعادة شرائها".
أزمة هجرة
وأوضحت "نيويورك تايمز" أن آلاف العراقيين، وكثيرون منهم أكراد، علقوا في أزمة هجرة جديدة إلى أوروبا.
وأشارت إلى أن الاتحاد الأوروبي يتهم المسؤولين في بيلاروسيا، بتسريع الأزمة من خلال تخفيف قواعد التأشيرات الصيف الماضي، وتشجيع طالبي اللجوء اليائسين على الذهاب إلى حدود الاتحاد الأوروبي، موضحة أنهم دُفع بهم عبر الحدود، في محاولة لمعاقبة الكتلة الأوروبية، لفرضها عقوبات على ألكسندر جي لوكاشينكو، الرئيس البيلاروسي.
كان لوكاشينكو -الذي قاد البلاد ثلاثة عقود- هدد الاتحاد الأوروبي في مايو بـ"إغراق" الدول الأعضاء بالمهاجرين، بعد فرض عقوبات أوروبية عليه، عقب إسقاط طائرة تحمل منشقًا بيلاروسيًا بالقوة.
وأضافت الصحيفة الأمريكية، أنه بمجرد وصولهم إلى بيلاروسيا، تقطعت السبل بالعديد من المهاجرين في غابات المنطقة، من دون مأوى من البرد مع نفاد الطعام والماء، مشيرة إلى أنهم في بعض الأحيان، دُفعوا إلى مواجهات خطيرة أثناء محاولتهم الوصول إلى بولندا أو ليتوانيا أو لاتفيا، وجميعهم أعضاء في الاتحاد الأوروبي.
ترحيل إجباري
ونقلت "نيويورك تايمز" عن بعض المهاجرين تأكيدهم أنهم رُحلوا من بيلاروسيا بالقوة.
وفي العراق، قالت وزارة النقل إنها أعادت 608 أشخاص، عبر رحلتين يوم الجمعة، ليصل مجموع من أعادتهم إلى 1038 عراقيًا من العاصمة البيلاروسية مينسك، بعد رحلة إجلاء أولية في 18 نوفمبر.
لكن -حسب الصحيفة الأمريكية- ليس من الواضح كيف سيوافق العديد من المهاجرين المتبقين في بيلاروسيا على المغادرة طواعية، إذ يقول البعض إنهم قد يرغبون في البقاء، بعد أن اقترضوا آلاف الدولارات لدفع أموال للمهربين للوصول إلى هناك.
وقالت وزارة الخارجية العراقية، إنها قررت تسيير رحلتين أخريين للإجلاء من مينسك مساء الجمعة المقبل، إلى أربيل وبغداد، ما يرفع العدد الإجمالي للعائدين طوعًا إلى ما يقرب من 2000 شخص.
ويقول المهاجرون العراقيون، إنهم يائسون للفرار من بلد لا يرون فيه مستقبلاً، حيث تندر الوظائف وينتشر الفساد.
حياة صعبة
عمر، كردي، جاء من مدينة كركوك التي تقع في قلب حقول النفط شمالي العراق، وهي منطقة متنازع عليها، يطالب بها العرب والأكراد والتركمان، يقول إن الحياة أصحبت صعبة هناك، بعد أن استعاد الجيش العراقي المدينة من القوات الكردية قبل أربع سنوات.
وقال: "إذا وجدت طريقًا أفضل وآمنًا، سأحاول بالتأكيد مرة أخرى... في الوقت الحالي لا توجد طرق، ولهذا السبب عدت".
بينما قال مهاجر آخر يدعى أحمد (22 عامًا) وهو أيضًا من أربيل لـ "نيويورك تايمز" إنه ما زال يخطط لمحاولة الوصول إلى بريطانيا، لكنه سينتظر حتى الصيف المقبل، ويجرب الطريق البحري من تركيا إلى اليونان.
وتشير الصحيفة الأمريكية إلى أنه كان يرتدي سترة سوداء مع غطاء للرأس، متكئًا على عكاز وهو يتحدث، وأضاف أن ساقه كُسرت عندما ضربته القوات البيلاروسية، وهاجمته كلاب الحراسة بالقرب من الحدود، لكنه أوضح أنه لم يستطع الحصول على علاج لإصاباته، لأن تأشيرته انتهت صلاحيتها.
وتابع: "سأظل أحاول العودة عبر بحر إيجه" ، في إشارة إلى طريق التهريب من تركيا إلى اليونان، مضيفًا: "حتى بعد كل ما مررت به، سأعود لأن الوضع أسوأ هنا"، ثم أخفض صوته وهمس لمراسل صحيفة نيويورك تايمز قائلًا: "أنت تعرف لمن هذا المكان"، في إشارة إلى العائلات القوية، التي تسيطر على إقليم كردستان، متابعًا: "هذا ليس لنا".
15 ألف مهاجر
من جانبها، قالت نائبة رئيس المفوضية الأوروبية، مارجريتس شيناس، إن الاتحاد الأوروبي يقدر عدد المهاجرين غير القانونيين العالقين حاليًا فى بيلاروسيا بنحو 15 ألفًا، وسط وجود 2000 مهاجر على الحدود مع الاتحاد الأوروبي.
بينما سجلت بولندا منذ بداية العام، أكثر من 37000 محاولة عبور غير قانوني للحدود ، وفقًا لحرس الحدود البولنديين.
وقالت الشرطة البولندية، إن 230 مهاجرًا اخترقوا السياج الحدودي، بمساعدة حرس الحدود البيلاروسيين ليلة الأربعاء، لكنهم أعيدوا مرة أخرى، مشيرة إلى أنه ألقي القبض على أكثر من 300 كانوا يحاولون العبور يوم الثلاثاء.
وأفادت تقارير إعلامية بولندية، بأن نحو 100 رجل محتجزون في منشأة للمهاجرين المحتجزين، الذين عبروا الحدود، قاموا بأعمال شغب، مطالبين بالإفراج عنهم، وقال حرس الحدود البولنديون إن الوضع تحت السيطرة.
وذكرت التقارير الإعلامية، أن هؤلاء خرجوا من المبنى الذي احتجزوا فيه يهتفون "الحرية" وأنهم يريدون الوصول إلى ألمانيا، حيث حاولوا اختراق السياج وحطموا نوافذ المنشأة وأشعلوا الحرائق.
وأشارت "نيويورك تايمز" إلى أن نحو نصف الـ 600 شخص المحتجزين في المنشأة، الموجودة في ساحة تدريب عسكرية في قرية فيدرزين الحدودية، عراقيون.
وصرح الرئيس البولندي أندريه دودا للصحفيين، بأن النظام البيلاروسي غيَّـر أسلوبه، وأن السلطات نقلت المهاجرين إلى مستودعات أكثر دفئًا، وسمحت لهم بمحاولة عبور الحدود، في مجموعات أصغر خلال الليل.