لماذا تعد رحلة بايدن إلى الشرق الأوسط ضرورية؟
قد يحصل الرئيس بايدن على تعهد من السعوديين بفتح مجالهم الجوي أمام الطائرات الإسرائيلية التي تسافر إلى آسيا

ترجمات - السياق
رأت صحيفة لوس أنجلوس تايمز الأمريكية، أن زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى الشرق الأوسط -المقررة هذا الأسبوع- قد تعد تراجعًا عن ادعاءاته، أثناء حملته الانتخابية الرئاسية، بأنه سيقلل تركيزه على الشرق الأوسط.
ويبدأ بايدن -هذا الأسبوع- جولة إلى الشرق الأوسط، يزور فيها إسرائيل والمناطق الفلسطينية والسعودية، في رحلة قد يشعر فيها بتغيير التحالفات ويضطر إلى الالتفاف على مواضيع معينة، لعل أبرزها علاقة إدارته بالرياض.
كانت زيارة بايدن الأخيرة إلى إسرائيل، عندما كان نائبًا للرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما عام 2016، ومنذ ذلك الحين شهدت المنطقة تغييرًا جذريًا واحدًا على الأقل، حيث وقَّعت إسرائيل والإمارات والبحرين ودول أخرى، في جامعة الدول العربية، اتفاقيات تطبيع، تعرف بـ"اتفاقات أبراهام"، في عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.
سبب الرحلة
وبينت "لوس أنجلوس تايمز"، في افتتاحيتها، أنه على مدى الثلاثين سنة الماضية، زار الرؤساء الأمريكيون الشرق الأوسط 56 مرة، لافتة إلى أن الرئيس جورج دبليو بوش يحمل الرقم القياسي بنحو 20 رحلة.
وأوضحت أنه غالبًا ما كانت هناك أسباب مهمة لهذه الرحلات، سواء كانت زيارة القوات في الميدان، أم إقامة السلام، أم التماس الدعم لمحاربة الإرهاب، أم دعم النظام الذي تقوده الولايات المتحدة في المنطقة.
ومع ذلك -تضيف الصحيفة- في حالة الرئيس بايدن، لا يزال من غير الواضح سبب سفره إلى إسرائيل وفلسطين والمملكة العربية السعودية هذا الأسبوع.
وأشارت إلى أنه خلال حملة الانتخابات الرئاسية لعام 2020، أوضح مستشاروه أن إدارة بايدن ستقلل من التركيز على الشرق الأوسط، لافتة إلى أنه بمجرد توليه منصبه، أعلن أن القيم الأمريكية ستكون مركزية في سياسته الخارجية.
وتعليقًا على ذلك، رأت الصحيفة أن زيارة بايدن إلى المنطقة -هذا الأسبوع- تقوِّض هذين الادعاءين، وهو ما يجعل الأمور أسوأ، ومن الصعب فهم سبب هذه الرحلة.
جدول الأعمال
وبالانتقال إلى جدول الأعمال، كشفت "لوس أنجلوس تايمز" أن من البنود المدرجة على جدول أعمال بايدن -أثناء وجوده في المملكة العربية السعودية- تعزيز الأمن والتعاون الإقليمي.
وأوضحت أنه رغم أن الولايات المتحدة تلعب دورًا في اللحاق بالركب في هذه القضية، فإن السعوديين والإماراتيين والبحرينيين (والمصريين والأردنيين بدرجة أقل) توصلوا إلى إجماع على التهديدات الإقليمية مع خصومهم السابقين الإسرائيليين، بعيدًا عن واشنطن، بسبب تغيرات جوهرية، مثل مواجهة توسع النفوذ الإيراني بالمنطقة.
ورغم الغياب الأمريكي عن المنطقة، فإن الصحيفة الأمريكية، رأت أن لدى واشنطن أرضية لتعويضها، لافتة إلى أن جهودها لتعزيز التغيير الديمقراطي في المنطقة -بالعراق ومصر وفلسطين وليبيا وأفغانستان، من أماكن أخرى- أثارت مخاوف بين شركائها، من أن السياسات الأمريكية المتشددة تعمل على تعزيز الآفاق السياسية للإسلاميين، كما رفضت الدول العربية وإسرائيل، دعم الجهود الأمريكية لإقامة علاقة جديدة مع إيران، من خلال الاتفاق النووي لعام 2015.
اليوم -تضيف الصحيفة- إسرائيل والقادة العرب على استعداد لقبول استعادة القيادة الأمريكية للمنطقة، لكنهم يبحثون عن أكثر من مجرد كلمات من الرئيس بايدن، مشددة على أنهم يرغبون في أمرين مهمين جدًا (نهاية المفاوضات مع إيران، وشراء أسلحة أمريكية أكثر تطورًا).
وحسب الصحيفة، هناك معضلة تواجه هذا التحدي، أن الالتزام الأمني الجديد -الذي يتضمن مبيعات الأسلحة- يتطلب موافقة الكونغرس، إذ قد يعيق الديمقراطيون صفقات مبيعات الأسلحة لدول المنطقة تحت دعوى (حقوق الإنسان)، أما بالنسبة لإيران، فما زال التقدميون في الكابيتول هيل يريدون العودة إلى الاتفاق النووي، رغم تعنُّت إيران في المفاوضات ونشاطها المزعزع للاستقرار في المنطقة.
وأشارت الصحيفة، إلى أن مبيعات الأسلحة والضمانات الأمنية للمملكة العربية السعودية -على وجه الخصوص- قد تصبح أكثر قبولًا داخل الكونغرس، لأنها تخدم السياسة الأمريكية الهادفة لجعل إسرائيل أكثر تطبيعًا في المنطقة.
لكن ذلك يتوقف أيضًا -حسب الصحيفة- على طبيعة موقف الحزب الديمقراطي من دعم إسرائيل، مشيرة إلى أن الإجماع بين الحزبين -الجمهوري والديمقراطي- الذي منح الإسرائيليين دعمًا لا جدال فيه داخل الكونغرس لعقود من الزمان، بدأ يتلاشى في السنوات الأخيرة.
اندماج إسرائيل
وعادت "لوس أنجلوس تايمز" لتؤكد أن "اندماج إسرائيل" في المنطقة قد اتخذ منطقًا خاصًا به، منفصلًا عن أي جهد دبلوماسي تبذله الولايات المتحدة في هذه القضية.
واستشهدت الصحيفة، بقمة النقب في مارس الماضي، مشيرة إلى أنه رغم مشاركة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين ، فإن اجتماع وزراء الخارجية الإسرائيليين والبحرينيين والإماراتيين والمغاربة والمصريين لم يحدث بسبب قيام الولايات المتحدة بدفعه، لكن لأن الجهات الفاعلة الإقليمية أرادت البناء على العلاقات القائمة وصياغة روابط جديدة.
ووصفت الصحيفة الأمر -اجتماع المسؤولين العرب مع نظرائهم في إسرائيل من دون تدخل أمريكي- بأنه (تطور إيجابي).
وأمام ذلك، بينت الصحيفة أن هناك تكهنات بأنه أثناء وجوده في المملكة العربية السعودية، قد يحصل الرئيس بايدن على تعهد من السعوديين بفتح مجالهم الجوي أمام الطائرات الإسرائيلية التي تسافر إلى آسيا، والتي ستكون خطوة مهمة أخرى نحو السلام الإقليمي.
ومع ذلك -تضيف الصحيفة- تتطلب الخطوات الإضافية نحو التطبيع بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية، إحراز تقدم في الصراع بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وهي قضية لم يُظهر البيت الأبيض اهتمامًا كبيرًا بها.
حل الدولتين
وتوقَّعت افتتاحية "لوس أنجلوس تايمز" أن يعبَّــر بايدن -أثناء زيارته لبيت لحم ولقائه الزعيم الفلسطيني محمود عباس- عن دعمه لحل الدولتين، إلا أنها أشارت إلى أن تلك قد لا تكون اللحظة المناسبة لهذا الأمر، بسبب غضب الفلسطينيين من الطريقة التي تعاملت بها إدارة بايدن مع قتل الصحفية الفلسطينية الأمريكية شيرين أبو عاقلة.
وبينت أنه بدلاً من إجراء تحقيق شامل في ما حدث -بالاستفادة من خبرة مكتب التحقيقات الفيدرالي- أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية، بيانًا شفافًا يشير إلى أنه رغم إطلاق الجنود الإسرائيليين النار على أبو عاقلة، فإن واشنطن لا يمكنها رسم استنتاج نهائي عن المذنب.
ورأت الصحيفة الأمريكية، أن زيارة بيت لحم قد تكون أصعب جزء في رحلة بايدن إلى المنطقة، لولا زيارته إلى المملكة العربية السعودية، البلد الذي تعهد بجعله "منبوذاً" خلال حملته الانتخابية.
وأشارت إلى أن بايدن -مدفوعًا بأرقام استطلاعات الرأي المنخفضة وأسعار الغاز المرتفعة- يبذل كل ما في وسعه لتخفيف آلام الأمريكيين، لافتة إلى أن ذلك يعني أن لقاءه مع القيادة السعودية -بمن في ذلك ولي العهد الأمير محمد بن سلمان- سيناقش خلاله قدرة السعودية على طرح المزيد من النفط في السوق لخفض السعر.
ورأت الصحيفة الأمريكية، أنه بعد أن تنازل عن تأكيده المعلن على القيم الأمريكية، قد يتعلم الرئيس بايدن أن السعوديين ليس لديهم قدرة كبيرة على إنتاج المزيد من النفط في الوقت الحالي، ومن ثمّ "إجمالًا، قد لا تكون هذه اللحظة المناسبة لأن يذهب الرئيس إلى المنطقة".
ورأت أن بايدن -برحلته إلى الشرق الأوسط- يخاطر بأن يبدو كأنه بطيء في فهم الديناميكيات الإقليمية، وغير مخلص وضعيف، على عكس ما يفترض أن تحققه هذه الرحلة الرئاسية المهمة.