منتدى دافوس.. 2023 عام الأزمة و5 مخاطر تواجه العالم

المنتدى يناقش الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية وسط النقص والتضخم والمعارضة المتزايدة

منتدى دافوس.. 2023 عام الأزمة و5 مخاطر تواجه العالم

ترجمات - السياق

«القمة ستركز في عودة عمل أعضائها على أجندة مناخ تقدمية وعدالة اجتماعية في خضم أزمات غير مسبوقة»، بهذه الكلمات، أعلن رئيس منتدى دافوس الاقتصادي العالمي كلاوس شواب، بدء الاجتماع السنوي الثالث والخمسين للقادة السياسيين والمديرين التنفيذيين للشركات والناشطين في دافوس بسويسرا.

كلاوس قال إن شعار اجتماع دافوس هو «التعاون في عالم مجزأ»، في ما يسميه المنتدى الاقتصادي العالمي «عام الأزمة المتعددة»، مشيرًا إلى أن «الأزمات الاقتصادية والبيئية والاجتماعية والجيوسياسية تتقارب وتتداخل، ما يشكل مستقبلًا شديد التنوع وغير مؤكد».

ورغم أن رئيس منتدى دافوس الاقتصادي حذر من استمرار الأزمة، قائلا: «نحن جميعًا عالقون في الأزمة»، فإنه طمأن الحاضرين بأن «الاجتماع السنوي في دافوس سيحاول التأكد من أن القادة لن يظلوا محاصرين في هذه الأزمة، بل سيطورون منظورًا بنّاءً طويل المدى لتشكيل المستقبل بطريقة أكثر استدامة وشمولية ومرونة».

وتقول صحيفة إيبوك تايمز الأمريكية، إن قمة المنتدى الاقتصادي العالمي هذه تتميز بإقبال قياسي من المسؤولين الحكوميين والشركات، مشيرة إلى أنه يحضرها 379 مسؤولاً، بينهم 30 رئيس دولة و56 وزير مالية و19 محافظاً مصرفياً مركزياً و39 رئيس منظمة عالمية، بما في ذلك الأمم المتحدة وصندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية.

وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أنه سيحضرمنتدى دافوس -كذلك- 1500 مدير تنفيذي من 700 شركة، بمن في ذلك 600 مدير تنفيذي من أكبر الشركات في العالم.

وعن ذلك، قال بورج بريندي، أحد المديرين الإداريين العديدين للمنتدى الاقتصادي العالمي: «لدينا اللاعبون الرئيسون على مستوى العالم للتعاون حتى في هذا العالم الممزق»، مشيرًا إلى أن المنتدى الاقتصادي العالمي يتوقع حضور وفد صيني رفيع المستوى.

 

جدول الأعمال

يركز جدول أعمال منتدى دافوس الاقتصادي هذا العام على مضاعفة الجهود للتحول إلى الطاقة المتجددة، وتدوين المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة (ESG)، وبناء اقتصادات شاملة ومستدامة، وإرساء عدالة التنوع.

«كيف نبني النمو الشامل والمستدام والمرن؟»

سألت سعدية زهيدي، العضو المنتدب للمنتدى الاقتصادي العالمي، مضيفة: «يجتمع قادة من القطاعين العام والخاص للإجابة عن هذا السؤال، وتصميم إطار عمل، والتوافق على هذا البرنامج الجديد».

زهيدي قالت إن الحاضرين سيضعون أيضًا سياسة في ما يتعلق «بأجندة رأس المال البشري»، مشيرة إلى أنه «بلا استثمارات كافية في المهارات والتعليم، لا يمكن لأي من هذه الفرص أن تنجح، ولن تكون لدينا المرونة المجتمعية اللازمة للاستعداد للصدمات المستقبلية الحتمية».

 

5 مخاطر

وعن «الأزمة المتعددة»، تقول صحيفة إيبوك، إن المنتدى الاقتصادي العالمي حصر التهديدات التي تواجه العالم، مشيرة إلى أن المخاطر الخمسة الأولى على المدى القصير، كانت: «أزمة تكلفة المعيشة، والكوارث الطبيعية والطقس القاسي، والمواجهة الجغرافية الاقتصادية، والفشل في التخفيف من تغير المناخ، وتآكل التماسك الاجتماعي والاستقطاب المجتمعي».

وأشار تقرير المنتدى الاقتصادي إلى أنه بالنظر إلى ما هو أبعد من ذلك، فإن «المخاطر الأربعة الأكثر خطورة على مدى السنوات العشر المقبلة كلها بيئية».

وعن سبل تنفيذ «التنوع والإنصاف والشمول» (DEI) فإن التقرير ذكر أنه رغم إنفاق 7.5 مليار دولار على برامج إعادة تعليم DEI، التي سترتفع إلى 15.4 مليار دولار بحلول عام 2026، فقد تسبب الوباء بخسارة الأجيال في المساواة بين الجنسين، ما أدى إلى زيادة الوقت المتوقع للوصول إلى التكافؤ العالمي من 100 عام إلى 132 عامًا.

 

طموحات على المحك

وفي حين أن القمم السابقة للمنتدى الاقتصادي العالمي لم تواجه معارضة خارجية تذكر، من المحتمل أن تعقد قمة هذا العام في عالم أكثر انقسامًا، بحسب «إيبوك» التي قالت إن التشرذم لا يشمل فقط الحرب بين روسيا وأوكرانيا، والتوترات المتصاعدة بين الولايات المتحدة والصين، بل -أيضًا- المعارضة داخل الدول التي تعهدت بالولاء لأجندة المنتدى الاقتصادي العالمي.

فما كان إجماعًا موحدًا في الكواليس، لدعم أجندة الممارسات البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات (ESG) للمنتدى الاقتصادي العالمي، جرى الانقلاب عليه وتحديه، لا سيما في الولايات المتحدة، بحسب الصحيفة الأمريكية، التي قالت إن الدول المحافظة تراجعت عن التشريعات المناهضة للحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية.

وقال حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتيس: «كل هؤلاء النخب يحضرون إلى المنتدى الاقتصادي العالمي ورؤيتهم في الأساس أنهم يديرون كل شيء وكل شخص آخر، كأنهم عبيد».

المسؤول الأمريكي قال إن أجندة الطاقة والعدالة الاجتماعية للمنتدى الاقتصادي العالمي «تُضعف المجتمع والقيم الغربية»، زاعمًا أن «الحزب الشيوعي الصيني يقف وراء كثير من ذلك».

التحديات لم تكن غربية فقط، بحسب الصحيفة الأمريكية، التي قالت إن أوروبا تشهد بعض الاحتكاكات، ففي إيطاليا، وصل حزب «إخوان إيطاليا» المحافظ إلى السلطة الخريف الماضي تحت قيادة جورجيا ميلوني، التي حظر «يوتيوب» خطابها رئيسة للوزراء بزعم «الخطأ». وفي السويد، فاز تحالف محافظ بقيادة حزب المعتدلين بأغلبية في البرلمان.

وينبع كثير من مقاومة الطموحات العالمية للمنتدى الاقتصادي العالمي، من حقيقة أن الناس بدأوا الشعور بآثار أجندة الممارسات البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات ESG، بحسب صحيفة إيبوك، التي قالت إن الجهود المتضافرة ضد الوقود الأحفوري، أدت إلى نقص الوقود وارتفاع الأسعار، ما ألقى بثقله على صناعات أخرى مثل الزراعة والتصنيع والنقل، وأدى في النهاية إلى تضخم قياسي في متاجر البقالة وفي محطات التزود بالوقود.

 

إنفاق حكومي متزايد

وتقول الصحيفة الأمريكية، إن التضخم زاد الإنفاق الحكومي التدريجي على البرامج الاجتماعية، ومدفوعات التحفيز، وإعانات الطاقة المتجددة، ما أجبر البنوك المركزية، لا سيما بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، على رفع أسعار الفائدة طوال عام 2022، بشكل أدى إلى ارتفاع تكلفة الديون ويهدد بدفع الاقتصاد العالمي إلى الركود.

واعترف المدير الإداري للمنتدى الاقتصادي العالمي ميريك دوسيك بأن هذه القضايا وضعت جدول أعمال الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات في موقف دفاعي.

وأضاف دوسيك: «لقد نشرنا كثيرًا من الإجراءات الدفاعية ردًا على بعض هذه الأزمات المتتالية التي ظهرت في النظام الدولي، متسائلًا: كيف نمضي قدمًا ونصيغ وننفذ استراتيجيات أعمال وسياسات حكومية قائمة على الرؤية وموجهة نحو المستقبل، يمكن أن تساعدنا في أن نكون أكثر مرونة؟

على هذا المنوال، تسعى قمة دافوس أيضًا إلى تعزيز الرواية القائلة إن هذه المشكلات نتيجة لتغير المناخ، بحسب مدير المنتدى الاقتصادي العالمي جيم هواي نيو، الذي قال إن «تغير المناخ وانهيار النظام البيئي أكبر التهديدات التي تواجه البشرية».

 

مجابهة التهديدات

وتركز محاولات مجابهة التهديدات الخمسة التي تواجه البشرية على «الوصول إلى الحياد الصفري، وبناء اقتصاد صديق للبيئة، وتجديد أنظمة الغذاء والمياه والمحيطات، واعتماد الاقتصاد الدائري، ومعالجة النفايات والتلوث».

وتقول «إيبوك»، إن العام الماضي حمل المزيد من الأدلة على أن أجندة الممارسات البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات ESG  قد تكون متعثرة، فمديرا الأصول BlackRock و State Street، اللذان وقَّعا تعهدات بإجبار الشركات التي يمتلكان أسهمها، على التحرك نحو الانبعاثات الصفرية، نفيا -بشكل قاطع- في ديسمبر 2022 في جلسة استماع بمجلس الشيوخ بولاية تكساس، أنهما استخدما سلطتهما كمساهمين للتأثير في الإدارة نحو أهداف ESG.

وفي الوقت نفسه، انسحبت مجموعة فانغارد، ثالث مديري الأصول «الكبار الثلاثة»، من عضويتها في مبادرة «صافي الانبعاثات الصفري»  (NZAM).

 

تراجع جذري

وفي مواجهة استفسارات ومقاطعات من ولايات محافظة أخرى في ما يتعلق بالتمييز ضد شركات الوقود الأحفوري، أعربت أغلبية بنوك وول ستريت أيضًا عن دعمها لصناعة النفط والغاز.

وبينما أنفقت الولايات المتحدة، في ظل إدارة بايدن، مبالغ كبيرة على دعم محطات الرياح، والطاقة الشمسية، والسيارات الكهربائية، وألقت عديد العقبات التنظيمية في طريق صناعة الوقود الأحفوري، بحثت المحاكم -في كثير من الأحيان- جهود البيروقراطية الفيدرالية لوضع السياسة الصناعية.

وفي هذا الإطار، نص قرار المحكمة العليا الأمريكية، في قضية وست فرجينيا ضد وكالة حماية البيئة، على أن الكونغرس فقط هو الذي يمكنه وضع قوانين لهذه القضايا المهمة.

 

رياح معاكسة

مع ذلك، أشاد كلاوس «بالدور المتزايد للدولة في الصناعة الخاصة»، قائلًا: «المنتدى الاقتصادي العالمي هو المنظمة الدولية للتعاون بين القطاعين العام والخاص»، مشيرًا إلى أن «هذا التعاون أصبح أكثر أهمية، لكن قد تكون هناك رياح معاكسة في ما يتعلق بهذا التعاون».

وازدادت المخاوف بشأن تعاون الحكومة والشركات بشكل وثيق، من خلال الكشف الأخير عن أن مكتب التحقيقات الفيدرالي تواطأ مع «تويتر» لفرض رقابة على التقارير الإخبارية، التي كان من الممكن أن تضر بالحملة الانتخابية للرئيس جو بايدن.

 

شكوك متزايدة

وتضم قائمة ضيوف دافوس هذا الأسبوع، مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي كريستوفر راي ومدير المخابرات الأمريكية أفريل هينز، رغم أنه من غير الواضح ما هي المساهمة التي ستقدمها وكالات إنفاذ القانون والاستخبارات الأمريكية لما يبدو أنه مؤتمر اقتصادي.

وتقول «إيبوك»، إن هناك شكوكا متزايدة في توسيع دور الدولة بالسياسة الصناعية وتوجيه إنتاج الطاقة، بعد هروب أوروبا من تقنين الطاقة هذا الشتاء بفضل الطقس الدافئ غير المعتاد، إضافة إلى أن سمعة الخبراء الحكوميين لم تكن عند المستوى المأمول، بسبب سوء الإدارة المدمر لجائحة كورونا، بما في ذلك الإغلاق والرقابة ومحاولة إجبار الشركات على طرد الموظفين الذين رفضوا لقاح كورونا.

 

أجندة ثورية

وتعد أجندة 2023 خروجًا عن قمة المنتدى الاقتصادي العالمي لعام 2021، التي كان موضوعها «إعادة التعيين الكبرى»، أو الثورة الصناعية الرابعة، أو الوضع الطبيعي الجديد، أو الصفقة الخضراء الجديدة، في مصطلح لم يحظ -منذ ذلك الحين- بتأييد.

وتقول «إيبوك»، إن المنتدى الاقتصادي العالمي يسلط الضوء على الحاجة إلى «استعادة الثقة»، لكن يبقى أن نرى ما إذا كان ذلك يعني تعزيز العلاقات بين أولئك المدرجين في قائمة المدعوين، أو يشمل أيضًا ثقة الجمهور الأوسع، الذي يبدو أنه ليس له دور أو تصويت بالقرارات المتخذة في دافوس.

وفي تغريدة بخصوص القمة، قال الملياردير إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة سبيس إكس: «أعتقد أن هناك فائدة من وجود منتدى حكومي وتجاري مختلط من نوع ما. إن المنتدى الاقتصادي العالمي يعطيني نوعًا ما من الوصايا، لكنني متأكد من أن كل شيء على ما يرام».