هل تشعل الأزمة الأوكرانية شرارة الحرب العالمية الثالثة؟

جميع الأطراف مدينون لأنفسهم ومواطنيهم وللعالم بتجنُّب نزاع مسلح يمكن تصعيده ليصبح حربًا عالمية ثالثة.

هل تشعل الأزمة الأوكرانية شرارة الحرب العالمية الثالثة؟

ترجمات - السياق

حذر الجنرالان الأمريكيان المتقاعدان ديل ديلي وجيمس فارويل، من خطورة تأثير الأزمة الأوكرانية الحالية في إمكانية شن حرب عالمية ثالثة، قائلين إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأمريكي جو بايدن، بحاجة شديدة إلى تجنُّب هذه الحرب.

وأضاف الجنرالان، في تحليل بمجلة ناشونال إنترست الأمريكية، أن ما يحتاجه الطرفان، هو تبني استراتيجية كبرى، تعيد تحديد العلاقات بين الغرب وروسيا، وتعطي كل منهما ما تحتاجه مصالحه الأمنية، فضلًا عن ضرورة تجنُّب هذا الصراع، الذي قد يتصاعد إلى حرب عالمية ثالثة.

وتابعا: "يتمثل أحد الجوانب الرئيسة لموقف الولايات المتحدة، في التوقف عن الرد على تهديدات بوتين، والتحول إلى الموقف الاستباقي لحل الأزمة، واقتراح أفكار قابلة للتنفيذ تعمل لصالح جميع الأطراف".

 

تجنُّب الحرب

ورصد الجنرالان اللذان كان أحدهما (ديلي) قائدًا للعديد من وحدات العمليات الخاصة الأمريكية، كما رأس جهود مكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية الأمريكية، بينما كان الآخر (فيروال) مستشار العمليات الخاصة الأمريكية ووزارة الدفاع، الاستراتيجيات التي أشارا إلى أنها يمكن أن تناسب جميع الأطراف، حتى يجدوا أرضية مشتركة لتجنُّب الحرب، مطالبين بضرورة تجاوز الشخصيات وتحقيق توازن، للتوصل إلى نظام مستقر في أوروبا، متجذر في العلاقات طويلة الأمد بين دولة وأخرى.

وأضاف الجنرالان: "تدفع القومية والغطرسة بوتين إلى رغبته في استعادة نفوذ روسيا وسيطرتها على مجالاتها السابقة، كما ينظر إلى الثورة التي أطاحت الحكومة الموالية لروسيا في أوكرانيا، بأنها ثورة ملونة برعاية الولايات المتحدة، التي تشكل جزءًا من مخطط لإطاحته، لذا فإن الحفاظ على النظام الهدف الأول لبوتين، وفي حين أنه يمارس التضليل، فإن مخاوفه تساعد في تفسير تكتيكاته".

وقال الجنرالان إن التوصل لإطار عمل مستقر بين روسيا والغرب، يتطلب تأكيدات بأن أوكرانيا وجورجيا لن تصبحا عضوين في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، إذ لا تتمتع هذه الدول بأي حق في الانضمام إلى الحلف، كما لا تتطلب المصالح الأمنية الغربية جعلها أعضاء فيه، ومن الممكن أن تقبل كييف وضعًا مماثلًا للنمسا، التي تعد دولة ديمقراطية، تتعامل مع جميع الأطراف وتحافظ على استقلالها، ومثل هذا الوضع لن يضر الغرب، وسيزيل التهديد الذي يشكو منه بوتين.

 

تدخل في شؤون الدول

وفقًا للجنرالين، فإن بوتين يريد أن تتجنب الولايات المتحدة التدخل في السياسة الداخلية الروسية، وهو ما اعتبراه أمرًا حقيقيًا قائلين: "لا توجد دولة تتدخل في سياسات الدول الأخرى، بقدر ما تتدخل الولايات المتحدة، ولذا فإنه قد تكمن إحدى طرق المضي قدمًا في الاتفاق المتبادل، أن يتوقف الغرب وروسيا، عن التدخل في الشؤون الداخلية لبعضهما".

ويود بوتين إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، لكن عليه أن يكون واقعياً في ذلك، بعد هزيمة الفساد وفشل الشيوعية السوفييتية وليس الغرب، وقد تمكن الرئيس الروسي من قيادة روسيا إلى التقدم الاقتصادي في الجزء الأول من ولايته، لذا فإن عليه إدراك أن هذا السجل ينير طريقه للمضي قدمًا، وليس لشن صراع مسلح، حسب الجنرالين.

وتابعا: "يريد بوتين أن يحظى بالاحترام، كقوة عظمى مساوية للغرب، لكن التاريخ يحمل ذكريات مؤلمة بالنسبة إليه، إذ يشعر بأن الغرب يرفض الاعتراف بأن موسكو خاضت معظم الحروب البرية ضد ألمانيا خلال الحرب العالمية الثانية، وتكبدت أكبر عدد من الضحايا، ومعالجة الكبرياء والقومية مسألة دبلوماسية، وقد لا يكون العمل على ذلك سهلًا، لكن الهدف قابل للتحقيق، فإذا كان بوتين يريد نسب المزيد من الفضل لروسيا، فإن المؤرخين الروس بحاجة إلى ترجمة أعمالهم إلى اللغة الإنجليزية ونشرها في الغرب".

 

قرصنة إلكترونية

وطالب الجنرالان بضرورة التزام روسيا بتجنُّب استخدام مشروع نورد ستريم 2 كوسيلة ضغط سياسية، للتأثير في السياسة الأوروبية، كما يجب إدراك أن الغرب يتصرف بجبهة موحدة، من خلال الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي، ويجب على الولايات المتحدة توضيح أن الغرب سيفعل كل ما في وسعه، للوفاء بالتزامات المادة الخامسة لحلف شمال الأطلسي، وهو ما يتضمن تعزيز القوة العسكرية الحالية في أوروبا، خاصة القوة الجوية.

وأضاف الجنرالان: "على روسيا السيطرة على القرصنة الإلكترونية التخريبية في الغرب، واتخاذ إجراءات صارمة ضدها، من الدولة الروسية ووكلائها، والجماعات الإجرامية العابرة للحدود، التي تعمل من روسيا، ويتعين على روسيا والغرب، إيجاد أرضية مشتركة تدرك التهديد الوجودي الذي يمثله طموح الصين في تفوق عسكري واقتصادي عالمي بحلول عام 2049، لأن تحقيق الصين لهذا الطموح سيشكل تهديدًا وجوديًا لكلا الجانبين".

وقال الجنرالان: "من الواضح أن الأمور أكثر تعقيدًا، لكن هذه الأفكار تبدو منطقية وقد تساعد في تكوين إطار عمل للتفاوض".

 فبالنسبة للولايات المتحدة، يجب على إدارة بايدن أن تسعى إلى التشاور والدعم من الحزبين، حتى تتمكن من تقديم جبهة موحدة، إذ نشعر بأن روسيا ترى ضعفًا استراتيجيًا بالاستقطاب الواضح في السياسة الأمريكية، وأن الوحدة بشأن روسيا ستقوي يد الولايات المتحدة في التعامل معها، فجميع الأطراف مدينون لأنفسهم ومواطنيهم وللعالم بتجنُّب نزاع مسلح، يمكن أن يصل إلى حرب عالمية ثالثة، فالوقت بدأ التراجع ويجب التحرك، بحسب الجنرالين.