الخضوع أو الفوضى... رسائل المليشيات من هجوم أربيل

أكد المحلل السياسي العراقي علي الكاتب في تصريحاته لـ السياق، أن الهجوم يحمل رسائل سياسية إلى صناع القرار السياسي في إقليم كردستان.

الخضوع أو الفوضى... رسائل المليشيات من هجوم أربيل

السياق

مرة أخرى يتصدر مشهد الفوضى الأمنية مدينة أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراقي، بعد أن استهدفت بهجوم بطائرة مسيرة، سيارة بالقرب من القنصلية الأمريكية.

الانفجار الذي تسبب في إصابة 3 مدنيين وإلحاق أضرار بسيارات مدنية، يحمل العديد من الدلالات، التي ترتبط بمسار العملية السياسية الداخلية وتعقيداتها، خصوصًا داخل البيت الشيعي، بجانب تأكيد قدرة المليشيات على استهداف المصالح الأمريكية في البلاد، إذا تطلب الأمر المواجهة.

 

رسائل سياسية

وهو ما يؤكده الكاتب المحلل السياسي العراقي في تصريحاته لـ"السياق"، إذ قال إن الهجوم يحمل رسائل سياسية إلى صناع القرار السياسي في إقليم كردستان.

ولفت إلى أن أبرز هذه الرسائل يتمثل في إخضاع القوى السياسية بالإقليم، عبر تطويع مواقفها باتجاه تشكيل الحكومة الاتحادية العراقية المقبلة، بما يتناسب مع رغبات بعض القوى السياسية المتضررة من مشروع مقتدى الصدر وحلفائه في "إنقاذ وطن".

وأوضح المحلل السياسي العراقي أن الهجوم الأخير، وما سبق من هجمات مماثلة خلال الشهرين الماضيين، جاء لثني الحزب الديمقراطي الكردستاني عن مواقفه، والتراجع خطوة إلى الوراء بما يضعف موقف رئيس التيار الصدري، الذي يتبنى مشروع الأغلبية الوطنية في تشكيل الكومة الاتحادية، وهو ما يتعارض مع ما تطمح إليه القوى السياسية المقربة من إيران بتمرير مقترحها "التوافقي"، أو على الأقل المشاركة في تشكيل الحكومة.

 

مخطط الفوضى

كان الرئيس العراقي برهم صالح، ندد بالاعتداء الذي تعرضت له مدينة أربيل، ووصفه بـ"العمل الإجرامي"، وطالب بضرورة الوقوف ضد محاولات زج البلاد في الفوضى وتقويض الأمن والاستقرار.

برهم صالح، شدد -عبر "تويتر"- على ضرورة توحيد الصف الوطني وترسيخ مرجعية الدولة العراقية وأجهزتها الأمنية ضد الخارجين عن القانون.

وأفاد بيان بأن رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي أبلغ رئيس الوزراء الكردي مسرور بارزاني -في اتصال هاتفي- بأن بغداد ستتعاون مع أربيل لمحاسبة الجناة.

إلى ذلك، أعلن مجلس أمن إقليم كردستان العراق أن الطائرة المسيرة المفخخة التي استهدف مدينة أربيل، الأربعاء، موجهة من قبل كتائب حزب الله في بلدة التون كوبري (جنوبي شرق أربيل). 

وأضاف بيان المجلس أن هذا الهجوم يأتي استمرارا للهجمات التي نفذت للضغط على إقليم كردستان، وأشار إلى أنه "بعد الهجوم أفادت عدة مواقع رسمية تابعة لقوة إقليمية، باستهداف سيارة للموساد الإسرائيلي ومقتل شخص واحد". 

ووصف المجلس هذه الأقوال بالأكاذيب التي لا تمر على أهالي أربيل والمنطقة الذين شاهدوا مكان الهجوم ونوعه وتداعياته بأعينهم. 

وأكد أن إقليم كردستان لن يكون أبدًا في موقف يهدد الدول الاقليمية، مطالبا هذه الدول باحترام سيادة الإقليم وشعبه.

أسباب الهجوم

بدوره، يرى الدكتور إحسان الشمري، رئيس مركز التفكير السياسي بالعراق في تصريحات لـ"السياق"، أن المواقف الأخيرة الصادرة عن أرييل بشكل عام بخصوص العملية السياسية، وتغليبها لمشروع الأغلبية في تشكيل الحكومة الاتحادية، كانت سببًا مباشرًا في هذا الهجوم.

ولفت الشمري إلى أن حلفاء إيران وجدوا موقف أربيل الذي يقوده مسعود بارزاني، يدفع باتجاه انقسام البيت الشيعي، ومن ثم أصبحت هناك خصومة، وعداء كبير بينهما.

وأوضح رئيس مركز التفكير السياسي بالعراق، أن الهجوم يرتبط أيضاً بمحاولات إخضاع أرييل إلى الرؤية والنهج الإيراني.

ولم يغفل الشمري دلالة مكان الهجوم –قرب القنصلية الأمريكية– وربطها بتعثر المفاوضات بين إيران من جهة ومجموعة 5+1 من جهة أخرى في الملف النووي.

وأكد أن الفصائل المسلحة لا تريد أن تستهدف الولايات المتحدة الأمريكية في بغداد، بقدر ما قد تجد بعملية استهداف أربيل ما يمكن أن يحقق أكثر من هدف في الهجوم، بحسب قوله.

ونوه بأن القوي الموالية لإيران تعمد إلى إثارة الارتباك الأمني ومحاولة فرض رؤيتها بقوة السلاح، وهى في ذلك تريد أن ترسم خارطة أو تكون مشاركة برسم الخارطة السياسية الجديدة أولًا للحصول على ضمانات بعدم ملاحقتها أو سحب سلاحها، انطلاقًا من رؤيتها بأن عدم مشاركتها في السلطة التنفيذية في الوقت الراهن، يعني عدم اختفائها من المشهد السياسي مستقبلًا.

 

حكام مسلحون

إلى ذلك، قالت بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق عبر "تويتر": "طائرة مسيرة مفخخة ضربت طريق أربيل-بيرمام، وأدت إلى إصابات وأضرار في صفوف المدنيين، العراق ليس بحاجة إلى حكام مسلحين ينصبون أنفسهم زعماء، وتأكيد سلطة الدولة أمر أساسي، إذا كان الجناة معروفين، ينبغي تشخيصهم ومحاسبتهم".

الشهر الماضي، أصابت نيران مدفعية الحرس الثوري الإيراني منطقة شمالي أربيل، وفي مارس، هاجم الحرس الثوري أربيل بعشرات الصواريخ البالستية، في هجوم لم يسبق له مثيل على عاصمة إقليم كردستان العراق المتمتع بالحكم الذاتي، بدا أنه يستهدف الولايات المتحدة وحلفاءها.

واستهدفت ثلاث هجمات أخرى مصافي النفط في أربيل منذ هجوم مارس، لكن لم تعلن أي جماعة مسؤوليتها عنها.