لترهيب المتظاهرين... إيران تنفذ ثاني حكم إعدام على خلفية الاحتجاجات

القضاء الإيراني أعلن أن حكم الإعدام نُفذ بحق مجيد رضا رَهنَوَرد بعد اجتياز الإجراءات القانونية والشرعية، وجرى تنفيذه على الملأ.

لترهيب المتظاهرين... إيران تنفذ ثاني حكم إعدام على خلفية الاحتجاجات
مجيد رضا رهناورد

السياق

ضاربة بالتحذيرات الدولية عرض الحائط، وفي محاولة لترهيب المتظاهرين، نفذت السلطات الإيرانية –الاثنين- ثاني عملية إعدام على ارتباط بحركة الاحتجاجات المستمرة في البلاد منذ قرابة ثلاثة أشهر.

كانت منظمات حقوقية حذّرت –الأحد- من أن كثيرين من الإيرانيين معرضون لخطر الإعدام الوشيك، في إطار موجة الاحتجاجات التي تعدها إيران "أعمال شغب" وتقول إن خصومها الأجانب يشجعونها.

وذكر موقع "ميزان أونلاين" التابع للسلطة القضائية الإيرانية أن محكمة في مدينة مشهد شمالي شرق البلاد حكمت على مجيد رضا رهناورد بالإعدام، بعدما أدين بتهمة قتل اثنين من القوى الأمنية طعنًا بسكين وجرح أربعة آخرين.

وأوضحت أنه شنق علنًا في المدينة وليس داخل السجن.

صدر الحكم بعد إعادة نظره من قضاة المحكمة العليا في إيران، وهي الجهة نفسها التي صدقت على حكم الإعدام الصادر ضد محسن شكاري، رغم أنه لم يقتل أحداً، بل أغلق الشارع وسحب سلاحاً أبيض وجرح أحد قوات الباسيج.

وأعلن القضاء الإيراني أن حكم الإعدام نُفذ بحق مجيد رضا رَهنَوَرد بعد "اجتياز الإجراءات القانونية والشرعية"، وجرى تنفيذه صباح اليوم على الملأ، بحضور مجموعة من أهالي مدينة مشهد عاصمة محافظة خراسان رضوي.

وتقول وسائل إعلام مقربة من الحكومة، إن مجيد رضا رَهنَوَرد اشتبك في 17 نوفمبر بشارع "الحر العاملي" مع قوات الأمن وطعن كلا من حسين زينال زاده ودانيال رضا زاده بسكين في الرقبة والكتف فقتلهما.

 

ترهيب المتظاهرين

بدوره، قال الباحث الحقوقي جهانغير شاهواري، في مقابلة مع صحيفة "ستاره صبح" إن القضاء الإيراني تعجل في ملف إعدام المتظاهر محسن شكاري، مؤكدًا أن هذا الاستعجال في تنفيذ الحكم بحق أحد المتظاهرين يثير تساؤلات كثيرة في الرأي العام الإيراني، عما إذا كان الحكم والتنفيذ يراد منهما تحقيق أهداف خاصة، وليس تحقيق العدالة وتنفيذ القانون.

وأضاف الباحث أن انطباع الشارع الإيراني، الاثنين، عن هذا الحكم، أن النظام أراد بهذا الإعدام ترهيب المتظاهرين، لافتًا إلى أن هؤلاء الشباب الصغار الذين تصدر اليوم أحكام الإعدام بحقهم، لا حول لهم ولا قوة أمام النظام الحاكم الذي يسجنهم، لكن يبدو أن النظام يهدف من وراء قتل هؤلاء الشباب، إلى منع انتشار المظاهرات والحد منها.

 

تنديدات دولية

تزامن تنفيذ حكم الإعدام هذا، مع صدى التنديدات الدولية، جراء أول عملية إعدام نفذتها إيران على ارتباط بالاحتجاجات، الخميس الماضي.

كانت السلطات الإيرانية أعدمت –الخميس- محسن شكاري (23 عامًا) الذي أدين بتهمة جرح أحد قوات الباسيج، وقطع طريق، بداية الحركة الاحتجاجية.

وتشهد طهران احتجاجات منذ قرابة ثلاثة أشهر، إثر وفاة الشابة مهسا أميني، بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق، بتهمة خرق قواعد اللباس الصارمة المفروضة على المرأة، في أرجاء البلاد.

وتشكل هذه الاحتجاجات أكبر تحدٍّ للنظام الإيراني، منذ إطاحة حكم الشاه عام 1979. وقد قوبلت بقمع يقول ناشطون إنه يهدف إلى بث الخوف في نفوس المواطنين.

 

عقوبات جديدة

كان القضاء الإيراني أعلن، قبل تنفيذ عمليتي الإعدام هاتين، إدانة 11 شخصًا بالإعدام -حتى الآن- على خلفية الاحتجاجات، لكن نشطاء يقولون إن نحو 12 آخرين يواجهون تهماً قد تؤدي إلى إنزال عقوبة الإعدام في حقهم.

كان إعلان تنفيذ حكم الإعدام بشكاري، أثار تنديدات كثيرة في الخارج والأمم المتحدة.

وقال أوميد ميماريان، كبير محللي الشؤون الإيرانية في منظمة "ديموكراسي فور ذي آراب وورلد ناو" بعد عملية الإعدام الثانية: "لم تراعى الأصول القانونية. محاكمات صورية. بهذه الطريقة يريدون وقف الاحتجاجات التي تحصل على الصعيد الوطني".

كان راهناورد أوقف في 19 نوفمبر عندما حاول الفرار من البلاد بحسب موقع ميزان أونلاين.

وقالت الناشطة الإيرانية مسيح علي نجاد، المقيمة في الولايات المتحدة: "جريمة مجيد رضا راهناورد كانت الاحتجاج على قتل مهسا أميني. النظام يتعامل مع الاحتجاجات بالإعدام. على الاتحاد الأوروبي استدعاء سفرائه".

وبعد إعدام شكاري، رأت وزيرة الخارجية الألمانية آنالينا بيربوك أن تنفيذ الحكم يظهر "ازدراء لا حدود له بحياة البشر".

ورأت واشنطن بين ردود فعل أخرى، أن إعدام شكاري "تصعيد مروع" متوعدة النظام الإيراني بتحميله مسؤولية ممارسة العنف "في حق شعبه".

وفرضت المملكة المتحدة وكندا عقوبات جديدة على إيران، بعد عملية الإعدام الأولى.

 

حملة القمع

استخدام إيران لعقوبة الإعدام، جزء من حملة القمع التي تقول "منظمة حقوق الإنسان في إيران" ومقرها أوسلو إنها أدت إلى قتل 458 شخصًا على الأقل على أيدي قوات الأمن.

وأوقف على خلفية التظاهرات ما لا يقل عن 14 ألف شخص، وفق الأمم المتحدة.

وتعد إيران أكبر منفذ لعقوبة الإعدام في العالم بعد الصين، مع إعدام أكثر من 500 شخص خلال السنة الحالية بحسب "منظمة حقوق الإنسان في إيران".

إلا أن تنفيذ حكم الإعدام علنًا قليل الحدوث في إيران.

وأعدم رجل شنقًا، بعدما أدين بقتل شرطي في مدينة شيراز جنوبي البلاد، في يوليو، وقالت "منظمة حقوق الإنسان في إيران" إنها كانت أول عملية إعدام علنية في غضون سنتين.