وصفة أوروبية لمكافحة التطرف.. كيف يتسلل الإرهابيون إلى المراهقين عبر مواقع التواصل؟

كيف أصبحت مواقع التواصل أداة الإرهابيين لتجنيد المراهقين؟ دراسة أوروبية تحذر وتطرح روشتة للمعالجة

وصفة أوروبية لمكافحة التطرف.. كيف يتسلل الإرهابيون إلى المراهقين عبر مواقع التواصل؟

ترجمات – السياق

دعاية وخطاب كراهية متطرف ونشر الأيديولوجيات المتطرفة، مخاطر عدة تهدد المراهقين والأطفال الذين باتوا مستهدفين من التنظيمات الإرهابية، التي تحاول تدارك هزيمتها على الأرض، بتحقيق نجاحات في الفضاء الإلكتروني.

تلك التنظيمات، التي تبث سمومها الفكرية، من خلال تقنيات الاتصال الحديثة عبر الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، تستدعي استراتيجية لمحو الأمية الإعلامية والمعلوماتية، ووضع خطاب مضاد لترويج الفكر المتطرف على الإنترنت.

فبحسب دراسة للمركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، اطلعت «السياق» على نسخة منها، فإن التطرف الفكري يمثل تحدياً كبيراً لوسائل الإعلام، التي تستخدم الجماعات المتطرفة منصات وسائل التواصل الاجتماعي على نحو متزايد لتبادل المعلومات وتجنيد الأتباع والمؤيدين الجدد، لنشر رسائلها والدعاية لتحقيق أهدافها.

 

مخاطر الخطاب المتطرف

من التسجيلات الصوتية، مرورًا بمقاطع الفيديو التي تحرض على التطرف، أو توفر تسهيلات لارتكاب عمليات إرهابية، إلى الطرق التعليمية لصنع متفجرات وأسلحة نارية، لأغراض إرهابية، تنوعت مضامين التطرف المنشورة على الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي.

وبينما يقول المركز الأوروبي، إن هناك تزايدًا في أرقام المراهقين المتأثرين بالأفكار المتطرفة إلكترونياً، نقل عن وزير الداخلية البرتغالي إدواردو كابريتا قوله، إن «التطرف والتحريض على العنف من خلال الشبكات الاجتماعية ومنصات الفيديو والبث المباشر للهجمات أصبحا أكثر تواتراً في الهجمات الإرهابية الأخيرة».

وبحسب الدراسة الأوروبية، فإن تقنيات الاتصال الحديثة، عبر الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، سهلت على المتطرفين التواصل عبر الحدود وتضخيم الدعاية المتطرفة وانتشار التطرف.

كانت مبادرة ألمانية بثت نتائجها في 10 مارس 2022 حذرت من مخاطر قد يتعرض لها الأطفال، من خلال ممارسة الألعاب عبر الإنترنت، مثل الدعاية وخطاب الكراهية المتطرف ونشر الأيديولوجيات المتطرفة، مطالبة بضرورة تدريب الآباء على طرح الأسئلة عن المحتوى المتطرف واختيار المحتويات المناسبة للسن، مع تفعيل إعدادات الأمان والخصوصية، إضافة إلى مراقبة الأطفال.

 

هل اتخذ العالم خطوات لمكافحة التطرف؟

وفقًا لديباجة القرار الأممي عام 2014، فإن الأمم المتحدة أدركت أن التعليم ومحو الأمية الإعلامية والمعلوماتية ووضع خطاب مضاد لترويج الفكر المتطرف على الإنترنت، عناصر أساسية عند العمل على محاربة التطرف.

ولمواجهة التحديات التي قد تعيق تنفيذ برامج محو الأمية الإعلامية، كقنوات فعالة لمنع التطرف، ناقش خبراء من أوروبا وآسيا والولايات المتحدة وأمريكا اللاتينية والشرق الأوسط، تنظيم حلقات دراسية لمحو الأمية الإعلامية لمعلمي المؤسسات التعليمية.

ومنذ عام 2015، اعتمد الاتحاد الأوروبي مشروعاً لمحاربة التطرف في منطقة الساحل والمغرب العربي، بميزانية تقدر بـ6 ملايين يورو، بحسب المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات.

وبحسب المركز الأوروبي، فإن المشروع يجمع بين الاستراتيجية الأوروبية لمكافحة الإرهاب والاستراتيجية الأوروبية لمحاربة التجنيد للإرهاب والاستراتيجية الأوروبية للأمن والتنمية في الساحل واستراتيجية الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب، لدعم الإعلام واستخدام وسائل الإعلام ومواقع التّواصل الاجتماعي، وإرساء نقابات للصحفيين، وتشجيع المحطات الإذاعية المحلية، لمحاربة التطرف فكرياً.

في السياق نفسه، اعتمد الاتحاد الأوروبي في أبريل 2021 لائحة لمعالجة نشر المحتوى المتطرف عبر الإنترنت، ارتكزت على قواعد جرى تطبيقها منذ السابع من يونيو 2022.

وفي 11 مايو 2022، عُقد المؤتمر الوزاري السابع للتحالف الدولي ضد «داعش»، الذي شملت مخرجاته عناصر جديدة في خطة التحالف الدولي ضد داعش في إفريقيا، منها تفكيك الخطاب المتطرف، من خلال إشراك وإدماج الهيئات الدينية والشباب والنساء والمجتمع المدني في مكافحة التطرف.

وفي 16 سبتمبر 2022، التزمت شركات مواقع التواصل الاجتماعي باتخاذ خطوات جديدة لمكافحة التطرف وتوسيع سياسات لمحاربة الخطاب المتطرف على مواقعها، من خلال إزالة المحتوى الأكثر عنفاً وتعزيز الثقافة الإعلامية مع رواد المواقع الإلكترونية.

 

خطوات على الطريق

ليس هذا فحسب، بل إن شركة ميتا، طالبت في يناير 2023 رئاسة مجلس تشغيل منتدى الإنترنت العالمي لمكافحة الإرهاب، وهي منظمة غير حكومية تجمع بين شركات التكنولوجيا، بمعالجة المحتوى المتطرف عبر الإنترنت، من خلال البحث والتعاون التقني ومشاركة المعرفة.

وفي الشهر نفسه، ناقشت الحكومة البريطانية قوانين لمراجعة برنامج مكافحة التطرف عبر صيغ وحلول لتقويم سلوك المراهقين والشباب، ممن يتورطون في نشر مواد مرتبطة بـ«التطرف» عبر الإنترنت، للاختيار بين السجن والمحاكمة أو المواجهة الفكرية من خلال اجتياز برنامج تأهيلي وتحت رقابة صارمة من الجهات الأمنية المختصة.

وتعزيزًا لتلك الجهود، أطلقت منصة يوتيوب حملة محو الأمية الإعلامية، لتعليم المستخدمين كيفية اكتشاف المحتوى المتطرف والمعلومات المضللة، كما وفرت شركة مايكروسوفت نسخة أساسية من أدوات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي الخاصة بها للمؤسسات، لا سيما المؤسسات التعليمية لمساعدتها في محاربة التطرف .

وفي 23 فبراير، أطلقت منظمة اليونسكو مؤتمر «الإنترنت لبناء الثقة»، أشركت فيه جميع الجهات المعنية من حكومات وهيئات تنظيمية مستقلة وشركات عاملة في المجال الرقمي وأوساط أكاديمية ومجتمع مدني، لمناقشة حلول تنظيمية للأزمة الراهنة للمعلومات المضللة المتاحة على الإنترنت ومحاربة التطرف.

كما خصصت شركة ميتا برنامجًا بالمملكة المتحدة، لتدريب وتمويل منظمات محلية لمكافحة المحتوى المتطرف على الإنترنت، في إطار محاولات من شركات التكنولوجيا، لتضييق الخناق على المحتوى المتطرف، وتشكيل وحدة دعم على منصاتها.

وفي 18 يناير 2022، أطلقت فرنسا منصة De Facto لرصد الأخبار المضللة والأفكار المتطرفة، وإنتاج خطاب مضاد للمعلومات المضللة وللخطاب المتطرف على مواقع التواصل الاجتماعي، بدلاً من أن ينحصر داخل المؤسسات التعليمية ودور العبادة، لأن الخطاب المتطرف أصبح أكثر نشاطاً على الإنترنت.

 

وصفة أوروبية

يقول المركز الأوروبي، إن الخطابات المتطرفة تسلط الضوء على الدور المحوري للدعاية عبر الإنترنت في عملية التطرف، مشيرًا إلى أن الجماعات المتطرفة تواصل استغلال منصات الإنترنت، بما في ذلك منصات الألعاب الإلكترونية للتجنيد والتطرف ونشر الدعاية المتطرفة وجمع الأموال والتخطيط للعمليات الإرهابية وتنسيقها.

وبحسب المركز الأوروبي، فإن العمل على نشر الثقافة الإعلامية وممارسة مهارات التفكير النقدي لدى المجتمع يشكلان استثماراً أفضل وأكثر استدامة على المدى الطويل في مجال مكافحة التطرف العنيف وتفكيك الخطاب المتطرف.

ورغم أن شروط الخدمة لعديد من شركات وسائل التواصل الاجتماعي، تنص على حظر المحتوى المتطرف، فإن المركز الأوروبي شدد على ضرورة أن تكون هناك عمليات إشراف فعالة على المحتوى لتفكيك عديد من الخطابات المتطرفة.

وشدد المركز الأوروبي على ضرورة أن يحتل مفهوم الأمن الفكري أهمية قصوى للدول، عبر التصدي للاتجاهات الفكرية السلبية، التي تنتشر من خلال البث الإعلامي، وتعزيز الإجراءات والتدابير الدولية على تحقيق الأمن الوطني، واتخاذ إجراءات وقائية لتعزيز الأمن الفكري ومقاومة أشكال الانحراف الفكري.

وختم دراسته بضرورة ألا يكون الإعلام خادماً وناقلًا للتطرف بطريقة غير مباشرة، مع استخدام مؤسسات العمل المدني والحفاظ على استقلال المؤسسات الدينية الرسمية.