بين معاوية وأبو لؤلؤة... هل يخمد وقف عرض العملين الفنيين نار الفتنة الطائفية بالعراق؟

أوضح مدير المركز العراقي، أن وقف عرضهما وغيرهما من الأعمال الفنية والأدبية، التي تعمق الفرقة بين المذاهب الإسلامية، يعد القرار السليم

بين معاوية وأبو لؤلؤة... هل يخمد وقف عرض العملين الفنيين نار الفتنة الطائفية بالعراق؟

السياق

بين مسلسل «معاوية» وفيلم «أبو لؤلؤة»، حرب طائفية نشبت، بعد أن أذكت نيرانها محاولات اللعب على وتر الخلافات المذهبية والصراعات الدينية.
تلك «الحرب» التي جاءت في أعقاب إعلان قناة «إم بي سي» عرض مسلسل معاوية، وما تلاه من إعلان قناة الشعائر العراقية عن إنتاج فيلم باسم «شجاعة أبي لؤلؤة النهاوندي»، ما أثار الجدل الفني والطائفي.
إلا أن ذلك الجدل، الذي دخل على خطه كثير من الشخصيات السياسية والدينية في العراق، هدأ بعد إعلان «إم بي سي» العراق، استجابتها لطلب هيئة الإعلام والاتصالات العراقية، الرافض لعرض مسلسل «معاوية» في رمضان 2023، حتى لا يتسبب في إذكاء السجال والجدل المذهبي.
وقالت «إم بي سي» العراق، في خطاب إلى هيئة الإعلام والاتصالات في العراق، اطلعت «السياق» على نسخة منه: نود إعلام هيئتكم بأن قناتنا ملتزمة بلائحة قواعد البث الإعلامي الصادرة عن الهيئة، ونؤكد لكم أن قناتنا لم تنتج مسلسل معاوية، ولن يُعرض بالدورة البرامجية للشهر الفضيل أو الدورات اللاحقة.
في السياق نفسه، وجَّه المدير العام لقناة الشعائر الفضائية خطاباً رسمياً لهيئة الإعلام والاتصالات العراقية، جاء فيه: «إننا سنلتزم بعدم إذاعة فيلم شجاعة أبو لؤلؤة الذي روَّجنا إليه، احتراماً وتنفيذاً لقرار هيئة الإعلام والاتصالات، مقابل التزام قناة إم بي سي بعدم بث مسلسل معاوية، الذي ينتقص من المعتقدات الدينية لطائفة كبيرة من المسلمين، لا سيما مع الرفض الديني والشعبي لعرض هذا المسلسل». 

فماذا عن العملين؟
مسلسل معاوية
يتناول شخصية مؤسس الدولة الأموية في دمشق، وتغطي أحداثه ما تعرف بـ«الفتنة الكبرى» التي تلت قتل عثمان بن عفان ثالث الخلفاء الراشدين، وبحسب تقارير إعلامية فإن تصوير عدد كبير من مشاهده بتونس.

فيلم أبو لؤلؤة
يتناول شخصية قاتل عمر بن الخطاب، وتعمل على إنتاجه قناة الشعائر التي تموِّلها المرجعية الشيرازية، وهي إحدى المرجعيات الاثني عشرية الموجودة في العالم. 
دعمت هذه المرجعية عديد الإنتاجات التلفزيونية والسينمائية التي أثارت الجدل، مثل فيلم سيدة الجنة.
وما إن أعلن عن العملين، تصاعد الجدل في الوطن العربي، خاصة في العراق، بشأن فيلم «شجاعة أبو لؤلؤة»، الذي تعرض لسهام الانتقادات من الشخصيات السُّنية والشيعية. 
وربط زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، بين مسلسل «معاوية» وفيلم «أبو لؤلؤة»، عبر «تويتر»، قائلًا إن: «كليهما باطل ومثير للفتنة، ولا تمثل الشخصيتان السُّنة والشيعة».

ثقافة متشددة
وعن هذا الجدل، قال مدير المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية الدكتور غازي فيصل حسين، في تصريحات لـ«السياق»، إن الأعمال الفنية عن الشخصيات الجدلية، مثل معاوية بن أبي سفيان وأبو لؤلؤة، ستعمق -بصورة خطيرة- الصراعات بين المذهب الشيعي والسُّني، وستثير لغطًا وربما مصادمات، وغيرها من التفاصيل التي تعمق الاختلاف بين المذاهب.
وأوضح مدير المركز العراقي، أن وقف عرضهما وغيرهما من الأعمال الفنية والأدبية، التي تعمق الفرقة بين المذاهب الإسلامية، يعد القرار السليم، مطالبًا بضرورة تجاوز ما وصفها بـ«صراعات وجراح وحروب التاريخ» والذهاب إلى حوار بناء، أساسه أن الله سبحانه وتعالى محبة، والدعوة إلى السلام والتعايش بين المسلمين، وبين المسلمين والديانات الأخرى، والابتعاد عن ثقافة التكفير والجهادية داخل الإسلام.
وأشار إلى أنه بينما توجد في تاريخ الأمم والشعوب اختلافات وحروب واضطرابات وصراعات قومية دينية أو عرقية أو مذهبية، فإن الشعوب الحية التي تؤمن بالمستقبل وببناء الأمن والسلم والاستقرار والتعايش والشراكة، لا تذهب إلى إثارة هذه الخلافات والصراعات التاريخية.
وأكد أنه لا يمكن أن يختلف الشعب العراقي أو يتصارع أو يرفض إقامة حوارات بناءة وتعايش بين الأديان والمذاهب، ويتجه إلى تعجيز وتعميق الخلافات المذهبية والصراعات الدينية، التي هي -في الواقع- ليست صراعات ذات بُعد ديني جوهري، بل ذات بُعدين سياسي واجتماعي.

انعكاس لواقع العراق
بدوره، قال الكاتب العراقي، الخبير المتخصص في شؤون الجماعات الإرهابية محمد أرسلان، إن فيلم «أبو لؤلؤة»، الذي أعلنت إنتاجه فضائية «الشعائر» العرقية، كان ردًا على مسلسل «معاوية» الذي كان من المقرر عرضه على «إم بي سي العراق» في شهر رمضان.
وبينما أكد، في تصريحات لـ«السياق»، إن إنتاج فيلم عن «أبو لؤلؤة» لن يزيد إلا الحالة التراجيدية لـ«فيلم العراق» ككل، قال إنه بالنظر لما يجري في العراق على المستوى السياسي، يتضح أنه يأتي استكمالًا لـ«الفيلم» الذي تعيشه البلاد، و«يخرج بعدد من المخرجين، كل وفق أجنداته ومصالحه ومشاريعه».
وكشف الكاتب العراقي أن الفيلم الذي كان من المقرر الشروع فيه عن أبو لؤلؤة، من إخراج إيراني في محاولة لتأجيج نار الطائفية، بينما كان فيلم «المخطط» الأمريكي الذي يعمل على دعم السُّنة عن طريق تركيا.
وأشار إلى أن الصراع الشيعي الراهن، يتمثل في عودة الخلاف بين شيعة قُم وشيعة النجف، إذ إن شيعة قُم والمدعومين من إيران وشيعة النجف بقيادة مقتدى الصدر يتصارعان على الزعامة الطائفية الدينية.