ما سر تصاعد عمليات داعش في باكستان وانحسارها في أفغانستان؟
يقول المحلل السياسي الأردني صلاح ملكاوي في تصريحات لـ -السياق-، إن داعش دائمًا يستغل الفرصة في أي دولة، لتوجيه ضربات إلي خصومه

السياق
بينما تعيش باكستان على وقع أزمة سياسية «حادة» فاقمتها الهجمات الإرهابية التي يشنها «داعش»، كانت الأوضاع في أفغانستان تتجه نحو الهدوء النسبي، من حيث هجمات التنظيم الإرهابي.
وضع يبدو مفاجئًا لأن «داعش-خراسان» ظهر للمرة الأولى عام 2014 شرقي أفغانستان، وتمكن عام 2019، من الاستيلاء على أراض واسعة في إقليم ننكرهار، وتمدد ليبلغ محافظة كونار المجاورة.
إلا أنه ينسجم مع التغيرات التي حدثت في البلدين، فما إن وصلت حركة طالبان المسلحة في أغسطس 2021، إلى السلطة، حتى روَّجت لنجاحها في قمع «داعش»، بينما كانت باكستان المجاورة في الجهة المقابلة، على موعد مع توسع التنظيم في هجماته الإرهابية، مستغلًا الفوضى السياسية التي يعانيها البلد الآسيوي.
ورغم هذه الفوضى، فإن هناك جيشًا ومؤسسات قائمة بالفعل، في بلد تعد قواته المسلحة بين الأقوى في العالم، بينما حركة طالبان ما زالت حديثة العهد بالسلطة، عقب تفكك الجيش الذي كان يسيطر على البلد الذي تحكمه.
سر التحول
يقول مقاتل من حركة طالبان سمى نفسه «بشير» في تصريحات لوكالة أسوشتد برس، إن كفة القوة لصالح طالبان، مؤكدًا أن الأخيرة لديها خبرة طويلة في حروب العصابات، بينما «داعش-خراسان» ليست لديه تكتيكات لا تعرفها طالبان أو لم تستخدمها.
ويقول مراقبون إن نفوذ طالبان العميق داخل القرى الأفغانية وعلاقاتها بالمساجد والمدارس الدينية في أصغر القرى، قللت من مساحة توسع «داعش»، الذي رغم أنه بات أضعف مما كان عليه عام 2019، فإنه تحول من حركة تمرد إلى جماعة إرهابية.
رؤية أخرى ذهب إليها مراقبون، أكدوا أن عودة حركة طالبان إلى السلطة، دفع بعض الأعضاء السابقين في الجماعة، الذين انشقوا على «داعش» إلى العودة للحركة المسلحة، مشيرين إلى أن الأخيرة تلقت دعمًا كبيرًا بعد استحواذها على السلطة في أفغانستان.
في الجهة المقابلة، كانت منطقة شمال غربي باكستان على موعد مع عمليات «إرهابية» تزداد وتيرتها يومًا تلو الآخر، فبحسب المدير التنفيذي لمعهد باكستان لدراسات السلام، عامر رانا، المتخصص في تتبع أنشطة الميليشيات والتنظيمات في باكستان، فإن إسلام أباد تعرضت لـ52 هجومًا في مارس 2022، مقارنة بـ 35 هجومًا في الفترة ذاتها العام الماضي.
تطورات أثارت أسئلة من قبيل: هل نقل تنظيم داعش خراسان، نشاطه إلى البلد المجاور، خاصة أن هذه الهجمات أكثر دموية، وفقًا لمعهد باكستان؟
حروب استنزاف
إلى ذلك، قال المحلل السياسي الأردني صلاح ملكاوي، إن «داعش» دائمًا يستغل الفرصة في أي دولة، لتوجيه ضربات إلي خصومه، مشيرًا إلى أن التنظيم الإرهابي يستطيع استغلال أصغر فرصة، قد لا يراها البعض، لتوجيه ضربات إلى خصومه.
ويرى المحلل السياسي، في تصريحات لطالبان، أن عودة طالبان باكستان إلى الساحة وإعلانها الحرب ضد النظام، أمر يصب مباشرة في مصلحة عودة «داعش» إلى المشهد، مستغلًا هذه الفرصة.
وأوضح أن «داعش» لا يسعي إلى السيطرة ولا بسط النفوذ كما كان، لكنه يسعى لحروب استنزاف ضد خصومه، مستندًا إلى قاعدة «اضرب واهرب»، مؤكدًا أن التنظيم الإرهابي لن يسعى -خلال المدى المنظور- لتأسيس أي كيان له على الأرض، مهما كانت المساحة الجغرافية صغيرة.
العدو القريب
بدورها، قالت الباحثة بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية رانيا مكرم، في تصريحات لـ«السياق»، إنه وفق المنطلقات الفقهية والعقائدية لتنظيم داعش، فإن الأخير ذهب إلى التركيز علي ما يطلق عليه «العدو القريب».
وأوضحت أن هذا المصطلح يعني أنظمة الحكم داخل المناطق المستهدفة، إضافة إلى استهداف المذاهب الإسلامية غير السُّنية، مشيرة إلى أن «داعش خراسان» يقاتل النظام الحاكم في أفغانستان وباكستان، مستغلًا الفوضى السياسية والأمنية في البلدين.
ورغم محاربة «داعش» أنظمة الحكم في أفغانستان وباكستان، بهدف إسقاط نظامي الدولتين، فإن التنظيم الإرهابي واصل هجومه على النظام في كابل، حتى مع صعود طالبان إلى الحكم.
وأشارت إلى أنه في ظل ما تشهده الدولتان من فوضى سياسية وأمنية، عقب سيطرة طالبان على السلطة بأفغانستان، بدأ تنظيم داعش يصعد هجماته بشكل ملحوظ، بداية عام 2021، لاسيما في باكستان. وأكدت أن أجندة «داعش» في باكستان تتطابق مع تلك التي يتبعها في أفغانستان، كونهما فرعًا واحدًا.
وأكدت أن كليهما يعمل بالآليات نفسها، باستغلال الفراغ السياسي والأمني، لتثبيت نفوذ التنظيم في البلدين، واستعادة قوة فرع الشام في العراق وسوريا، لاسيما في ظل ظروف مواتية، ليكون فرع خراسان منطلقًا جديدًا لانتشار التنظيم، في أكثر المناطق هشاشة وضعفًا أمنيًا وسياسيًا.