تمجيد الهندوس وتبرأتهم.. كيف يستخدم التعليم في الهند ضد المسلمين؟

حكومة مودي، تسعى لإعادة كتابة التاريخ، ليلائم أجندتها الهندوسية، بعد تعديل المناهج المدرسية، وإزالة أي إشارة على عداء القومية الهندوسية للمهاتما غاندي، الذي قُتل على يد أحدهم، وكذلك إزالة أي إشارة إلى أعمال شغب دينية مثيرة للجدل، كان رئيس الوزراء متورطًا فيها

تمجيد الهندوس وتبرأتهم.. كيف يستخدم التعليم في الهند ضد المسلمين؟

ترجمات - السياق

اتهامات عدة لحكومة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، بإعادة كتابة تاريخ البلاد، ليناسب أجندتها الهندوسية، وتبرئة ساحة رئيس الوزراء من الهجمات الدموية التي استهدفت المسلمين.

فمع تزايد الهجمات التي استهدفت المسلمين، خلال السنوات الأخيرة، كلف وزير الثقافة الهندي، ماهيش شارما، لجنة بمراجعة تاريخ الهند، وإعداد "دراسة شاملة لأصل وتطور الثقافة الهندية منذ 12000 سنة وتفاعلها مع الثقافات الأخرى في العالم".

وذكرت صحيفة غارديان البريطانية، أن حكومة مودي، تسعى لإعادة كتابة التاريخ، ليلائم أجندتها الهندوسية، بعد تعديل المناهج المدرسية، وإزالة أي إشارة على عداء القومية الهندوسية للمهاتما غاندي، الذي قُتل على يد أحدهم، وكذلك إزالة أي إشارة إلى أعمال شغب دينية مثيرة للجدل، كان رئيس الوزراء متورطًا فيها.

كما نُقحت الكتب المدرسية لإزالة فصول عن تاريخ المغول، الحكام المسلمين الذين سيطروا على جزء كبير من الهند، بين القرنين السادس عشر والتاسع عشر.

كان حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم، الذي اتبع أجندة قومية هندوسية، أبعدت الهند عن أسسها العلمانية، مؤيدًا بقوة لخطط إعادة كتابة تاريخ البلاد، والابتعاد عما يصفها بـ "عقلية العبيد" من الظالمين الاستعماريين.

وقال وزير الشؤون الداخلية، أميت شاه، في خطاب عام 2019: "من مسؤوليتنا كتابة تاريخنا".

تمجيد قاتل غاندي

وأشارت "غارديان" إلى أنه منذ وصول حزب بهاراتيا جاناتا إلى السلطة عام 2014 ، أجريت تعديلات على الكتب المدرسية، لدرجة أن عديد النقاد وصفوا ما يحدث بـ"زعفرنة" المناهج الدراسية في المدارس والجامعات، في إشارة إلى اللون الذي يفضله القوميون الهندوس.

ففي السنوات الأخيرة، أزيلت أو عُدلت الإشارات إلى المغول، الذين يعدهم القوميون الهندوس حكامًا مسلمين اضطهدوا أقرانهم، بينما أضيفت إشارات إلى المُنظر القومي الهندوسي المتشدد فيناياك دامودار سافاركار كـ"مناضل الحرية الأكثر شهرة" و"الوطني العظيم".

وحسب الصحيفة البريطانية، أثارت الإصدارات الجديدة من كتب العلوم السياسية والتاريخ، التي نشرها المجلس الوطني للبحوث التربوية والتدريب (إن سي إي آر تي) جدلًا بشأن التعديلات، التي عُدل بعضها سرًا من دون الإخطارات العامة الرسمية المعتادة.

ومن التغييرات التي أجريت على كتاب العلوم السياسية للطلاب الذين تتراوح أعمارهم بين 17 و18 عامًا إزالة الإشارة إلى الكراهية التي كان يكنها القوميين الهندوس لغاندي، المناضل الهندي الشهير من أجل الحرية، وكيف قاموا بمحاولات لاغتياله.

وبالفعل، قُتل غاندي على يد القومي الهندوسي ناتورام جودسي عام 1948.

ولا يزال -حسب الصحيفة- بعض القوميين الهندوس يسبون غاندي، لآرائه في الوحدة بين الهندوس والمسلمين، مشيرة إلى أنه منذ وصول حزب بهاراتيا جاناتا إلى السلطة، كان هناك تبجيل متزايد بين المتشددين لقاتل غاندي.

كما خففت الكتب المدرسية المعدلة من ذكر جودسي، وأزالت أيضًا الإشارة إلى الحظر الذي واجهته المنظمة الهندوسية المتشددة راشتريا سوايامسيفاك سانغ (آر إس إس) بعد اغتيال غاندي.

ويُنظر إلى حزب بهاراتيا جاناتا على أنه الجناح السياسي لجمعية (آر إس إس) ولا يزالان متحالفين أيديولوجيًا.

كما كان عديد من قادة حزب بهاراتيا جاناتا، بمن في ذلك مودي، أعضاءً في جمعية (آر إس إس).

تواطؤ مودي

ووفقًا للتدقيق الذي أجرته صحيفة انديان اكسبريس -التي كشف التعديلات- فقد أزيلت أيضًا إشارات لأعمال الشغب في ولاية غوجارات ضد المسلمين، من الكتب المدرسية بواسطة المجلس الوطني للبحوث التربوية والتدريب.

كانت أعمال الشغب في غوجارات، التي وقعت عام 2002، موضوعًا حساسًا بشكل خاص بالنسبة لمودي، الذي كان رئيسًا لوزراء ولاية غوجارات في ذلك الوقت، واتُهم بالتواطؤ في أعمال العنف، التي تضمنت هجمات وحشية على عائلات مسلمة وقتل أكثر من 1000 شخص، معظمهم من المسلمين.

وقد حظرت الحكومة فيلمًا وثائقيًا لقناة بي بي سي، يستكشف دور مودي في أعمال الشغب.

كان مودي قد شبه عام 2013 المسلمين الذين سقطوا ضحايا أعمال عنف واشتباكات مع الهندوس بالـ"جراء التي تدهسها سيارة".

وبعد المراجعات الأخيرة، اختفت الإشارات إلى أعمال الشغب من جميع كتب العلوم الاجتماعية، لمن تتراوح أعمارهم بين 11 و18 عامًا.

كما أزال المجلس الوطني للبحوث التربوية والتدريب أيضًا الفصول المتعلقة بالمحاكم المغولية من كتب التاريخ للأطفال، الذين تتراوح أعمارهم بين 17 و18 عامًا، بدعوى إجراءات "تبسيط" المناهج الدراسية وتقليل عبء العمل على الطلاب بعد جائحة كورونا.

وقد أدان المؤرخون والسياسيون المعارضون تنقيحات الكتب المدرسية على نطاق واسع، وقال ماليكارغون خارج، رئيس حزب المؤتمر المعارض: "يمكنك تغيير الحقيقة في الكتب، لكن لا يمكنك تغيير تاريخ البلد".

بينما قالت أديتيا موخيرغي، أستاذة التاريخ الهندي المعاصر في جامعة جواهر لال نهرو، إن حذف تاريخ المغول من الكتاب المدرسي، كان محاولة "لتسليح" التاريخ و "محوه" ليناسب الأجندة السياسية للحكومة.

وأضافت في تصريحات لقناة (إن دي تي في) الإخبارية: "عندما نشهد محو مجتمع معين من تاريخنا، عادةً ما تتبع ذلك إبادة جماعية للمجتمع".

في المقابل، قال رئيس المجلس الوطني للبحوث التربوية والتدريب، دينيش سكلاني، عن التغييرات: "ينبغي عدم تضخيمها"، مشيرًا إلى أن التغييرات أجريت بواسطة "لجنة خبراء".

من جانبه، قال المتحدث الوطني باسم حزب بهاراتيا جاناتا، جوبال كريشنا أغاروال: "لم تكن إعادة كتابة التاريخ" بل طريقة لإعادة التوازن إلى "النهج المتحيز" لبعض المؤرخين، بينما لم ترد وزارة التربية والتعليم على طلب للتعليق من "غارديان"