استقالة رئيس البنك الأهلي السعودي بعد أزمة كريدي سويس
سيخلف سعيد بن محمد الغامدي، الخضيري في منصبه، بينما عُين طلال أحمد الخريجي رئيسًا تنفيذيًا للبنك.

ترجمات - السياق
أعلن رئيس مجلس إدارة البنك الأهلي السعودي، عمار الخضيري، استقالته، لأسباب شخصية، بعد أن سُلط الضوء على أكبر بنك في المملكة، وسط اضطرابات في بنك كريدي سويس السويسري، وفق صحيفة فايننشال تايمز البريطانية.
وأفاد البنك الأهلي وهو يعد أكبر مساهم في "مجموعة كريدي سويس" -في بيان نشرته البورصة السعودية- بأنه "وافق على استقالة عمار الخضيري لظروف خاصة".
وسيخلف سعيد بن محمد الغامدي، الخضيري في منصبه، بينما عُين طلال أحمد الخريجي رئيسًا تنفيذيًا للبنك.
كانت أسهم "كريدي سويس" انهارت في 15 مارس الجاري، بعدما أكد الخضيري أن البنك السعودي لن يزيد مساهمته فيه.
وفي اليوم التالي تحسنت أسهم المصرف السويسري في الأسواق المالية، بعدما حصل على 54 مليار دولار من المصرف المركزي السويسري، في محاولة لطمأنة المستثمرين.
وفي 19 مارس، استحوذ مصرف"يو بي إس الأكبر في سويسرا على "كريدي سويس" بسعر زهيد.
تصريحات مؤثرة
وأشارت "فايننشال تايمز" إلى أن "كريدي سويس"- الذي يحاول التعافي من الأزمة الطاحنة التي مر بها العام الماضي- شهد تراجعًا كبيرًا في سعر السهم، منتصف مارس الجاري، بعد تصريحات للخضيري بأن البنك الأهلي السعودي لن يستثمر أكثر من 10 بالمئة فيه.
وبينّت أنه رغم أن هذه التصريحات ليس جديدة، حيث سبق أن صرح رئيس البنك في نوفمبر الماضي، بأن البنك الأهلي لا ينوي زيادة حصته في "كريدي سويس"، فإن تراجع السهم الحاد يأتي في ظل مخاوف الأسواق العالمية، من انتقال أزمة بنك سيليكون فالي الأمريكي، إلى بنوك أخرى في أوروبا.
ويُعد المساهمون في الشرق الأوسط بمجموعة كريدي سويس، الذين يمتلكون خُمس البنك السويسري، من أكبر الخاسرين في الاضطرابات التي بلغت ذروتها بموافقة بنك يو بي إس على الاستحواذ على المقرض المتعثر بقيمة زهيدة.
فقد شهد البنك الأهلي السعودي، أكبر مساهم في البنك السويسري، انخفاض قيمة استثماراته بنحو مليار دولار في غضون أشهر.
الـ 9.9 في المئة، التي يملكها أكبر بنك في المملكة العربية السعودية، تبلغ نحو 304 ملايين فرنك (329 مليون دولار) بعد عرض "يو بي إس" الاستحواذ على "كريدي سويس".
واستثمر البنك الأهلي السعودي، المملوك بنسبة 37% لصندوق الاستثمارات العامة، 1.4 مليار فرنك في بنك كريدي سويس أواخر العام الماضي.
وأشارت الصحيفة البريطانية، إلى أن الأهلي السعودي، أحد أكبر البنوك السعودية، ويمتلك صندوق الاستثمارات العامة -الصندوق السيادي السعودي- أكثر من 37.2 بالمئة من رأسماله.
تأتي استقالة الخضيري من البنك الأهلي السعودي -أكبر بنك تجاري في المملكة الغنية بالنفط- بعد أشهر فقط من استثمار المقرض 1.5 مليار دولار أخرى في" كريدي سويس" لتعزيز حصته في البنك السويسري بما يقرب من 10% من قيمته.
وفي مقابلة تلفزيونية هذا الشهر، قال الخضيري إن البنك الأهلي السعودي، الذي اشترى 9.9 في المائة في بنك كريدي سويس العام الماضي، لن يقدم أي مساعدة مالية أخرى، مشيرًا إلى أنه "لن يتسنى إعطاء بنك كريدي سويس مزيد من السيولة لأنه لا يمكن زيادة حصة الملكية فيه على 10% بسبب قواعد تنظيمية".
ورغم أن تعليقات الخضيري تعكس السياسة الراسخة في البنك، فإنها دفعت سعر سهم كريدي سويس إلى الانهيار، ما أدى إلى مفاوضات محمومة بلغت ذروتها في اندماج متسرع مع منافسه "يو بي إس".
ونقلت الصحيفة عن مصرفي مقيم في السعودية -تعليقًا على استقالة الخضيري- قوله: تعليقات رئيس مجلس إدارة البنك الأهلي لم تمر مرور الكرام بين كبار صانعي القرار بالمملكة.
وبيّن مسؤولون تنفيذيون إقليميون أن تعليقات الخضيري، لفتت الانتباه بشكل لا داعي له إلى البنك الأهلي السعودي، والأجندة الاقتصادية الأوسع للمملكة.
وكشفوا عن أن المساهم الرئيس في البنك هو صندوق الاستثمارات العامة السيادي، الذي يقود برنامج الإصلاح لولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان.
بينما قال مصرفي مقيم في دبي للصحيفة البريطانية، منتقدًا تصريحات الخضيري: "لم تكن فكرة رائعة أن تظهر على شاشة التلفزيون في خضم أزمة مصرفية، إذ لم تكن النتيجة جيدة".
مصرفي متمرس
ووصفت "فايننشال تايمز" الخضيري -60 عامًا- بأنه مصرفي متمرس، مشيرة إلى أنه أصبح رئيسًا لمجلس إدارة البنك الأهلي السعودي عام 2021، عند إنشائه، من خلال دمج البنك الأهلي التجاري بمجموعة سامبا المالية، بعدما أمضى حياته المهنية بالقطاع المالي داخل السعودية.
كان الخضيري رئيس مجلس الإدارة لمجموعتي جولدمان ساكس ومورغان ستانلي في المملكة العربية السعودية، كما أسس أيضًا شركتي إدارة الأصول البديلة، أموال الخليج وأموال كابيتال بارتنرز ، ومقرهما الرياض ودبي.
وخلال رئاسته، تمتع البنك الأهلي السعودي بحصة سوقية تبلغ 30% تقريبًا، وفق المؤشرات الاقتصادية، ما منحه إمكانات أكبر لتسهيل التجارة وتعزيز التدفقات النقدية من وإلى المملكة عبر الأسواق الإقليمية والعالمية.
وبينت الصحيفة البريطانية، أن استحواذ "يو بي إس" على كريدي سويس، نتجت عنه خسائر بنحو مليار دولار للبنك الأهلي السعودي، لكنها نقلت عن مصدر مطلع قوله: الحصة في البنك السويسري تُمثل أقل من 2 في المئة من محفظته الاستثمارية، ومن ثمّ سيكون لها تأثير ضئيل في الربحية.
وقد أثارت عملية الإنقاذ بعض الجدل، لأن المساهمين حصلوا على تعويضات، بينما قُضي على حاملي بعض السندات، في ترتيب توسطت فيه السلطات السويسرية.
وبينما دافعت الجهة المنظمة السويسرية عن الصفقة، نفى مقربون من البنك الأهلي السعودي الضغط لتعويض المساهمين.
وحسب الصحيفة البريطانية، يعكس تأثير تعليقات الخضيري في سعر سهم "كريدي سويس"، قوة النيران المالية المتنامية في السعودية.
فقد اتبعت المملكة العربية السعودية، إلى جانب دول الخليج الأخرى الغنية بالنفط، نهجًا أكثر نشاطًا للاستثمارات الخارجية، لأنها توازن بين الاستثمار في الأصول التي يمكن أن تحقق عوائد طويلة الأجل، مع التركيز المتزايد على جهود التنويع الاقتصادي المحلي.
وقد سبق أن وصف الخضيري الاستثمار في "كريدي سويس" بأنه مظهر من مظاهر الدولة السعودية الجديدة، رغم أنه أضاف أن البنك الأهلي السعودي قد يستهدف النمو في الشرق الأوسط وليس مزيدًا من الاستحواذات في أوروبا.
بينما قال أحد المحللين لـ"فايننشال تايمز": إنها المرة الأولى التي يحرك فيها رئيس بنك سعودي الأسواق العالمية".