هل تتجه الأمم المتحدة نحو فتح تحقيق لقمع الاحتجاجات في إيران؟
يبحث الدبلوماسيون في جنيف مسودة قرار قدمتها ألمانيا وآيسلندا، تطالب بفتح تحقيق دولي رفيع المستوى، تكلف به بعثة دولية مستقلة لتقصي الحقائق للنظر في قمع التظاهرات، على أن تأخذ أيضًا بـ"الأبعاد المتعلّقة بالنوع الاجتماعي".

السياق
تعقد الـ47 دولة، المنضوية في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة –الخميس- جلسة عاجلة بشأن الوضع في إيران، تبحث خلالها إمكانية فتح تحقيق دولي في القمع الدامي للاحتجاجات الجارية منذ أكثر من شهرين.
وتقرر عقد الاجتماع عن "تدهور وضع حقوق الإنسان" في إيران بعد تلقي طلب بهذا الصدد من ألمانيا وآيسلندا.
تعقد الجلسة العاجلة، في ظل الاحتجاجات التي أشعلتها وفاة الشابة مهسا أميني البالغة 22 عاماً، بعد أيام من توقيفها لانتهاكها قواعد اللباس في طهران.
وأدى قمع التظاهرات إلى قتل 378 شخصًا على الأقل، بينهم 47 طفلًا، وفقًا لمنظمة حقوق الإنسان في إيران، التي تتخذ أوسلو مقرًا. وتحولت التظاهرات مع الوقت إلى احتجاجات ضد السلطة.
واعتقل آلاف المتظاهرين السلميين، بينهم العديد من النساء والأطفال والمحامين والناشطين والصحفيين، بحسب خبراء في حقوق الإنسان بالأمم المتحدة. وأصدر القضاء -حتى الآن- ستة أحكام بالإعدام على ارتباط بالتظاهرات.
انتهاكات في غاية الخطورة
يبحث الدبلوماسيون في جنيف مسودة قرار قدمتها ألمانيا وآيسلندا، تطالب بفتح تحقيق دولي رفيع المستوى، تكلف به بعثة دولية مستقلة لتقصي الحقائق للنظر في قمع التظاهرات، على أن تأخذ أيضًا بـ"الأبعاد المتعلّقة بالنوع الاجتماعي".
ويدعو مشروع القرار، الذي لا يزال من الممكن إدخال تعديلات عليه، المحقّقين إلى "جمع وتوحيد وتحليل" الأدلة على هذه الانتهاكات والحفاظ عليها، تحسبًا لاستخدامها أمام المحاكم، لاسيما المحاكم الدولية.
وشددت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، التي ستحضر الخميس إلى جنيف، في "تويتر" على أن إجراء تحقيق أمر أساسيّ، مشيرة إلى أهمية "محاسبة المسؤولين على أفعالهم بالنسبة للضحايا".
كذلك دعت مسودة القرار طهران إلى "التعاون" مع المحقّقين، لافتة إلى أنهم سيقدمون إحاطة شفهية للمجلس، خلال دورته العادية في يونيو المقبل، وتقريراً في مارس 2024.
وأثنت المنظمات غير الحكومية على الدعوة لعقد الجلسة.
وقالت لوسي ماكيرنان من منظمة هيومن رايتس ووتش لوكالة فرانس برس: "نرى انتهاكات في غاية الخطورة ردًا على التظاهرات".
وأكدت أن "على المجلس أن يتحرك" مبدية أملها بأن تؤيد الدول التحقيق "لإتاحة الفرصة في المستقبل على الأقل لمحاسبة المسؤولين".
ويتعيّن أن يحصل الطلب على دعم 16 عضواً من أصل 47 في المجلس، أي أكثر من الثلث، كي تعقد جلسة خاصة خارج الجلسات الثلاث العادية السنوية. وأيدت خمسون دولة الدعوة إلى الاجتماع، بينها الـ17 دولة أعضاء مجلس الأمن، وبينها ألمانيا وفرنسا والولايات المتحدة.
التركيز على عدد الأصوات
يتحتم على الدول المؤيدة لمسودة القرار جمع الأصوات الضرورية لإقرار النص بالأغلبية البسيطة.
إلا أن المجلس يشهد خلافات متصاعدة في وجهات النظر، إذ تبدي بلدان عدة معادية لأي تدخل خارجي، بينها الصين وروسيا وإيران، معارضة متزايدة لأي مشروع تحقيق.
وأصيبت الدول الغربية وحلفاؤها مطلع أكتوبر بنكسة كبرى أمام الصين في مجلس حقوق الإنسان، إذ رفضت أغلبية من الدول مناقشة التجاوزات التي تتهم بكين بارتكابها في شينجيانغ.
إلا أن إيران قد تجد صعوبة أكبر في عرقلة القرار الذي يستهدفها، لأن نفوذها أدنى بكثير من نفوذ بكين.
واستحدث المجلس منذ 2011 منصب مقرر خاص لإيران تُجدد مهمته كل سنة.
وسيشكل اجتماع الخميس فرصة للمفوض السامي الجديد النمساوي فولكر تورك، للتوجه لأول مرة إلى المجلس.
كما سيلقي المقرر الخاص لإيران كلمة، وستكون هناك على الأرجح مداخلات لممثلين للمجتمع المدني الإيراني.
وقال المتحدث باسم مجلس حقوق الإنسان جيريمي لورنس، خلال مؤتمر صحفي الثلاثاء، في جنيف، إن "فولكر تورك يرى أن عدد الوفيات المتزايد نتيجة التظاهرات في إيران، ومن بينها وفاة طفلين نهاية الأسبوع، وتشديد رد قوات الأمن، يشيران إلى أن الوضع حرج".