بتدخل من طهران.. هل تستهدف مواقع التواصل الاجتماعي المعارضين الإيرانيين؟

مسيح علي نجاد: بعد انتشار مقطع فيديو انتقدت فيه الحكومة الإيرانية قيَّد إنستجرام حسابي

بتدخل من طهران.. هل تستهدف مواقع التواصل الاجتماعي المعارضين الإيرانيين؟
الكاتبة الإيرانية مسيح علي نجاد

ترجمات-السياق

تساءلت الكاتبة الإيرانية مسيح علي نجاد، في مقال بصحيفة واشنطن بوست الأمريكية عما إذا كان موقع التواصل الاجتماعي "إنستجرام" لديه مشكلات مع المعارضين في طهران، موضحة أنه في 17 يوليو الجاري، قيَّد الموقع حسابها، لكنها لا تعرف السبب.

وأضافت مسيح، وهي ناشطة بمجال حقوق المرأة، في مقال لصحيفة واشنطن بوست الأمريكية: "ما الخطأ الذي ارتكبته؟ لا أعرف، إذ لم يقدم (إنستجرام) أي تفسير في البداية، لكنني أظن أن جرمي هو أنني قد أعطيت صوتاً لمن لا صوت لهم في إيران، إذ إن الـ 7 ملايين متابع الموجودين بحسابي على الموقع يمثلون منصة قوية".

وأشارت مسيح، التي تقدم برنامج "Tablet" الحواري في إذاعة صوت أمريكا باللغة الفارسية، إلى أنه في 12 يوليو الجاري، نظمت الإيرانيات يوماً لتحدي ما يسمى "العيد الوطني للحجاب والعفة"، والذي وصفته بـ"القاسي" في البلد، الذي يفرض ارتداء الحجاب، موضحة أنها على مدى الأيام التالية نشرت العديد من مقاطع الفيديو في صفحاتها على وسائل التواصل الاجتماعي، تظهر نساءً تتحدى قواعد اللباس الرسمية للنظام في طهران.

وذكرت مسيح في مقالها أنه كانت هناك مواجهات بين اللائي ظهرن في مقاطع الفيديو وشرطة الآداب وقوات الأمن الإيرانية، لافتة إلى أن أحد المقاطع التي نشرتها تمت مشاهدته 2.5 مليون مرة في "إنستجرام"، وأكثر من مليون في "تويتر".

وتابعت: "بعد يوم واحد، تلقيت فجأة رسالة من (إنستجرام) تخبرني بتقييد وصولي إلى حسابي: (نحن نحد من عدد المرات التي يمكنك فيها القيام بأشياء معينة على إنستجرام لحماية مجتمعنا)، وكانت النتيجة أنني لم أتمكن من استخدام البث المباشر على الموقع يومًا كاملًا، بينما لم يكن هناك مزيد من التوضيح لأسباب القرار، أو حتى فرصة للاعتراض عليه".

ونقلت الصحفية الإيرانية عن أحد ممثلي الموقع قوله: "تقييد حساب مسيح تم بشكل غير صحيح بسبب مشكلة فنية"، موضحاً أن "المنصة تصدر قيوداً بشكل تلقائي، عندما تكتشف أنظمتها سلوكاً غير مرغوب فيه"، وأضاف: "اتخاذ إجراءات بشأن الحسابات بناءً على طلب من الحكومة الإيرانية، يتعارض مع سياساتنا".

وأضافت مسيح: "يتم استهدافي من قِبل النظام الإيراني بسبب أنشطتي منذ إطلاق حملة (حريتي المخفية) ضد الحجاب الإجباري على (فيسبوك) و(إنستجرام) عام 2014، إذ قضيت أشهراً في منازل آمنة العام الماضي، بعد أن أحبط مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) مؤامرة من عملاء إيرانيين لاختطافي في نيويورك وإعادتي إلى طهران، كما يتم استهدافي على جميع منصات وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بي من قِبل المتنمرين عبر الإنترنت، والحسابات المزيفة التي تنشر روايات كاذبة عني، أو حتى الحسابات التي تنتحل شخصيتي".

وأعربت الناشطة الإيرانية عن شعورها بأنها مستهدَفة من منصات التواصل الاجتماعي نفسها، إذ إنها التقت بعض زملائها الإيرانيين الذين قالوا إنهم لم يتمكنوا من العثور على حسابها في "إنستجرام"، وتابعت: "صحيح أن هذا أمر غريب لكنه حقيقي، ورغم أن حسابي تم التحقق منه بشكل رسمي ويضم ملايين المتابعين، فإنه لا يمكن العثور عليه في محركات البحث على الموقع، وحال كتابة اسمي في مربع البحث، يظهر أكثر من 50 حساباً، لكنها ليست لي".

ورأت مسيح أن الأمر ليس مجرد خلل تقني عشوائي، لكن يبدو أن شخصاً ما قام بالكثير من الجهد لإخفاء حسابها على "إنستجرام"، لافتة إلى أنها قدمت شكوى إلى شيريل ساندبرج، كبيرة مسؤولي العمليات في شركة ميتا، التي تمتلك "إنستجرام"، وهو ما ردت الشركة عليه بحل المشكلة بعد أسبوع، لكنها (أي الشركة) لم تشرح كيفية حدوث ذلك.

وأعربت مسيح عن سعادتها لأن "إنستجرام" اعترف بخطئه، قائلة: "صحيح أن المشكلات الفنية تحدث كثيراً، كما أن القيود على وسائل التواصل الاجتماعي ليست بالضرورة دليلاً على وجود رقابة، لكن هناك نمطًا مقلقًا في الأمر، فلماذا قيَّد النظام حسابي، في الوقت الذي كنت على وشك الترويج فيه للاحتجاج ضد الحجاب الإجباري؟ وإذا كانت الخوارزميات لديها القدرة على تقييد الحسابات، فهل يستطيع النظام الإيراني التلاعب بهذه الأنظمة لصالحه؟".

وأوضحت الصحفية الإيرانية أن هناك العامل البشري أيضاً، إذ يتهم العديد من الإيرانيين مديري المحتوى على "إنستجرام" و"فيسبوك" بحذف أو فرض الرقابة على الحسابات التي تتعقب انتهاكات النظام لحقوق الإنسان، ففي مايو الماضي، ألقت منظمة "طهران إنترناشيونال" باللوم على "إنستجرام" في إزالة صور قوات الأمن التي تضرب المتظاهرين وتطلق الغاز المسيل للدموع على الحشود.

ووفقاً للكاتبة، فإنه في غضون ذلك، يدعي المبلغون عن المخالفات الذين عملوا في "Telus International"، وهي شركة تابعة لـ"إنستجرام" تراقب المحتوى، أن الوكلاء الإيرانيين عرضوا ما يصل إلى 10 آلاف دولار لحذف ومراقبة الحسابات (بما في ذلك حسابات مسيح) التي تبلغ عن انتهاكات حقوق الإنسان.

ونقلت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" عن "Telus International" أنها "تظن أن هذه الاتهامات كاذبة، لكنها تأخذها على محمل الجد، وبدأت تحقيقاً في الأمر".

وفي بيان إلى "واشنطن بوست"، قال "إنستجرام" إنه رغم أنه لم ير أي دليل على هذه المزاعم، فإنه يحقق في الأمر.

ونهاية المقال، قالت مسيح: "بالنظر إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي تمنح الناس العاديين فرصة للرد على أكاذيب الأنظمة الاستبدادية مثل النظام الإيراني، فإنه ينبغي للشركات المسؤولة عن هذه المواقع ألا تقوم بدور هذه الحكومات، بل يجب أن تساعد في نشر الحقيقة".