قذائف وقناصون وقتلى.. حرب شوارع في العاصمة اللبنانية بيروت

يقود حزب الله، حملة للضغط على القاضي طارق بيطار، اعتراضاً على استدعائه وزراء سابقين وأمنيين لاستجوابهم، في إطار التحقيقات التي يتولاها، تخللتها مطالبات بتنحيته.

قذائف وقناصون وقتلى.. حرب شوارع في العاصمة اللبنانية بيروت

السياق

وسط مخاوف من تكرار الحرب الأهلية، شهدت العاصمة اللبنانية بيروت، مواجهات مسلحة استخدمت فيها القذائف، بالتزامن مع تظاهرة لمناصري حزب الله وحركة أمل، ضد المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل وإصابة العشرات.

وتحولت المنطقة المحيطة بقصر العدل، حيث مكتب قاضي التحقيق في انفجار مرفأ بيروت، إلى ساحة حرب شهدت إطلاق رصاص كثيف وقذائف ثقيلة، وانتشار قناصة على أسطح أبنية، رغم وجود وحدات الجيش وتنفيذها انتشارا سريعاً في المنطقة.

الضغط على بيطار

 

يقود حزب الله، حملة للضغط على القاضي طارق بيطار، اعتراضاً على استدعائه وزراء سابقين وأمنيين لاستجوابهم، في إطار التحقيقات التي يتولاها، تخللتها مطالبات بتنحيته.

ويخشى كثيرون أن تؤدي الضغوط إلى عزل بيطار، على غرار سلفه فادي صوان الذي نُحي في فبراير، بعد ادعائه على مسؤولين سياسيين.

وبثّت وسائل إعلام محلية مباشرة على الهواء، مشاهد ظهر فيها مسلحون يطلقون النار في الشوارع وكذلك رصاص من قناصة في أبنية مهجورة.

وتداول مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي، صور تلاميذ يحتمون داخل قاعة تدريس، في مدرسة قريبة.

بينما انتشرت عشرات القناصين على أسطح المباني، مع انتقال التوتر إلى منطقة عين الرمانة القريبة من الموقع، التي تعرف بوجود أحزاب مسيحية فيها.

وتشهد أماكن الاحتجاجات بمنطقة الطيونة في بيروت، حركة نزوح كثيفة من الأهالي، الذين يتركون منازلهم خوفا من تطور الأوضاع.

 

إعادة الهدوء

وقالت الرئاسة اللبنانية في تغريدة على "تويتر" إن "الرئيس ميشال عون أجرى اتصالات برئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزيري الدفاع والداخلية وقائد الجيش"، وأضافت الرئاسة اللبنانية، أن عون تابع معهم "تطورات الوضع الأمني، في ضوء الأحداث التي وقعت في منطقة الطيّونة وضواحيها، لمعالجة الوضع تمهيداً لإجراء المقتضى وإعادة الهدوء إلى المنطقة".

وأكد الرئيس اللبناني ميشال عون، دور مجلس القضاء الأعلى في "عمل السلطة القضائية المستقلة"، مشيراً إلى ضرورة "عدم التجاوب مع أي ضغوط يمكن أن يتعرضوا لها، وأن يكون أعضاء المجلس فريق عمل موحداً ومتضامناً"

إلى ذلك، انتشر الجيش بكثافة في منطقة الطيونة لتطويق العنف، مطالبًا المدنيين بإخلاء الشوارع، وهدد بأنه سيطلق النار على أي مسلح فيها.

ولم يحدد الجيش هوية الأطراف التي بدأت إطلاق الرصاص.

 

ميقاتي يتوعد

دعا رئيس الحكومة اللبنانية، نجيب ميقاتي إلى "الهدوء وعدم الانجرار وراء الفتنة لأي سبب كان"، وقال إن الجيش ماض في توقيف المتورطين في إطلاق النار بمنطقة الطيونة وإحالتهم إلى القضاء.

وأضاف ميقاتي: "الجيش مستمر في معالجة الأوضاع وإعادة بسط السيطرة وإزالة كل المظاهر المخلة بالأمن".

إلى ذلك قال الحساب الرسمي لرئاسة الوزراء اللبنانية على "تويتر"، إن "ميقاتي تابع مع قائد الجيش العماد جوزيف عون، الإجراءات التي يتخذها الجيش لضبط الوضع في منطقة الطيّونة - العدلية، وتوقيف المتسببين بالاعتداء الذي أدى لإصابات".

وقال الحساب إن "ميقاتي تواصل مع رئيس مجلس النواب نبيه بري للغاية ذاتها، وتابع مع وزيري الداخلية بسام مولوي والدفاع موريس سليم الوضع، وطلب عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن المركزي لبحث الوضع".

بدوره، قال وزير الداخلية، بسام مولوي، إن "السلم الأهلي ليس للتلاعب"، مشددًا على "ضرورة اتخاذ كل الإجراءات"، وطلب من الإعلام "مساعدتنا في بث الأخبار الصحيحة".

وقال بعد الاجتماع الاستثنائي لمجلس الأمن المركزي، إن الاحداث بدأت بإطلاق النار، من خلال القنص، وأصيب أول شخص في رأسه وهذا الأمر غير مقبول، وإطلاق النار على الرؤوس يعد أمرًا خطيرًا جدًا".

وأكد أن "تفلت الوضع ليس من مصلحة أحد"، وأعلن أن "الأجهزة تقوم بدورها للانتقال إلى مرحلة التوقيفات كي يأخذ القانون مجراه".

وأعلن: "سنطلب من السياسيين اتخاذ الاجراءات اللازمة بالسياسة وخارجها لضبط الوضع، لأن تفلته ليس من مصلحة أحد".

مسلحون

إلى ذلك، اتهم حزب الله وحركة أمل في بيان مشترك "مجموعات مسلحة ومنظمة" بالاعتداء على مناصريهم، خلال توجهم للمشاركة في تجمع أمام قصر العدل.واعتبرا أن الاعتداء يهدف إلى "جر البلد لفتنة مقصودة".

لكن بالمقابل، انتشر مسلحون من حزب الله وأمل في مناطق المواجهات المسلحة بالعاصمة اللبنانية بيروت.

وخلال الأيام الماضية، وجَّه زعيم حزب الله، حسن نصر الله، انتقادات حادة لقاضي التحقيق في مرفأ بيروت، متهمًا إياه بعدم الحيادية، بعد أن استدعى وزراء ومسؤولين يدورون في فلك الحزب.

ومنذ ادعائه على رئيس الحكومة السابق حسان دياب، وطلبه ملاحقة نواب ووزراء سابقين وأمنيين، تقدَّم أربعة وزراء معنيين بشكاوى أمام محاكم عدة، مطالبين بنقل القضية من يد بيطار، ما اضطره لتعليق التحقيق في القضية مرتين حتى الآن.

تعليق التحقيق

علق بيطار، التحقيق بانتظار البتّ في دعوى مقدَّمة أمام محكمة التمييز المدنية، من النائبين الحاليين وزير المالية السابق علي حسن خليل ووزير الاشغال السابق غازي زعيتر، المنتميين لكتلة حركة أمل.

وقال مصدر قضائي لوكالة فرانس برس، إن محكمة التمييز المدنية رفضت الدعوى، على اعتبار أن الأمر ليس من صلاحيتها، لأن بيطار "ليس من قضاة محكمة التمييز".

وإثر القرار، يستطيع بيطار استئناف تحقيقاته، ومن المفترض أن يحدد مواعيد لاستجواب زعيتر ووزير الداخلية السابق نهاد المشنوق، بعدما اضطر لإلغاء جلستي استجوابهما الأسبوع الحالي، إثر تعليق التحقيق.

وهذه المرة الثانية التي يرفض فيها القضاء دعوى مماثلة ضدّ بيطار، لعدم اختصاص المحكمة النظر فيها.

وكان مقرراً أن تعقد الحكومة بعد ظهر الأربعاء، جلسة لبحث مسار التحقيق، غداة توتر شهده مجلس الوزراء، بعدما طالب وزراء حزب الله وحركة أمل بتغيير المحقق العدلي، إلا أن رئيس الحكومة، نجيب ميقاتي، قرر تأجيل اجتماع الأربعاء إلى موعد لاحق، بانتظار التوصل إلى حل.