ذا ناشيونال إنترست: ماذا يعني النفوذ الإيراني في أرمينيا وجنوب القوقاز؟

من شأن إنشاء خط سكة حديد بديل جنوب الحدود عبر إيران، أن يضعف موقف أرمينيا، في مفاوضات ما بعد الصراع مع أذربيجان، ومن ثمَّ يتعيَّـن على أرمينيا، أن تتوخى الحذر من تداعيات تشغيل هذا الخط، لأنه لن يؤدي إلى عزلها عن الاقتصاد الإقليمي في المستقبل فحسب، بل سيمنح طهران نفوذًا كبيرًا في هذه المنطقة

ذا ناشيونال إنترست: ماذا يعني النفوذ الإيراني في أرمينيا وجنوب القوقاز؟

ترجمات - السياق

سلَّطت مجلة ذا ناشيونال إنترست الأمريكية، الضوء على النفوذ الإيراني، في أرمينيا وجنوب القوقاز، مشيرة إلى أن إعادة تشغيل ممر "ناختشيفان" الذي يربط بين أذربيجان وأرمينيا، ويمر عبر إيران، تمنح طهران مزيدًا من النفوذ في منطقة القوقاز، وتسهم بزيادة اندماجها في الاقتصاد العالمي.

وأوضحت المجلة، أنه من شأن إنشاء خط سكة حديد بديل جنوب الحدود عبر إيران، أن يضعف موقف أرمينيا، في مفاوضات ما بعد الصراع مع أذربيجان، ومن ثمَّ يتعيَّـن على أرمينيا، أن تتوخى الحذر من تداعيات تشغيل هذا الخط، لأنه لن يؤدي إلى عزلها عن الاقتصاد الإقليمي في المستقبل فحسب، بل سيمنح طهران نفوذًا كبيرًا في هذه المنطقة.

وفي ما يتعلق بأهمية الممر، فإن إعادة تشغيله، ستمنح إيران نفوذًا متجددًا في المنطقة، بما يمثِّل تهديدًا للولايات المتحدة، خاصة مع تولِّي السلطة قيادة إيرانية متشدِّدة، تسعى إلى تجاوز العقوبات والعزلة، عبر مد نفوذها إلى منطقة القوقاز.

يذكر أن دور واشنطن، كان محدودًا، في حل النزاع بين أذربيجان وأرمينيا، لكنها تمكّنت مؤخرًا من التوسط في أول تدخل دبلوماسي، منذ وقف المواجهات العدائية، كما اعترفت إدارة بايدن رسميًّا بالإبادة الجماعية للأرمن، ما عزَّز علاقات الولايات المتحدة بأرمينيا.

 

شريان الحياة

الرئيس الإيراني المنتخب، إبراهيم رئيسي، الذي كان قاضياً، يقف تاريخه الدموي الطويل حائلاً أمام أي وعود ثقة، قد يلتزم بها خلال فترة توليه الرئاسة، حيث أشرف على إعدام 30 ألف سجين سياسي عام 1988، ورغم أن بلاده تكافح تحت وطأة العقوبات والعزلة، فإن إيران -بقيادتها الجديدة- قد تمنح قريبًا شريانًا للحياة جنوب القوقاز.

ورأت المجلة الأمريكية، أنه سيكون من الغريب جدًا، أن تلقي أرمينيا بهذا الشريان بين أيدي إيران، رغم تجدُّد صراعها مع الدولة المجاورة أذربيجان، ما يتطلَّب تدخلاً أمريكيًا عاجلاً، للحفاظ على مصالحها بالمنطقة.

ففي الخريف الماضي، خاضت أذربيجان وأرمينيا، نزاعًا على منطقة ناغورنو كاراباخ، وكانت النتيجة عودة الأراضي إلى أذربيجان، وكان من النتائج الأخرى أيضًا، لاتفاق وقف إطلاق النار بين البلدين، إعادة فتح طرق العبور بين البلدين.

 

أهمية وخطورة

قال رئيس الوزراء الأرميني، نيكول باشينيان: "لم تخطر ببالنا خطورة مشروع ممر ناختشيفان، رغم الإشارة إليه صراحةً، في اتفاقية وقف إطلاق النار، لأن ذلك من شأنه أن يضعف يد أرمينيا، في مفاوضات ما بعد الصراع، ومن ثَم علينا توخي الحذر".

أما بالنسبة لأذربيجان، فإن إعادة الاتصال المباشر لها أهمية رمزية كبيرة لها، وبذلك يحتل مكانة عالية في أي حساب جيواستراتيجي، إذ يستلزم السفر من ناختشفان وإليها حاليًا، التفافًا طويلًا عبر إيران على الطرق السيئة، أو عبر جورجيا وتركيا، لذلك من الضروري تشغيل خط السكة الحديدية، لضرب عصفور آخر بالحجر نفسه، وهو حل النزاع مع أرمينيا.

لكن هذا الحساب، آخذ في التغيُّـر بسبب تشدُّد أرمينيا، إذ إن بعض الدوائر السياسية في باكو، ترى أن هذا الخط لن يؤدي إلى عزل أرمينيا، عن الاقتصاد الإقليمي المستقبلي فحسب، بل سيمنح طهران نفوذًا قويًا في القوقاز، بحسب مجلة ذا ناشيونال إنترست.

 

ترسيخ وجود

ترى المجلة، أن إيران أرادت استغلال الموقف، خلال الصراع "الأذري – أرميني"، بفتح طريق لها في المنطقة، تحت دعاوى أنها تأتي ضمن مجالها الجغرافي، فكان الدفع بضرورة تأسيس خط السكة الحديدية -كحصان طروادة- لوضع قدم لها في المنطقة المضطربة.

وأوضحت المجلة، أن الاتصال الإقليمي الجديد، الذي أعاقه النزاع بين أذربيجان وأرمينيا فترة طويلة، أصبح الآن مفتاح الازدهار جنوب القوقاز، إذ بدأت إيران تضع قدمها، تحت دعوى المشاركة في البنية التحتية، للمنطقة التي دمَّرتها الحروب، ما وفَّر نفوذًا كبيرًا لها، لم يكن له أي داعٍ، لو لم يكن هناك صراع بين يريفان وباكو، فضلاً عن حوافز اقتصادية متعدِّدة، تسعى طهران إلى الاستفادة منها.

لكن المؤكد أن للتدخل الإيراني، تداعيات على المنطقة أهم من المنافع الاقتصادية، إذ يقع جنوب القوقاز على طول ما يسمى الممر الأوسط للشحن، بين آسيا والمحيط الهادئ وأوروبا، وبذلك فإن تشغيل خط السكة الحديدية، سيمنح إيران المزيد من النفوذ والاندماج في الاقتصاد العالمي، وفقاً للمجلة الأمريكية.

وأضافت المجلة: "يجب على أمريكا إقناع أرمينيا بالتقدُّم لوقف المشروع، من أجل مستقبلها الاقتصادي وأمنها الإقليمي، فبعد أن كانت واشنطن في البداية، ترفض التدخل في حل النزاع، إلا أنها تمكنت مؤخرًا من التوسط، ونجحت في إقناع أذربيجان، بإطلاق سراح خمسة عشر معتقلاً أرمنيًا، وفي المقابل، سلَّمت يريفان خرائط تفصيلية، للألغام التي زرعتها في واحدة من سبع مقاطعات، استردتها أذربيجان خلال الصراع".