هل يُخاطر حزب الله بالحرب مع إسرائيل قبل ختام المحادثات الحدودية البحرية؟
من المتوقع أن يستمر الجدل بين الجانبين، وسط انتظار للاقتراح الذي سيقدِّمه الوسيط الأمريكي عاموس هوشتاين

ترجمات - السياق
أفادت صحيفة هآرتس الإسرائيلية، بأن "حزب الله يشير إلى أنه قد يُخاطر بالحرب مع إسرائيل، قبل ختام المحادثات الحدودية البحرية"، مشيرة إلى أنه "بينما يركز المجتمع الدولي على المفاوضات مع إيران بشأن اتفاقية نووية جديدة، تتصاعد التوترات على طول الحدود الشمالية لإسرائيل".
وتتصاعد الأزمة بين إسرائيل وحزب الله على قضية ترسيم الحدود البحرية، خصوصًا حقل "كاريش" للغاز في البحر المتوسط، في الوقت الذي تحاول فيه إسرائيل حسم حقل كاريش لمصلحتها، بنشرها منصة تنقيب في المنطقة المتنازع عليها، وتوقيعها عقودًا مع شركات دولية، لبدء استخراج الغاز من كاريش بداية سبتمبر المقبل.
هذه المعطيات دفعت حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله اللبناني، إلى التهديد بأن "المقاومة لن تقف مكتوفة اليدين، وأن كل الإجراءات الإسرائيلية لن تستطيع حماية المنصة العائمة لاستخراج النفط من حقل كاريش، خصوصًا بعد نشر حزب الله مقطع فيديو لسفن مشاركة في عملية التنقيب بحقل غاز كاريش في البحر المتوسط، وما سبقها من إرسال طائرات مسيّرة استطلاعية فوق الحقل، تدعي إسرائيل إسقاطها.
أمام ذلك، تطرق وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس، إلى تهديدات أمين عام حزب الله، حسن نصرالله، بمهاجمة منصات الغاز الإسرائيلية، قائلًا: "أعتقد أنه في المستقبل ستكون هناك منصة من جانبنا ومنصة في الجانب اللبناني". وعبر عن أمله بـ"ألا نضطر إلى الدخول في حرب مع لبنان، لأن ذلك سيشكل مأساة للدولة اللبنانية ومواطنيها".
من المتوقع أن يستمر الجدل بين الجانبين، وسط انتظار للاقتراح الذي سيقدِّمه الوسيط الأمريكي عاموس هوشتاين.
فجوات
وبينت الصحيفة -في تحليل لمحللها العسكري عاموس هرئيل- أنه رغم الارتفاع الحاد في عدد التصريحات والتسريبات، بشأن مفاوضات اتفاق نووي جديد مع إيران، فإنه لا تزال هناك حقيقتان.
الأولى -حسب الصحيفة- أنه لم يتم التوصل إلى اتفاق حتى الآن، ورغم أن الفجوات بين مواقف الطرفين ضاقت، فلا يوجد ما يضمن التوصل إلى أي اتفاق في أي وقت قريب.
أما الحقيقة الأخرى، فهي أنه "مهما كانت درجة رغبتها في خلاف ذلك، فإن تأثير إسرائيل في شروط الاتفاقية -إذا تم توقيعها في النهاية- محدود للغاية".
واستشهدت "هآرتس" بما كشفه الصحفي الإسرائيلي باراك رافيد في موقع والا الإخباري -السبت الماضي- بأن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تحاول طمأنة إسرائيل بأن الولايات المتحدة لن توافق على أي تنازلات أخرى لطهران.
بينما أفاد المحلل في صحيفة هآرتس، جوناثان ليس -الأحد- بأن مستشار الأمن القومي الإسرائيلي إيال هولاتا سيتوجه إلى واشنطن -هذا الأسبوع- في محاولة للحصول على فهم أفضل لموقف الإدارة الأمريكية بشأن اقتراح التسوية، الذي قدمه الاتحاد الأوروبي الخاص بالاتفاق النووي.
كان الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة قالا -قبل أيام- إنهما يدرسان الرد الإيراني على ما يصفه الاتحاد بالمقترح "النهائي" لإنقاذ الاتفاق النووي الإيراني الموقع عام 2015 بعد أن دعت طهران واشنطن إلى إبداء المرونة.
كانت طهران ردت -الاثنين- على المسودة التي قدمها وسطاء الاتحاد الأوروبي إلى المفاوضين الإيرانيين، في الجولة الأخيرة من محادثات فيينا 8 أغسطس الماضي.
وبينما قالت واشنطن إنها مستعدة لإبرام صفقة بسرعة لإحياء اتفاق 2015 على أساس المقترحات الأوروبية، ذكرت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية "إيرنا" أن "إيران قدمت ردًا خطيًا على مسودة نص اتفاقية فيينا، وأعلنت أن إبرام الاتفاق سيتم إذا ردت الولايات المتحدة بواقعية ومرونة".
لكن -حسب "هآرتس"- لا شيء مما سبق يغير الصورة العامة كثيرًا، إذ تميل ترجيحات المخابرات الإسرائيلية إلى توقع اتفاقية -على الأقل بقدر ما يعتمد ذلك على الأمريكيين- مشيرة إلى أنه "إذا قال المرشد الأعلى لإيران علي خامنئي: نعم للاتفاقية، من المفترض أن تفعل واشنطن ذلك أيضًا".
ورأت الصحيفة، أن هذه الاتفاقية ستكون أسوأ من سابقتها -التي وُقعت عام 2015- لأنه منذ انسحاب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب من الصفقة عام 2018، استغلت إيران تردد إدارتين أمريكيتين ولامبالاة المجتمع الدولي، واتخذت خطوات واسعة نحو تحقيق القدرة على صُنع الأسلحة النووية، مشددة على أنه "ليس من المرجح أن تعيد أي اتفاقية جديدة عقارب الساعة إلى الوراء".
نصرالله يقطع الطريق
ورأت "هآرتس" أن التقدم في المحادثات النووية تزامن مع تطورات في مفاوضات غير مباشرة أخرى لم تسفر عن اتفاق، إذ من المفترض أن يجري المبعوث الأمريكي الخاص عاموس هوشتاين جولة أخرى من الدبلوماسية المكوكية بين الجانبين الإسرائيلي واللبناني -هذا الأسبوع- في محاولة لحل خلاف الحدود البحرية بينهما، وبدء التنقيب عن الغاز الطبيعي -أولاً على الجانب الإسرائيلي (حقل كاريش البحري)، ولاحقًا على الجانب اللبناني، حيث تأخر التنقيب سنوات.
وحسب الصحيفة "لا يزال ما يفاجئ القادة الإسرائيليين هو الموقف العدواني، بل التصعيدي الذي يتبناه الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله"، مشيرة إلى أنه -حتى وقت قريب- كانت الحكمة المقبولة في المؤسسة الدفاعية الإسرائيلية، أن نصر الله لا يزال يحمل ندوب حرب منظمته مع إسرائيل عام 2006، وهو قلق من المشكلات الاقتصادية والسياسية في لبنان، ولكلا السببين، سيكون حذرًا للغاية بشأن جر حزب الله إلى صراع جديد مع إسرائيل.
لكن منذ أكثر من شهرين، خرج نصر الله يهدد إسرائيل بالحرب، إذا لم تستجب لجميع مطالب لبنان بشأن المكان الذي يجب أن تمتد فيه الحدود البحرية.
أوائل يوليو الماضي، أطلق حزب الله مرتين طائرات من دون طيار اعترضتها إسرائيل، بالقرب من منصة الحفر "كاريش".
وقال نصر الله -في بيانه الأخير- الجمعة: "إذا لم يحصل لبنان على كل شبر من الأراضي البحرية التي يستحقها، من المرجح أن تكون الحرب"، وأضاف: "سواء تم توقيع اتفاق نووي مع إيران أم لا، إذا لم يمنح الوسيط الأمريكي لبنان ما يطلبه من حقوقه، فإننا نتجه نحو التصعيد".
وبينت الصحيفة، أن نصر الله يريد إرسال رسالتين من وراء هذه التصريحات، الأولى أن "حزب الله على استعداد للذهاب إلى حافة الهاوية والمخاطرة بالحرب لمساعدة لبنان في الحصول على كل ما يعتقد أنه يستحقه"، والأخرى "اعتبار قضية الحدود البحرية مستقلة عن المفاوضات النووية في فيينا".
حرب محتملة
واعتبرت "هآرتس" أن الرسالة الأولى تثير القلق، لوجود حالات سابقة في المنطقة بالفعل، أدت فيها دوامة التهديدات المتبادلة والحسابات الخاطئة إلى نشوب حرب، بيد أن الرسالة الأخرى ليست دقيقة بالضرورة، فقد يكون لمصلحة إيران الضغط على إسرائيل، في ضوء مساعي إبرام اتفاق نووي.
وأشارت إلى أن أحد المخاطر أن كل طرف في التوترات على طول الحدود الشمالية لإسرائيل، يعتقد أن عدوه لا يريد الصراع، فبينما تعتقد إسرائيل أن حزب الله ما زال يرتدع، يعرف حزب الله أن لدى إسرائيل حكومة جديدة ذات خبرة محدودة، ولا تفكر سوى في الانتخابات المقبلة المقررة في نوفمبر.
وأوضحت أن هذه المخاطر قد لا تصل إلى الحرب، لكن المشكلة تكمن في أنه غالبًا ما يكون من المستحيل التنبؤ بضبط النفس في الجانبين، ما يعني أن الحرب تظل أيضًا محتملة.
وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية، باستنفار إسرائيلي مرتفع في الشمال، سيستمر في الأيام القريبة، وأشارت إلى أن سبب الاستنفار الخشية من محاولة حزب الله تنفيذ عمل عسكري قبيل توقيع اتفاق الحدود البحرية.