تفجير تقسيم... هل يعيد تركيا إلى شبح العمليات الإرهابية؟
قال المحلل السياسي المختص بالشأن الإقليمي الدكتور عبد المهدي مطاوع، في تصريحات لـ السياق، إن عودة التفجيرات في تركيا مرتبطة بمجموعة من الأوضاع، بينها اقتراب الانتخابات التركية.

السياق
بعد هدوء حذر دام أعوامًا، كانت فيها اليد التركية «تعبث» في بلدان عدة، انقلبت الأوضاع ووقعت أنقرة في «فخ» العمليات الإرهابية، بحادث ساحة تقسيم في قلب مدينة اسطنبول.
ذلك الحادث «الإرهابي» الذي أودى بحياة 6 أشخاص وأصاب نحو 81، أعاد إلى الأذهان العمليات الإرهابية التي شهدتها البلاد قبل 6 سنوات، وتحديدًا خلال عامي 2016 و2017.
ورغم الاتهامات التركية لحزب العمال الكردستاني بالمسؤولية عن الحادث، ونفي الأخير ضلوعه في العمل «الإرهابي»، فإن توقيته ودلالاته، يشيران إلى حقبة خطيرة قد تقف أنقرة على أعتابها، خاصة بعد عدد من العوامل التي تراكمت على مدى أعوام.
ورغم أن الحادث بدا انتقاميًا لمجموعة ممن لم تكشف هويتهم حتى اللحظة، فإن آثاره ستكون كبيرة على جميع الأصعدة، فالأوضاع الاقتصادية في تركيا ستتجه إلى مزيد من التأزيم، خاصة أن الحادث استهدف مناطق سياحية، بينما ستشرع أنقرة في عمليات «انتقامية» من قوى كردية خارج البلاد، بصبغة شرعية صبغها بها الحادث.
تركيبة
إلى ذلك، قال المحلل السياسي المختص بالشأن الإقليمي الدكتور عبد المهدي مطاوع، في تصريحات لـ«السياق»، إن عودة التفجيرات في تركيا مرتبطة بمجموعة من الأوضاع، بينها اقتراب الانتخابات التركية.
وأوضح المحلل السياسي، أن هناك دوافع أسهمت بالوصول إلى هذه النقطة، أبرزها الضغط الذي تقوم به أنقرة ضد الأكراد، سواء عسكريًا أم بتجفيف مصادر التمويل الخارجية، خاصة في السويد، إلى جانب الأوضاع المتأزمة الناجمة عن الحرب الروسية الأوكرانية وموقف تركيا منها.
وأشار إلى أن نفي حزب العمال الكردستاني مسؤوليته عن التفجير، يقع في نطاق تخفيف رد الفعل التركي المتوقع على العملية، وإبعاد شبهة الإرهاب عنه، إلا أنه قال إن تنفيذ العملية بشكل غير احترافي يثير شكوكـًا في الجهة المنفذة، مشيرًا إلى أن هناك أطرافًا أخرى قد تكون لها مصلحة في تنفيذ هذا المخطط.
وأشار إلى أن العملية تختلف عن أسلوب «داعش» الانتحاري، وإن كان من الممكن تورطه فيها، خاصة أن إمكاناته الحالية ضعيفة، إضافة إلى أن المتهمة ليست كردية.
وبينما قال إن التحقيقات الرسمية واعترافات المنفذة ستميطان اللثام عن الكثير من المعلومات، أشار إلى أن أنقرة ستحقق مجموعة من الأهداف عقب العملية، أبرزها اكتساب عملياتها العسكرية ضد حزب العمال الكردستاني شرعية قانونية، فضلًا عن تسريع مخطط عودة اللاجئين السوريين في تركيا إلى بلادهم.
حرب مفتوحة
من جانبه، قال الكاتب المتخصص في العلاقات الدولية نبيل نجم الدين، في تصريحات لـ«السياق»، إن هذا التفجير والاتهامات الرسمية التركية، يعنيان أن هناك حربًا «مفتوحة» بين الحكومة التركية والتنظيمات الكردية، مستدلًا على تصريحاته بإحباط الأمن التركي خلال عام 2022، نحو 200 عمل إرهابي.
ورأى الكاتب المتخصص في العلاقات الدولية تفجير «تقسيم»، خطيرًا لأنه –بحسب الرواية التركية- من نفذته سورية تدعى أحلام البشير، كانت تعمل لدى حزب العمال الكردستاني، الذي كان يخطط لإجراء عمليات بعد هذا التفجير.
منطقة استهداف
وأشار إلى أن منطقة تقسيم تعرضت لعدد كبير من العمليات الإرهابية منذ عام 2010، ما يعني أنها «نقطة رخوة».
كان وزير الداخلية التركي سليمان صولو، قال إن الذين نفذوا هذا الهجوم كانوا يخططون للهرب إلى اليونان، لكن التصرف السريع لقوات الأمن التركية أدى إلى إلقاء القبض عليهم وإحباط مخططاتهم.
وأشار الباحث المختص في الشأن الدولي، إلى العلاقات المتشابكة لتركيا، ممثلة في الرئيس رجب طيب أردوغان، التي أسهمت في إثقال كاهل الأمن التركي، وتقويض قدراته، مؤكدًا أن أنقرة متورطة في علاقات معقدة مع قوى غير مشروعة في ليبيا والصومال وعدد من الدول العربية، بل إن تقارير غربية تحدثت عن علاقاتها بتنظيم داعش، ما جعل البلاد مسرحًا لتحركات مليشيات موالية لهؤلاء الحلفاء، إذا جاز توصيفهم.
انتهاكات متتالية
وأكد أن الانتهاكات المتتالية للجيش التركي في الشمال السوري والعراقي، قد تدفع قوىة كردية خارج تركيا إلى تنفيذ عمليات «انتقامية» في الداخل التركي، ما يزيد عودة سلسلة التفجيرات والعمليات الإرهابية مرة أخرى للبلاد.
وعن التأثيرات المتوقعة لهذا التفجير، قال نجم الدين إن أول آثاره ستظهر في قطاع السياحة، ما قد ينعكس على العملة التركية، مشيرًا إلى أن الأيام المقبلة «ستكون في غاية الصعوبة» على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، على حد قوله.
وأكد أن هذا التفجير سيكون له تأثير في مسار الانتخابات المقبلة، خصوصًا أن تكرار هذا الحادث، سيجسد فشل المنظومة الأمنية للرئيس التركي وحزبه.