رسالة قاسية من شقيقة المرشد... احتجاجات إيران على صفيح ساخن

تقول بدري حسيني خامنئي شقيقة المرشد، في رسالتها التي نشرها نجلها محمد مراد خاني طهراني، إن فقدان طفل حزن كبير لكل أم، مشيرة إلى أن العديد من الأمهات أصبحن ثكلى خلال العقود الأربعة الماضية.

رسالة قاسية من شقيقة المرشد... احتجاجات إيران على صفيح ساخن

السياق

بعد فشل مخططات السلطات الإيرانية، بإجهاض الاحتجاجات التي دخلت شهرها الثالث على التوالي، بوسائله التي تنوعت بين القمع والإعدام، والخداع، يواجه النظام تحديًا من نوع خاص.

ذلك التحدي، يتمثل في بعض الانشقاقات التي تسربت إلى صفوفه وبنيته، إضافة إلى تزايد الدعم الدولي للتظاهرات التي لم تخمد جذوتها منذ أن اندلعت، احتجاجًا على وفاة الشابة الكردية مهسا أميني، على يد ما تعرف بـ«شرطة الأخلاق».

وبينما بدأ النظام الإيراني خطوات للتراجع عن تعنته ضد المحتجين، بمحاولة «خداعهم» عبر إيهامهم بإلغاء «شرطة الأخلاق»، ودراسة تعديلات على قانون الحجاب، إلا أن المتظاهرين كانوا أكثر وعيًا بتلك المخططات التي وصفوها بـ«الخبيثة»، ولم يتركوا الشارع للقوات النظامية، بل زادوا تحدياتهم ووقوفهم في وجه النظام الذي يترنح في الفترة الأخيرة.

وبين استمرار الاحتجاجات وفشل النظام في «قمعها»، تسربت إلى وسائل الإعلام رسالة وُصفت بـ«القاسية» من شقيقة المرشد الإيراني علي خامنئي، باللغتين الفارسية والإنجليزية، تبرأت فيها من خلافة أخيها «الاستبدادية».

وتقول بدري حسيني خامنئي شقيقة المرشد، في رسالتها التي نشرها نجلها محمد مراد خاني طهراني، عبر «تويتر»، واطلعت «السياق» على نسخة منها، إن فقدان طفل حزن كبير لكل أم، مشيرة إلى أن العديد من الأمهات أصبحن ثكلى خلال العقود الأربعة الماضية.

 

تعاطف وندم

وأوضحت شقيقة خامنئي: «أعتقد أنه من المناسب الآن أن أعلن أنني أعارض أفعال أخي وأعبر عن تعاطفي مع جميع الأمهات اللائي يعشن على جرائم النظام، من زمن الخميني إلى العصر الحالي للخلافة الاستبدادية لعلي خامنئي».

وأضافت: «مثل كل الأمهات الإيرانيات، أشعر بالحزن أيضًا لابتعادي عن ابنتي(...) عندما يعتقلون ابنتي بالعنف، من الواضح أنهم يمارسون العنف آلاف المرات على الفتيان والفتيات المضطهدين الآخرين الذين يتعرضون لقسوة لا إنسانية».

كانت السلطات الإيرانية، ألقت القبض -قبل أيام- على فريدة مراد خاني طهراني، ابنة شقيقة علي خامنئي، عندما توجهت إلى مكتب المدعي العام، للتحقيق في مقطع فيديو، دعت فيه المجتمع الدولي لقطع العلاقات مع النظام الإيراني.

وتابعت شقيقة المرشد الإيراني: «بدأت معارضة عائلتنا ونضالها ضد هذا النظام الإجرامي بعد أشهر قليلة من الثورة. إن جرائم هذا النظام، وقمع أي صوت معارض، وسجن الشباب الأكثر تعليماً والأكثر رعاية في هذه الأرض، والعقوبات الأشد، والإعدامات الواسعة النطاق كانت منذ البداية».

وأشارت إلى أن زوجها علي طهراني «كان منذ البداية ضد هذا النظام والحكومة الثيوقراطية. لقد كان صوت رغبة الناس في الحرية، وبسبب ذلك تحمل كل أنواع المشقات، ومنها سجنه مرتين في ستينيات القرن التاسع عشر (الثمانينيات) وقضاء عشر سنوات بالسجن في شيخوخته».

وتابعت شقيقة المرشد الإيراني: «خلال العشرين سنة الماضية، عانت ابنتي فريدة كل أنواع المشقات والسجن، من خلال أنشطتها المدنية والحقوقية، بما في ذلك دعم السجناء السياسيين وعائلاتهم، ومحاولة وقف عمليات الإعدام الجائرة»، مضيفة: «كواجب إنساني، قمت مرات عدة، بإيصال صوت الناس إلى آذان شقيقي علي خامنئي منذ عقود. لكن بعد أن رأيت أنه لا يستمع ويواصل طريق الخميني في قمع وقتل الأبرياء، قطعت علاقتي به».

وقالت شقيقة المرشد: «طالما كان اهتمامي وسيظل دائمًا الناس، خاصة نساء إيران. أعتقد أن نظام الخميني وعلي خامنئي لم يجلب سوى المعاناة والقمع لإيران والإيرانيين»، مشيرة إلى أن «شعب إيران يستحق الحرية والازدهار، وانتفاضته مشروعة وضرورية لنيل حقوقه. آمل أن أرى انتصار الشعب وإسقاط هذا الاستبداد الحاكم لإيران».

وطالبت الحرس الثوري و«المرتزقة التابعين لعلي خامنئي بإلقاء أسلحتهم في أسرع وقت ممكن والانضمام إلى الشعب قبل فوات الأوان»، معبرة عن أسفها لعدم استطاعتها المشاركة في الاحتجاجات لما تعانيه من أمراض جسدية، إلا أنها قالت إن قلبها وروحها مع شعب إيران.

وتابعت: «أخي لا يستمع إلى صوت شعب إيران ويعتبر خطأً أن صوت مرتزقته هو صوت الشعب الإيراني»، معبرة عن آمالها بأن يتحقق النضال الشرعي للشعب لتحقيق الحرية والديمقراطية في أسرع وقت ممكن».

رسالة شقيقة المرشد الإيراني، كانت العلامة الأكثر وضوحًا على بدء تصدع النظام الإيراني من الداخل، حتى أنه بات غير قادر على «كتم» أفواه أقرب المقربين إليه، الذين ضاقوا ذرعًا بممارساته وأفعال المليشيات التي يجندها كسوط على أجساد مواطنيه.

تأتي رسالة شقيقة المرشد الإيراني، بعد يوم من أحداث «عنيفة» شهدتها إيران، إثر ممارسات قمعية من سلطات النظام الإيراني، للطلاب والمحتجين.

 

احتجاجات وتأبين

وبحسب تقارير محلية، فإن عددًا من المدن شهدت –الثلاثاء- مراسم تأبين وأربعينية عدد من الشباب الذين سقطوا برصاص الأمن الإيراني، خلال احتجاجاتهم ضد النظام، بينها: مهاباد، وبانه، وآمل، وبندر أنزلي. وقد رفع الأهالي في هذه المدن شعارات ضد النظام الإيراني وحولوا المراسم إلى ساحات احتجاج.

وقد أقيمت –الثلاثاء- مراسم أربعينية علي فاضلي، أحد المحتجين الذين قتلهم النظام الإيراني بمدينة آمل، شمالي إيران، بينما أظهرت مقاطع فيديو والدة فاضلي، تبكي نجلها البالغ من العمر 29 عامًا، الذي سقط 27 أكتوبر الماضي برصاص قوات الأمن.

وشهدت مراسم أربعينية فريدون فرجي في مدينة بانه، غربي إيران، شعارات احتجاجية رفعها المشاركون فيها، بينما أقيمت مراسم الأسبوع الأول لمهران سماك، في بندر أنزلي، شمالي إيران، رغم هجوم ومحاولات قوات الأمن الإيراني لمنع مشاركة الأهالي في هذه المراسم.

ووثق مغردون على مواقع التواصل الاجتماعي في مقاطع فيديو، محاولات القوات الأمنية للهجوم على الأهالي المشاركين في مراسم تأبين مهران سماك، الذي قُتل خلال احتفاله بخسارة منتخب إيران أمام أمريكا في مونديال قطر، بينما سمع صوت إطلاق نار في مقطع الفيديو.

يأتي ذلك، بينما دخل طلاب جامعات إيرانية، الثلاثاء، في اعتصامات وإضرابات واسعة، ونظموا تجمعات احتجاجية تضامنًا مع التظاهرات المنتشرة في جميع أنحاء إيران، مطالبين بإطلاق سراح زملائهم المعتقلين.

ورفض الطلاب الجامعيون المشاركة في الصفوف الدراسية، ونظموا تجمعات احتجاجية على اعتقال وقمع وفصل زملائهم من الدراسة، وضد قانون الانضباط الجديد، بينما قام الطلاب بعصب أعينهم وأفواههم، وانتشروا في الكلية فوق السطوح المرتفعة داخل الكلية، من دون التفوه بكلمة.

وفي كردستان، غربي إيران، رفض طلاب جامعة سنندج وطالبات جامعة التقنية للبنات، المشاركة في الصفوف الدراسية تلبية لدعوات الإضراب العام في البلاد، بينما أضرب طلاب جامعة خواجة نصير بطهران عن الصفوف الدراسية، وتجمعوا في الحرم الجامعي هاتفين ضد خامنئي: «يزعم أنه زعيم المسلمين وهو خادم للروس والصينيين».

 

يوم رعب للنظام

في محاولة من النظام لترهيب الطلبة، شهدت جامعة شريف بطهران، الثلاثاء، انتشارًا مكثفًا لقوات أمن الجامعة، على شكل فرق تتجول في الجامعة، لمنع أي تجمع محتمل، بينما تحدثت تقارير محلية عن تقييد حضور الطلاب في الصالة، ومواجهة الحراس الطلاب.

بدورها، قالت قناة نقابة الطلاب الجامعيين في إيران، إنه حدثت حالات ملاحقة ومطاردة للطلاب من قوات الأمن، رفع فيها الطلاب بهذا الخصوص شعار: «قوانينهم كاذبة... الجامعة معسكر».

وأعلنت مجموعة «إطاحة النظام» الإلكترونية اختراق مئات المواقع لجامعات إيرانية مختلفة، والمواقع التابعة لها، متعهدة بنشر 8 غيغا بايت من المعلومات التي تم تنزيلها، باستثناء الوثائق الشخصية للطلاب.

يأتي ذلك، بينما تعهدت مجموعة «شباب أحياء طهران» -في بيان- بتحويل 7 ديسمبر الجاري إلى يوم رعب للنظام، داعية إلى تجمعات عامة من جامعة شريف إلى الشرق، ومن جامعة أمير كبير للتكنولوجيا إلى الغرب.

 

مقاطعة ثقافية

ووقَّع أكثر من 500 كاتب وفنان وأكاديمي وناشط ثقافي، من جميع أنحاء العالم، بيانًا يدعو إلى مقاطعة النظام الإيراني في المجالات الفنية والثقافية والأكاديمية، مدينين القمع العنيف للاحتجاجات، واصفين ذلك السلوك بـ«جريمة ضد الإنسانية»، مطالبين بمحاكمة مرتكبي القمع في المحاكم الدولية.

وبينما أشاد الكتاب والفنانون باحتجاجات «المرأة، الحياة، الحرية»، معتبرينها دليلًا على «رغبة الشعب الإيراني في تجديد العقد الاجتماعي للأمة»، دعوا المجتمع الدولي من الفنانين والكتاب والأكاديميين إلى اتخاذ إجراءات ضد النظام الإيراني.

وتعهد الموقعون بـ«دعم أقرانهم وزملائهم الذين يقفون ضد الجرائم وانتهاكات حقوق الإنسان في إيران، باستخدام نفوذهم وقدراتهم الفكرية والثقافية»، داعين إلى «إنشاء شبكات دعم لمعارضي النظام الإيراني، وكذلك أولئك الذين يتعرضون للترهيب أو الخطر من قِبل النظام الإيراني».

 

دعم دولي

وبينما يحاول المفكرون الإيرانيون الخروج من الضغط المفروض عليهم داخليًا، يتواصل الدعم الدولي من أمريكا وأوروبا وأمريكا لاحتجاجات إيران.

وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية نيد برايس، إن واشنطن تؤيد الإيرانيين ومطالبهم، لكن قضية تغيير النظام تخص الإيرانيين، مشيرًا إلى أن «أكثر ما يخشاه النظام الإيراني هو الشعب».

الأمر نفسه أشار إليه السيناتور الجمهوري الأمريكي جوش هاولي، الذي قال إن على إدارة بايدن دعم المحتجين الإيرانيين بالوسائل الدبلوماسية ومن خلال التصريحات العلنية، بينما وصف السيناتور الجمهوري الأمريكي توم كوتون خبر إلغاء شرطة الأخلاق بأنه «كاذب»، قائلًا إن على جو بايدن أن يدعم الإيرانيين الذين يحتجون من أجل الحرية ضد نظامهم «الهمجي».

وقالت «وول ستريت جورنال»، إن الاتحاد الأوروبي سيطبق جولة جديدة من العقوبات ضد النظام الإيراني، الاثنين المقبل، مشيرًا إلى أن هذه العقوبات تتعلق بقضايا حقوق الإنسان في ‎إيران، وتقديم طائرات مسيرة لروسيا.