معارك القطرون.. الجيش الليبي يتصدى لداعش ويطهر المثلث الملتهب

مثل الجنوب الليبي، فرصة سانحة للإرهابيين، لتكوين ثروات ضخمة من دون التقيد بقوانين، عبر تجارة الهجرة غير المشروعة، التي تبدأ من الجنوب الليبي، إذ تعمل عصابات متخصصة في جلب المهاجرين غير المشروعين من دول إفريقية، لإيصالهم لمنافذ بحرية عدة بطرابلس وزوارة، وتاجوراء.

معارك القطرون.. الجيش الليبي يتصدى لداعش ويطهر المثلث الملتهب

السياق

معارك للجيش الليبي جنوبي البلد الإفريقي، استمرت أيامًا، تصدى خلالها لمحاولة تنظيم داعش الإرهابي، استغلال خالة الفراغ الأمني في المنطقة، لعودة نشاطه مجددًا.

إلا أن الجيش الليبي كان له بالمرصاد، فتمكن بعد 3 أيام من المعارك المستمرة، في تكبيد تنظيم داعش الإرهابي خسائر بشرية فادحة، بعد مقتل 23 إرهابيًا، بينهم 4 فجروا أنفسهم قبل القبض عليهم من القوات المسلحة الليبية.

وقال مدير إدارة التوجيه المعنوي في الجيش الليبي، اللواء خالد المحجوب، عبر «فيسبوك»: العمليات العسكرية التي يشنها الجيش الليبي في القطرون بالجنوب الليبي، أسفرت عن مقتل 23 إرهابيًا، بينهم 4 فجروا أنفسهم، مشيرًا إلى أن 4 من القوات المسلحة «استُشهدوا».

 

انتهاء العمليات

وبينما أعلن المسؤول العسكري الليبي، انتهاء معارك عمليات جنوب القطرون، أكد أن اللجنة العسكرية الليبية التابعة للقيادة العامة تنعى «شهداء» القوات المسلحة الليبية، الذين تقدَّموا الصفوف وقارعوا الإرهاب.

ونفى مدير إدارة التوجيه المعنوي، صحة ادعاءات رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة، بمشاركة أي قوة من وزارة الداخلية في هذه المواجهات، مشيرًا إلى أن الدبيبة ينعى «منتسبي جهة لا علاقة لها بمعارك الجنوب ولم تشارك فيها أو تكون لها أي علاقة بها».

وشن المسؤول العسكري الليبي، هجومًا على رئيس الحكومة، قائلًا إن الحكومة لم تقدِّم -حتى الآن- شيئًا لدعم القوات المسلحة، لتأمين الجنوب والحدود ومقارعة الإرهاب، الذي يعد أخطر ما يواجه الوطن، مشيرًا إلى إنفاق الدبيبة الأموال في «كل ما يدعم استمرار مجموعات مسلحة مختبئة في المدن، من أجل استقرار الفوضى، واستمرار سيطرتها على حرية الوطن والمواطن وقمعه وإرهابه».

من جانبه، قال رئيس حكومة تصريف الأعمال عبدالحميد الدبيبة، عبر «تويتر»: أترحم على شهداء الوطن، الذين ارتقوا إلى بارئهم أثناء محاربتهم لتنظيم داعش ببلدية القطرون، وأحيي جهود وزارة الداخلية والقوات المساندة لها على قيامهم بواجبهم (..) نعم لمكافحة الإرهاب بكل صوره»، الأمر الذي نفاه الجيش.

 

تعهدات حكومية

وأكد الدبيبة أن الحكومة لن تسمح بأن تكون ليبيا «وكراً للتنظيمات المتطرفة والعصابات الإجرامية»، مشيرًا إلى أنها ستعمل بكل قوة على دحرها وهزيمتها.

هجوم الجيش الليبي على الحكومة ليس الأول، فقبل أيام شنت القوات المسلحة الليبية هجومًا حادًا على حكومة الدبيبة، متهمة إياها بالتلكؤ في صرف المرتبات، التي وصلت إلى 4 أشهر.

وقالت إدارة التوجيه المعنوي بالجيش الليبي، في ذلك الوقت، إنه رغم تدخل ومخاطبة مجلس النواب واللجنة العسكرية 5+5، فإن رئيس حكومة تصريف الأعمال "يتلكأ" في صرف مرتبات القوات المسلحة، التي أمّنت قوت الليبيين وأعادت ضخه عبر المؤسسة الوطنية للنفط.

ولم تمضِ أيام على ذلك البيان، حتى أصدرت إدارة الحسابات العسكرية بالقيادة العامة، بيانًا في 19 يناير الجاري، قالت فيه إنها تسلمت حوالة مرتبات منتسبي القوات المسلحة الليبية عن أشهر أكتوبر ونوفمبر وديسمبر لعام 2021، مشيرة إلى أنها ستحوِّل الحافظات إلى المصارف.

ووجَّهت إدارة الحسابات العسكرية، الشكر لمنتسبي القوات المسلحة من ضباط و ضباط صف وجنود، على التزامهم بأوامر مرؤوسيهم واستمرارهم في الأعمال المكلفين بها، من دون تهاون. كما وجهت الشكر لمن دعمهم أو ساندهم في الأزمة، التي عبرت عن أمنيتها بألا تتكرر.

إلا أنه بعيدًا عن تلك الأزمة، التي أثيرت مؤخرًا بين الجيش الليبي وحكومة تصريف الأعمال، والتي يبدو أنها لن تتكرر، نظرًا لقصر عمر الحكومة، والتي فتح البرلمان الليبي الباب لتشكيل أخرى، يبرز السؤال عن الأزمات التي يعانيها الجنوب الليبي، وهل يكون أرضًا خصبة للتنظيم الإرهابي؟

 

ملاذ الإرهابيين

أولى الأزمات التي تؤرِّق الجنوب الليبي، أنه بدا أرضًا خصبة وملاذًا للإرهابيين، الذين استغلوا انشغال الجيش الليبي بمعاركه مع المليشيات وتنظيم داعش التي كانت تسعى لتحويل ليبيا لإمارة جديدة للتنظيم.

فقادة التنظيمات الإرهابية في بلدان المغرب العربي، بدأت نقل قواتها إلى الجنوب الليبي ذي المساحة الشاسعة، في محاولة للبحث عن الملاذ الآمن، واستغلال تلك المساحة لتدريب وتسليح قواتها.

وانتشر إرهابيون ومتمردون في الجنوب الليبي، مثل تنظيمي «القاعدة» و«داعش» و«بوكو حرام» الذين نقلوا لليبيا للحصول على تدريبات، لنشر الفوضى في منطقة الساحل الإفريقي.

 

هجرة غير مشروعة

مثل الجنوب الليبي، فرصة سانحة للإرهابيين، لتكوين ثروات ضخمة من دون التقيد بقوانين، عبر تجارة الهجرة غير المشروعة، التي تبدأ من الجنوب الليبي، إذ تعمل عصابات متخصصة في جلب المهاجرين غير المشروعين من دول إفريقية، لإيصالهم لمنافذ بحرية عدة بطرابلس وزوارة، وتاجوراء.

فالجنوب الليبي يعد بالنسبة للمهاجرين غير المشروعين، المنفذ الرئيس للعبور من الجنوب إلى الساحل الليبي، بينما حذرت تقارير محلية من تسبب الموجات المتتابعة من المهاجرين في تغيير ديموغرافي كبير لبعض مدن الجنوب، نتيجة لازدحام أعداد الأفارقة الموجودين فيها.

 

تهريب الوقود

تنشط في الجنوب الليبي، عصابات متخصصة في تهريب الوقود إلى دول الجوار، بحسب تقارير محلية، أشارت إلى أن عصابات مسلحة، تسطو على سيارات المحروقات المخصصة للجنوب الليبي بأسعار مدعمة، لتهريبها إلى دول الجوار.

وبحسب التقارير، فإن تلك العصابات وجدت من مناطق بني وليد والقريات والشويرف والشاطئ وسبها وما بعدها، أرضًا خصبة لممارسة نشاطها، متخذة من صهاريج نقل الوقود هدفًا تقتات عليه.

أزمات عدة يعانيها الجنوب الليبي، دفعت الجيش إلى إطلاق حملة أمنية شاملة، للسيطرة على الجنوب، ومحاربة مظاهر اللادولة التي يعانيها، ومكافحة عصابات الإرهاب والاتجار بالبشر والوقود، نجحت خلال الشهرين الماضيين في إحراز نتائج وُصفت بـ«المذهلة»، في تحييد الإرهابيين، ووأد نشاطهم في تلك البقعة، بينما يواصل جهوده لتطهير المنطقة.