الهروب الكبير.. الروس مكدسون في الطائرات خوفًا من التعبئة العامة
رغم إعلان السلطات أن الاستدعاء سيقتصر على من لديهم خبرة كجنود محترفين، ولن يتم استدعاء الطلاب أو من خدموا كمجندين فقط، إلا أن عمليات السفر خارج الأراضي الروسية بلغت أقصاها.

السياق
خسارة وصفت بالكبيرة تكبدتها روسيا قبل أيام في أوكرانيا؛ إذ تمكنت الأخيرة -وحسب روايتها- من استعادة آلاف الكيلو مترات والتقدم شرقًا وجنوبًا.
التغيرات النوعية التي يشهدها مسار الحرب حاليًا دفعت الكرملين إلى الانتقال إلى مستوى عالٍ من التصعيد، وكذلك إجراءات عسكرية غير مسبوقة منذ عشرات العقود.
روسيا التي خسرت في ميدان المعركة في شمال شرق أوكرانيا، هددت باستخدام الأسلحة النووية.
إذ قال بوتين في خطاب أمس الأربعاء" لو تعرضت وحدة أراضينا للتهديد، سنستخدم كل الوسائل المتاحة لحماية روسيا وشعبنا، هذا ليس خداعا"، مضيفا "الغرب يتآمر لتدمير روسيا ويمارس "ابتزازًا نوويًا" من خلال ما قال إنها مناقشة لاستخدام محتمل للأسلحة النووية ضد موسكو، متهمًا الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا بتشجيع أوكرانيا على الدفع بالعمليات العسكرية لتكون داخل روسيا نفسها".
وتلى ذلك إصدار الرئيس فلاديمير بوتين أمرًا بإطلاق أول حملة تجنيد عسكري في البلاد منذ الحرب العالمية الثانية، وهو ما قوبل باحتجاجات شبابية ومن منظمات وأشخاص رافضين للحرب ما دفع الآلاف للفرار من روسيا بعد قرار فرض التعبئة الجزئية.
وذلك بعدما أعلن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، الأربعاء، أن روسيا ستستدعي 300 ألف جندي احتياط .
جنود محترفين
رغم إعلان سيرغي شويغو، أن الاستدعاء سيقتصر على من لديهم خبرة كجنود محترفين، ولن يتم استدعاء الطلاب أو من خدموا كمجندين فقط، إلا أن عمليات السفر خارج الأراضي الروسية بلغت أقصاها.
إذ أظهرت بيانات محرك البحث "غوغل" ارتفاعًا كبيرًا في عمليات البحث على موقع "أفياسيل"، الأكثر تداولًا في روسيا والمعني بشراء تذاكر الرحلات الجوية.
تقارير صحفية أكدت أن التذاكر الجوية القادمة إلى تركيا وأرمينيا من موسكو قد نفدت -وهما الدولتان اللاتان يسمحان للروس بالدخول دون تأشيرة- كما أن الرحلات المتجهة إلى جورجيا شهدت اقبالًا ضخمًا ومعظمها كامل العدد. وإلى دبي وصلت تكلفة أرخص الرحلات الجوية من روسيا ما قدره 5 آلاف دولار.
في سياق آخر أفادت جماعة حقوقية بأن مئات الأشخاص اعتقلوا في أنحاء روسيا خلال الاحتجاجات التي خرجت عقب إعلان التعبئة العامة للمدنيين. وحسب موقع "فرانس 24" فإن التظاهرات امتدت في 38 مدينة روسية وكانوا يهتفون "لا للتعبئة".
ليس ضد القانون
بدوره، وصف الكرملين، اليوم الخميس، التقارير عن نزوح الرجال في سن التجنيد من روسيا، بعد إعلان الرئيس فلاديمير بوتين عن تعبئة جزئية، بأنها "مبالغ فيها".
وفي اتصال هاتفي مع الصحفيين، أحجم المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف، عن نفي تقارير إعلامية روسية عن أن بعض المحتجين المناهضين للتعبئة الذين اعتقلوا، ليل الأربعاء، تلقوا استدعاء للخدمة العسكرية، قائلا إن "هذا ليس ضد القانون".
استفتاء جديد
التصعيد الآخر الذي اتجه إليه بوتين كان بإعلانه دعم الكرملين الصريح لاستفتاءات تجرى في الأيام المقبلة في مساحات شاسعة من أوكرانيا تسيطر عليها القوات الروسية، فيما ستعد الخطوة الأولى لضم تلك المناطق رسميا لبلاده لتصبح جزءا من الأراضي الروسية.
ويأتي ذلك بعدما طلب مسؤولون في "دونيتسك ولوغانسك"؛ المعلنتين جمهوريتين من جانب واحد، وكذلك مسؤولون موالون للروس في منطقتي خيرسون وزابوريجيا إجراء تصويت على مستقبل تلك المناطق.
وقال بوتين: سندعم قرارهم عن مستقبلهم، الذي سيحدده أغلبية السكان في جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك وفي زابوريجيا وخيرسون". مضيفا: لا نملك الحق الأخلاقي في تسليم مقربين منا للجلادين، لا يسعنا سوى أن نستجيب لرغبتهم المخلصة في تقرير مصيرهم بأنفسهم.
هذه المناطق التي من المحتمل أن تصبح ترابًا روسيًا تشكل ما نسبته 15% من الأراضي الأوكرانية. وفي حال ضمهما ستكون الخطوة شبيهة بما حدث في عام 2014 مع شبه جزيرة القرم.
إذا تمت عملية الضم بنجاح فهذا يعطي لبوتين الحق في استخدام الأسلحة النووية إذا حاولت أوكرانيا أو القوى الغربية استعادتهم بالقوة.
تلك التصريحات والتحركات الروسية الأخيرة دفعت العديد من المسؤولين الغربيين للرد؛ إذ قالت بريدجت برينك سفيرة واشنطن في كييف: إن الاستفتاءات الزائفة والتعبئة هي مؤشرات ضعف وفشل روسي، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة ستستمر في دعم أوكرانيا "طالما اقتضت الضرورة".
وزير الدفاع الفنلندي، أنتي كاكونين، أكد من جانبه على أن بلاده تراقب عن كثب الوضع في روسيا المجاورة بعد أمر الرئيس بوتين بالتعبئة العسكرية، مضيفا أن قوات فنلند مستعدة جيدًا وتراقب الوضع عن كثب.
متحدث باسم الحكومة الألمانية قال: إن المستشار الألماني، أولاف شولتس، يعتقد أن التعبئة العسكرية الجزئية التي أعلنتها روسيا بمثابة مؤشرات على أن هجوم موسكو على أوكرانيا لم يكلل بالنجاح. فيما وصف عملية الاستفتاء حول ضم جزء من الأراضي الأوكرانية إلى روسيا بالزائفة والتي لن يتم الاعتراف بها أبدًا.
سيئة وخاطئة
من جانبه وصف روبرت هابيك، نائب المستشار الألماني، خطوة بوتين بالتعبئة الجزئية بـ"السيئة والخاطئة".
الرد من كييف جاء ساخرًا، مستشار الرئاسة الأوكرانية، ميخائيلو بودولياك، قال: إن الروس الذين أرادوا تدمير أوكرانيا انتهى بهم الأمر إلى التعبئة وحدود مغلقة مع حسابات مصرفية مجمّدة وحبس بسبب الفرار "من الخدمة"، الأمور كلها ما زالت تسير وفقًا للخطة، أليس كذلك؟".