الإرهاب يطل برأسه... ماذا وراء عملية داعش في سيناء؟

بينما بدأت الحياة تدب مجددًا في شرايين سيناء، بعد الضربات الأمنية الناجحة لداعش، أطل التنظيم الإرهابي برأسه مجددًا، محاولًا إثبات وجوده على الأراضي المصرية

الإرهاب يطل برأسه... ماذا وراء عملية داعش في سيناء؟

السياق

انتكاسات كبيرة مُني بها تنظيم داعش في مصر، على وقع ضربات الجيش المصري المتلاحقة لفلول التنظيم، التي كانت تتخذ من شمالي سيناء مأوى لها.

تلك الانتكاسات قوبلت بانتصارات من القوات المسلحة المصرية، بالتعاون مع قادة القبائل في سيناء، أسهمت في دحر التنظيم وتجفيف منابعه على الأراضي المصرية، وإطاحة قيادييه وقواته.

وبينما بدأت الحياة تدب مجددًا في شرايين سيناء، بعد الضربات الأمنية الناجحة لـ«داعش»، أطل التنظيم الإرهابي برأسه مجددًا، محاولًا إثبات وجوده على الأراضي المصرية، خاصة بعد تبنيه -قبل أيام- العملية الإرهابية التي وقعت شرقي قناة السويس، وأدت إلى قتلى وإصابات في صفوف الجيش المصري.

لكن القوات المسلحة المصرية نفذت -الأربعاء- ضربات مركزة على عدد من البؤر الإرهابية، للتفتيش عن المتورطين في الهجوم، أسفرت عن تدمير عربتين دفع رباعي يستخدمهما الإرهابيون في تنفيذ مخططاتهم الإجرامية، وقتل 9 تكفيريين، واكتشاف وتدمير عدد من العبوات الناسفة المعدة لاستهداف الجنود المصريين.

كما تمكنت القوات من إحباط محاولة للهجوم على أحد الارتكازات الأمنية، ونتيجة لأعمال قوات إنفاذ القانون توفي ضابط و4 جنود، كما أصيب جنديان.

العملية الإرهابية، التي وقعت في نقطة "رفع المياه" غربي سيناء، وطريقة تنفيذها، التي تختلف كثيرًا عن العمليات التي تبناها التنظيم، أثارت تساؤلات عن توقيتها وأسبابها، وما إذا كانت إيذانًا لوجود التنظيم على الأراضي المصرية، خاصة أنها تتزامن مع عمليات أخرى للتنظيم في بلدان مجاورة لمصر.

 

ملاذ آمن

إلى ذلك، قال أحمد سلطان، الخبير في شؤون الحركات الإسلامية، في تصريحات لـ«السياق»: رغم أن «داعش» لم يشن هجومًا شبيهًا منذ سنوات، مكتفيًا بالهجمات الصغيرة ومنخفضة الحدة، فإنه لا يدلل على حدوث طفرة في نوعية هجمات التنظيم.

وأوضح الخبير في شؤون الحركات الإرهابية، أن الهجوم يهدف إلى إرباك حسابات الجيش المصري والقبائل السيناوية، بعد الضغط الأخير الذي تعرَّض له تنظيم داعش في معاقله الرئيسة برفح والشيخ زويد.

وأشار إلى أن تعاون القبائل السيناوية الكبرى، مثل قبيلتي السواركة والرميلات، مع قوات الجيش المصري، واقتحامهم معًا معاقل «داعش» في قرى المقاطعة والمهدية وغيرها، أفقد التنظيم ملاذه الآمن والأهم في تلك المنطقة.

جانب آخر من العملية الإرهابية «الفاشلة» الأخيرة للتنظيم يكشف عنه سلطان، قائلًا، إن تسريبات مسلسل «الاختيار» التي كشفت كواليس علاقته بتنظيم الإخوان، دفع «داعش» للرد، للتغطية على استخدامهم كأداة للإخوان.

وأوضح أن هجوم شرقي قناة السويس يهدف إلى محاولة التغطية على تعرُّض تنظيم داعش لانتكاسات كبيرة جدًا، وخسارة قيادته البارزين، وفقدان وسائل الإعاشة، الأمر الذي جعله يتلقى توجيهات من الفرع المركزي لداعش بتأسيس «مفارز» أمنية في المدن بعيدًا عن سيناء، لتنشيط العمل الهجومي.

ورغم ذلك، فإن الخبير في شؤون الحركات الإرهابية، قال إن داعش لن يكون قادرًا على تعويض خسائره وإعادة بناء قدراته، في المدى المنظور، مشيرًا إلى أن التنظيم لن يشن هجمات معقدة كما كان يفعل.

 

هدف رخو

طبيعة الهجوم والنقطة التي استهدفها التنظيم، توضحان أنه اختار وحدة غير قتالية (هدف رخو) لإحراز نصر معنوي وإظهار نفسه كتنظيم قوي وفاعل، بحسب سلطان، الذي قال إن محطة رفع المياه توصف في الجيش المصري، بأنها من الوحدات المعاونة ولا يكون فيها عدد كبير من الجنود.

إلا أن هزيمة التنظيم العسكرية، لا تعني نهايته، بحسب الخبير في شؤون حركات الإرهاب، الذي قال إن الأهم تفكيك البنى المؤسسة للتطرف والإرهاب، والتعامل بحكمة في عمليات نزع التطرف، لتكون المعادلة مكتملة.

 

الفناء والسقوط

رؤية سلطان وافقه فيها عمرو فاروق، الباحث في شؤون الجماعات الدينية المتطرفة، الذي أكد -في تصريحات لـ«السياق»- أن «داعش يعيش في متاهة الفناء والسقوط، بعد نجاح العملية الشاملة في سيناء 2018، في القضاء على تمركزاته في مثلث رفح والعريش والشيخ زويد شرقًا، وتجفيف تحركاته بمنطقة بئر العبد الواقعة أقصى الشمال الغربي».

وأوضح الباحث في شؤون الجماعات المتطرفة، أن الهدف من عملية محطة المياه، هو الضغط على الدولة المصرية سياسيًا، في ما يخص تحركاتها وملفاتها الخارجية، إلى جانب توجهاتها الداخلية المرتبطة باستبعاد الإخوان من أي حوارات أو ترتيبات مستقبلية، خاصة أن العملية استهدفت تمركزًا حيويًا استراتيجيًا في الجانب الغربي من الوسط السيناوي.

رسائل عدة

وأكد فاروق أن الهجوم المسلح الذي شنه داعش على محطة المياه، يحمل رسائل عدة، أهمها تعطيل خط الغاز العربي، والتأثير سلبًا في صورة الدولة المصرية، إلى جانب استهداف البنية الاستراتيجية المساهمة في تنمية الوسط والغرب السيناوي والقريبة من حواضن قناة السويس.

إلا أن الهدف الأهم بالنسبة للتنظيم -بحسب فاروق- يتمثل في صناعة «البروباجندا الإعلامية» التي تمنح داعش ما وصفها بـ«القوة الوهمية»، لروافده وأتباعه، من خلال العلميات الخاطفة المدروسة، تحت مسمى «الجهاد منخفض التكاليف»، والإيحاء الشكلي بقدرته على البقاء والمواجهة.

وحذر الباحث في شؤون الجماعات الدينية المتطرفة، من أن المعركة مع الجماعات الإرهابية في العمق المصري بتنوعاته لم تنته، مشيرًا إلى أن سيناء ستظل الوِجهة الأولى للنيل من الدولة المصرية ومقدراتها، في ظل تحولها لمرتكز إقليمي تنموي، خلال المرحلة المقبلة، عن طرق خريطة المشاريع المستهدف تحقيقها، التي تقدر بنحو 700 مليار جنيه.