قضية تسفير المقاتلين... أوراق قيادات الإخوان تتساقط أمام القضاء التونسي

قال المحلل السياسي التونسي نزار جليدي في تصريحات للسياق، إن دعوة القيادي في حركة النهضة الإخوانية ووزير العدل السابق للمثول أمام القضاء في ملف التسفير إلى مناطق النزاع والإرهاب، يأتي في سياق البحث والتقصي القضائي في هذه القضية -الخطيرة- التي أضرت بالتونسيين في الداخل والخارج

قضية تسفير المقاتلين... أوراق قيادات الإخوان تتساقط أمام القضاء التونسي

السياق

ضربات متتالية لحركة النهضة الإخوانية على وقع ملف تسفير التونسيين إلى بؤر الإرهاب، والذي أوقع بقياداتها في قبضة القوات الأمنية، بتهم قد تجعل من عودتهم إلى العمل السياسي مجددًا ضربًا من المستحيل.

تلك الضربات التي بات تنظيم الإخوان في تونس يستيقظ عليها كل إشراقة صباح، جعلت عناصره في حالة هذيان، فيما أتباعه باتوا يهددون يمينًا ويسارًا باستهداف معارضيهم تارة ومن فجر ملف التسفير تارة أخرى.

فما الجديد؟

من أمام قطب مكافحة الإرهاب في تونس، أكد المحامي والسياسي التونسي سمير ديلو اليوم الأربعاء، توجيه الدعوة إلى نور الدين البحيري وأنور أولاد علي وعبد الرؤوف العيادي للمثول اليوم الأربعاء، أمام القطب القضائي لمكافحة الإرهاب، مشيرًا إلى أن الدعوة تمت دون توضيحات حول أسبابها كما أنها لم تكن بشكل رسمي، وإنما بإعلام لدى فرع المحامين بتونس.

وحول تفاصيل جلسة الاستماع لرئيس حركة النهضة راشد الغنوشي من قبل السلطات القضائية التي استمرت ساعات، حتى فجر اليوم الأربعاء، قال ديلو في تصريحات لوسائل إعلام محلية، إن هيئة الدفاع شرعت مساء أمس في الاطلاع على المحاضر واستمعت إلى جميع المشتبه بهم في الملف المقدم من النائبة السابقة فاطمة المسدي.

وأوضح المحامي التونسي، أن الأسئلة التي وجهت إلى راشد الغنوشي تعلقت بتصريحاته في وسائل الإعلام أو ببعض التسجيلات والمقاطع المسربة التي تداولتها وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي في السنوات الماضية.

وأشار إلى أن فريق المحامين قام بالتثبت من جميع التصريحات والتسجيلات، وتبين أن بعضها لم تكن دقيقة، فيما الآخر يمكن تداولها سياسيا دون أن تكون لها مسؤولية جزائية، على حد قوله.

وكانت النيابة العمومية أذنت للوحدة الوطنية لجرائم الإرهاب، صباح اليوم الأربعاء، بالابقاء على رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي بحالة سراح وإحالته إلى قاضي التحقيق بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب بحالة تقديم في قضية التسفير إلى بؤر التوتر، فيما من المنتظر أن يمثل اليوم الأربعاء أمام قاضي التحقيق بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب.

يأتي ذلك، فيما قال عضو هيئة الدفاع مختار الجماعي، في تصريحات لوسائل إعلام محلية، إنه جرى عرض كافة المشمولين بالتتبع في ملف التسفير إلى بؤر التور أمام النيابة العمومية بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب لتقرر ما تراه صالحا.

3 خيارات

وفيما قال إنه جرى التحفظ على نائب رئيس حركة النهضة علي العريض، أشار إلى أن النيابة العمومية أمامها ثلاثة خيارات؛ أولها الحفظ وإرجاع الملف لاستكمال التحقيقات، وهو ما يترتب عنه وجوبا إطلاق القيادات المقبوض عليهم.

ويتمثل الخيار الثاني في فتح بحث تحقيقي بخصوص الوقائع الورادة في ملف التسفير، فيما ما يمكن للنيابة العمومية التوجه نحو خيار ثالث وهو رفع يد النيابة العمومية عن الملف وتعهيد قاضي التحقيق بإصدار أوامر قضائية إن اقتضى الحال".

وفي محاولة من حركة النهضة وقياداتها لـ«التشويش» على التحقيقات الجارية، حاولت الحديث عن قرار السلطات التونسية رفع أسعار المحروقات، زاعمة أن قرار إيقاف علي العريض وراشد الغنوشي هدفه «إلهاء» الشعب التونسي عن وضع البلاد من غلاء وفقدان بعض المواد الأساسية.

وقال القيادي التونسي نور الدين البحيري أمام مقرّ الوحدة الوطنية للبحث في جرائم الإرهاب، إن «قارورة الزيت أصبح ثمنها 17 دينارًا»، مشيرًا إلى أن الأسعار ارتفع ثمنها بشكل كبير.

إلا أن خطتهم يبدو أنها لم تجد الصدى الذي يأملون؛ فالإعلامي سفيان بن فرحات، قال في تصريحات صحفية مساء أمس، إنه التقى مقاتلين تونسيين في سوريا، خلال قيامه بإجراء تحقيقات استقصائية هناك، مشيرًا إلى أن هؤلاء المقاتلين قد أكدوا له أن حركة النهضة هي من أرسلتهم للقتال.

وأوضح أنه التقى خلال انتقاله إلى سوريا، في إطار عمل استقصائي رفقة الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان والهيئة الوطنية للمحامين، أطرافًا تمتعوا بالعفو التشريعي العام ومنهم من قال إن حركة النهضة هي من أرسلته للقتال في سوريا.

ترهيب ووعيد بالتصفية

لكن يبدو أن فضح ممارسات التنظيم ليست كافية لكف يده عن أذى التونسيين؛ فعاد تنظيم الإخوان لممارسة ديدنه في ترهيب معارضيه فكريًا، بل وتوعدهم بالتصفية.

وقالت البرلمانية التونسية السابقة فاطمة المسدي والتي تعد أحد مفجري قضية تسفير التونسيين إلى بؤر التوتر، بعد تقدمها بملف للقضاء العسكري في هذا الشأن، إنها تلقت تهديدات من صفحات «إخوانية» توعدتها فيها بـ«قطع الرقبة».

ونشرت فاطمة المسدي، في تدوينة عبر صفحتها الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» نص التهديد الذي جاء فيه: «القيادي الحبيب اللوز سراح.. أما بالنسبة لفاطمة المسدي، قولوا لها أن تصبر، فبعد عودة كل أولادنا ستكون هديتك حاضرة، حبل بلاستيكي ازرق ليس بغليظ سيلتف حول رقبتها، وليس بخسارة فيك يا غالية».

تلك التهديدات دفعت المسدي التي كانت تشغل منصب عضو لجنة التحقيق في ملف تسفير التونسيين إلى بؤر الإرهاب، إلى تحميل الحكومة مسؤولية سلامتها، قائلة: «تهديد آخر يصلني ويحكي على قطع الرقبة ... مرة أخرى أحمل الدولة مسؤولية حمايتي».

الصندوق الأسود

من جانبه، قال المحلل السياسي التونسي نزار جليدي، إن دعوة القيادي في حركة النهضة الإخوانية ووزير العدل السابق نور الدين البحيري للمثول أمام القضاء في ملف التسفير إلى مناطق النزاع والإرهاب، يأتي في سياق البحث والتقصي القضائي في هذه القضية «الخطيرة» التي أضرت بالتونسيين في الداخل والخارج.

ووصف المحلل التونسي، في تصريحات لـ«السياق» هذه الدعوة بـ«المهمة جدا»، باعتبار أن البحيري بصفته وزيرا للعدل في تلك الحقبة (2012/2013) يعد الصندوق الأسود لقوائم المسافرين والإرهابيين الذين طمست ملفاتهم القضائية، بتعليمات منه.

وأشار إلى أن توجيه التهمة للبحيري وعدد كبير من القيادات الإخوانية في ملف التسفير وملف الجهاز الأمني السري، سيسارع بالتأكيد في إطلاق رصاصة الرحمة على هذا التنظيم الذي دمر تونس وأساء إلى صورتها بالخارج، مؤكدًا أن دخول قادة التنظيم الإخواني لأروقة المحاكم كمتهمين لم يكن من فراغ وهو إيذان بخروجهم من الحياة السياسية.