بعد إعلان حكومة باشاغا ممارسة أعمالها من سرت.. 3 سيناريوهات للأزمة الليبية الحالية

حكومة باشاغا تختار سرت مقرًا لممارسة أعمالها بعد فشلها في دخول طرابلس.. ماذا يعني ذلك؟

بعد إعلان حكومة باشاغا ممارسة أعمالها من سرت.. 3 سيناريوهات للأزمة الليبية الحالية

السياق

تطورات جديدة على طريق الأزمة الليبية «التائهة» في العواصم الغربية باحثة عن شاطئ للرسو، إلا أن رياح التغيير الموسمية لا تبشر بنهاية وشيكة، وخاصة مع تصاعد أزمة الحكومتين.

تلك الأزمة لا يبدو لها نهاية قريبة بعد أن بات سيناريو حكومتي بنغازي برئاسة عبدالله الثني وطرابلس برئاسة فايز السراج، يعاد إنتاجه من جديد، وخاصة بعد الإعلان الأخير الصادر عن حكومة فتحي باشاغا.

وقالت حكومة الاستقرار برئاسة فتحي باشاغا، في بيان اطلعت «السياق» على نسخة منه، إن الحكومة ستمارس عملها من مدينتي سرت وبنغازي، تحت شعار الشفافية والعمل لتقديم الخدمات لكل الليبيين، بالإضافة إلى وضع الخطط لدعم البلديات وحل المختنقات أمامها بدعم من مجلس النواب من خلال تعديل وسن بعض القوانين.

وقال باشاغا، لدى وصوله إلى مدينة بنغازي بعد اختتام جولته الخارجية التي التقى خلالها عدداً من المسؤولين للتباحث بشأن العملية السياسية في ليبيا، إن الحكومة ستواصل مساعيها لتحقيق الاستقرار والمصالحة بين الليبيين، مضيفًا أنها حاولت البقاء في العاصمة طرابلس لممارسة عملها، ولكن تجنباً لإراقة الدماء والفتنة التي تقوم بها حكومة الوحدة المنتهية الولاية تم إقرار العودة سلمياً رغم المعاناة التي يتكبّدها أهالي العاصمة والغرب الليبي بشكل عام.

واتهم رئيس الحكومة من وصفهم بـ«الأيادي الداخلية والخارجية» بأنها لا زالت تسعى لاستمرار الفوضى في ليبيا وإرباك المشهد السياسي فيها وتقسيمها، وعرقلة المصالحة الوطنية لتحقيق مصالحها على حساب الشعب الليبي واستقراره.

إلا أن فشل حكومة باشاغا في دخول العاصمة طرابلس ثلاث مرات، وإعلانها أخيرًا أنها ستعمل من مدينتي بنغازي وسرت، أعاد مجددًا شبح الانقسام في السلطة التنفيذية إلى البلد الأفريقي الذي طوى صفحته قبل أشهر، وطرح سيناريوهات عدة لمستقبل الأزمة الليبية.

وإلى ذلك، قال المحلل السياسي الليبي أيوب الأوجلي، في تصريحات لـ«السياق»، إن هذه الخطوة تعني أن الحكومة صرفت النظر عن الدخول إلى العاصمة طرابلس على الأقل في المرحلة الحالية، محذرًا من أن خطوة كهذه ستعيد ليبيا إلى مربع الانقسام الحكومي الفعلي الذي عاشته البلاد في فترة حكومتي الوفاق برئاسة فايز السراج والحكومة المؤقتة برئاسة عبد الله الثني.

حكومة ثالثة

وحول مستقبل حكومة باشاغا، وصف المحلل الليبي الحكومة بـ«الضعيفة»، مشيرًا إلى أن «تقديمها وعودا لم تستطع الإيفاء بها جعلها حكومة مهزوزة وغير مستقرة، ما ينبئ بأن مستقبلها إما إلى زوال بسحب الثقة من البرلمان وإما أن تكون حكومة خدمات ليس لها ثقل على الأرض».

وأشار إلى أن سيناريو الحكومة الثالثة مطروح بالفعل، رغم كونه أحد فصول فشل مجلس النواب في فرض قوانينه وقراراته، مؤكدًا أنه كان من المفترض أن يبحث البرلمان عن حلول حقيقة تؤدي لانطلاق أعمال الحكومة من طرابلس بدلا من حلول بديلة لا تسمن ولا تغني من جوع، في إشارة إلى إقرار عمل الحكومة من مدينتي بنغازي وسرت.

وحذر من أن ليبيا ستسير في ذات الدائرة المفرغة؛ فالواقع يقول إن مجلسي النواب والدولة لن يتفقا، فيما الدبيبة سيستمر في تشبثه بالسلطة، مؤكدًا أن حل هذه الأزمة يكمن في تحرك الشارع ضد كافة الأجسام السياسية لضمان عدم السير في ذات الطرق السياسية المسدودة.

إضاعة الفرص

من جانبه، قال المحلل السياسي الليبي كامل المرعاش، في تصريحات لـ«السياق»، إن حكومة باشاغا أضاعت الكثير من الفرص لدخول طرابلس منذ الأيام الأولى لتشكيلها، مشيرًا إلى أن رئيسها يحصد نتائج فشله في القيادة واتخاذ القرارات في توقيتها الصحيح.

وأوضح المحلل الليبي، أنه لا معنى لممارسة العمل من بنغازي أو سرت أو أي مدينة أخرى غير العاصمة طرابلس حيث توجد المؤسسات الحكومية التي يسيطر عليها الدبيبة، مشيرًا إلى أن فتحي باشاغا «فشل بشكل ذريع وعليه أن يتوارى عن الأنظار حفاظًا على ماء الوجه، وعلى البرلمان أن يبحث عن حلول أخري تنهي حالة الفشل الحالية»، على حد قوله.

وأشار إلى أن حكومة باشاغا لم تمارس السلطة إلا على الورق، مؤكدًا أنها «مقالة بحكم الواقع ولا تحتاج لإقالة، ومن العبث استمرارها خصوصًا أنها بدأت تشكل عبئا إضافيا على كاهل خزينة الشعب الليبي دون أي طائل»، على حد قوله.

وحول رحلة موسكو لرئيس مجلس النواب عقيلة صالح، قال المحلل الليبي، إنها تهدف إلى الرد على الخصوم الذين يربطون إخراج المرتزقة السوريين والوجود العسكري التركي بوجود بعض عناصر فاغنر، رغم أن العدد والتمركزات ليست متساوية بالمطلق.

حكومة الحقائب المحمولة

وفيما قال إن زيارة عقيلة صالح سياسية بإمتياز لنيل تأييد الروس له، قال إن موسكو لا تشكل مركز قرار لحكومات ليبيا، والتي تحتكرها الولايات المتحدة وبريطانيا وإيطاليا وتركيا.

وأشار إلى أن حكومة باشاغا، تحولت إلى حكومة الحقائب المحمولة، مؤكدًا أن محاولات رئيسها لإحيائها من خلال المؤتمرات الصحفية وتقديم الخطط الوهمية، لن تنقذها من النسيان والتلاشي، على حد قوله.

أما عن حكومة الدبيبة، فأكد المحلل الليبي، أنها «خرجت الأقوى من هذا الصراع، فالدبيبة استطاع تشكيل ميليشيات موالية له مباشرة بإغداق الأموال عليها وشراء ذمم أمرائها، بالإضافة إلى نجاحه في طرد المليشيات المناوئة له من طرابلس وعلى رأسها مليشيات التاجوري، وفرض خياره على تركيا وبريطانيا والولايات المتحدة، والتي كانت مواقفها رمادية، تحولت إلى دعمه بوضوح ضد باشاغا».

ورغم أنه قال إن الدبيبة وحكومته يمضيان قجمًا في تسخير ثروات ليبيا لخدمته والدول الداعمة له، أشار إلى هذا الوضع لن يستمر طويلًا، فمسألة تقاسم الإيرادات النفطية بعدالة ستعود إلى الواجهة من جديد.

سيناريوهات مستقبلية

وحول السيناريوهات المستقبلية، قال المحلل السياسي الليبي، إن هناك ثلاث سيناريوهات؛ أولها: استمرار محاولات رئيس البرلمان عقيلة صالح في البحث عن توافق مع المجلس الأعلى للدولة حول القاعدة الدستورية والتي ستجبر الدبيبة للتنحي عن منصبه والترشح لها اأو استمراره في الحكومة في حال فضل عدم الترشح لها، إلا أنه قال إن هذا السيناريو ضعيف وليس هناك معطيات لنجاحه، لأن المجلس الأعلى للدولة ورئيسه ليسوا متحمسين للانتخابات.

وأشار إلى أن السيناريو الثاني يتمثل في أن يعود إقفال إنتاج النفط كسلاح فعال أمام «تمادي» حكومة الدبيبة واستمرارها في «النهب الممنهج والتضييق» على المناطق غير الخاضعة لسيطرتها والتي تشكل 90% من مساحة البلاد، مما سيقود الدول الفاعلة والمتضررة من وقف ضخ النفط والغاز الى التدخل والبحث عن حكومة ثالثة وبفترة انتقالية جديدة ترضي الأطراف المتصارعة، مشيرًا إلى أن هذا السيناريو هو الأكثر واقعية للحدوث ولكنه يحتاج لعدة أشهر.

أما السيناريو الثالث فقال عنه المحلل الليبي، إنه يتمثل في أن يتوحد الصف الوطني الليبي بكل أطيافه خلف قيادة الجيش، وأن يتحرك الشارع الليبي في مظاهرات تطالب بطرد «حكومة الفساد»، مشيرًا إلى أنه في هذه الحالة لن يكون بمقدرة الدول العابثة بليبيا ان تتحرك، ويتم الدخول إلى طرابلس عنوة، لطرد زعماء الميليشيات الموالين لتركيا وتحرير المؤسسات السيادة الليبية من تبعيتها لدول خارجية.