تونس.. الإخوان يسعون للفتنة عبر استغلال أزمة النفايات
المظاهرات الدائرة حاليًا، تأتي على خلفية مطالب بيئية، لكنها تطورت إلى مناوشات بين المحتجين، الذين استعملوا العنف مع رجال الأمن، بعد أن حاولوا جاهدين السيطرة على الوضع، من دون خسائر مادية ولا بشرية

السياق
حالة من الحراك تشهدها تونس خلال الأيام الماضية، بعد تنظيم عدد من الاحتجاجات المحدودة، اعتراضًا على قرار وزيرة البيئة استئناف نشاط المصب المراقب "القنة" بمدينة عقارب، التابعة لمحافظة صفاقس جنوبي البلاد، للحد من المخاطر الصحية والبيئية والاقتصادية الكبيرة بالولاية، على خلفية أزمة النفايات.
وطالب الرئيس قيس سعيد، وزير الداخلية ورئيسة الوزراء بإيجاد حل فوري لتكدس النفايات في صفاقس، ثاني أكبر المدن التونسية، بعد تراكم آلاف الأطنان من النفايات المنزلية على مدى شهر، في الشوارع والأسواق وأمام مستشفيات صفاقس.
وأغلق مكب بلدة عقارب، الذي يبعد عن صفاقس نحو 20 كيلومترًا، بعد شكوى سكان البلدة من انتشار الأمراض البيئية، إلا أن الأمر تسبب في تراكم آلاف الأطنان من النفايات المنزلية، التي أثارت بدورها غضبًا واسعًا بين سكان صفاقس، ما دفعهم إلى التظاهر مطالبين بحقهم بالعيش في بيئة نظيفة.
ابحث عن الإخوان
وبحسب مراقبين للشأن التونسي، يتحمَّل الإخوان "حركة النهضة"، المسؤولية عن أزمة النفايات في صفاقس، التي سبق أن طرحت منذ سنوات، باعتبار أنهم كانوا ممثلين في الحكومات المتعاقبة عبر حقائب وزارية، ومن خلال تعيينهم محافظين من المعروفين بولائهم للحركة.
ولفت المراقبون إلى استغلال أعضاء حركة النهضة لتلك الأزمة، والمساعدة في تأجيجها وإثارة الرأي العام، في محاولة للنيل من الرئيس قيس سعيد، الذي اكتسب دعمًا شعبيًا كبيرًا لما اتخذه من قرارات استثنائية، بدأها 25 يوليو من العام الجاري، وأطاح خلالها الإخوان وزعيمهم راشد الغنوشي.
ويسعي إخوان تونس، بحسب المراقبين، إلى استثمار تلك الكارثة البيئية لتحقيق أهدافهم الخاصة، محاولين إشعال الفتنة عبر ترويج شائعة وفاة أحد المحتجين اختناقًا بالغاز المسيل للدموع، الذي استخدمته قوات الداخلية لفض الاحتجاجات.
كانت الوحدات الأمنية التابعة إلى الداخلية التونسية، لجأت إلى استخدام الغاز المسيل للدموع، لتفريق المتظاهرين الذين رشقوا الأمن بالحجارة وسط حالة من الكر والفر.
ورغم انسحاب قوات الأمن، وتمركزها خارج البلدة، فإن مجهولين اقتحموا مركزًا للحرس الوطني التونسي بالمدينة، وبعثروا محتوياته قبل حرقه.
من جانبها، أصدرت وزارة الداخلية التونسية بيانًا، نفت فيه مقتل شاب خلال الاحتجاجات ببلدة عقارب، متأثرًا بالغاز المسيل للدموع الذي استخدمته الشرطة أثناء تفريق الاحتجاجات.
وأوضحت الداخلية خلال بيانها، أن الشاب الذي توفي لا علاقة له بالاحتجاجات، وتوفي في بيته الذي يبعد ستة كيلومترات عن الاحتجاج بسبب طارئ صحي.
مطالب اجتماعية
تقول ضحى السعفي، الناشطة والمحللة السياسية التونسية لـ"السياق"، إن المظاهرات الدائرة حاليًا، تأتي على خلفية مطالب بيئية، لكنها تطورت إلى مناوشات بين المحتجين، الذين استعملوا العنف مع رجال الأمن، بعد أن حاولوا جاهدين السيطرة على الوضع، من دون خسائر مادية ولا بشرية.
وأضافت: "على أثر هذه الاحتجاجات صادف وفاة أحد الشباب بسكتة قلبية وسرعان ما انتشر الخبر، وتأويله وربطه بالأحداث الدائرة هناك، لكن وزارة الداخلية نشرت بيانًا أكدت فيه أن الشاب توفي بسكتة قلبية ولا علاقة للأحداث الدائرة بوفاته".
أما عن حالة التوتر التي تشهدها تونس، فتقول ضحي السعفي: إنها تتعلق بالمطالب الاجتماعية والاقتصادية والضغط المسلط على المعيشة اليومية للمواطن التونسي.
ورأت أن دعوات اتحاد الشغل، للرئيس التونسي لوضع خطة زمنية لإنهاء مرحلة تطبيق القررات الاستثنائية، لا دخل له بالأحداث، مشيرة إلى أنها ليست المرة الاولى التي يطلق فيها الاتحاد دعوات من هذا النوع.
استغلال سياسي
من جانبها، قالت ضحي طليق الكاتبة والمحللة السياسية لـ"السياق": إن الحراك في مدينة عقارب بالجنوب التونسي أساسه بيئي صرف، أي أنه مطلب شرعي من أهالي المدينة، حتى لا يتم تكديس نفايات مدينة صفاقس لديهم.
ولا تستبعد ضحي طليق، استغلال بعض جماعات الإسلام السياسي للأحداث لتحقيق مصالح خاص، قائلة: "المؤكد أن هناك مَنْ استغل هذا الوضع سياسيًا، وأولهم المجلس البلدي لمدينة صفاقس، الذي لم يعمل على إيجاد مكب آخر للنفايات، ما جعلها تتكدس وتغرق المدينة".
كما تشير الاخبار، بحسب طليق، إلى وجود أطراف تحاول تأجيج الاضطرابات، من خلال توزيع أموال والتخفي وسط المحتجين للقيام بأعمال تخريب.
وترى المحللة السياسية التونسية، أن كل الأطراف تحاول استثمار ما يحدث لصالحها، ومن بينها اتحاد الشغل الذي استغل هذا الحراك، لتنظيم إضراب عام في المدينة، وكذلك الضغط على الرئيس للخروج من الحالة الاستثنائية.
في المقابل، هناك مَنْ يرى أن الضغوط التي يمارسها الاتحاد، من صميم دوره التاريخي، فقد كان على مدى تاريخه صمام أمان، أمام محاولات الانحراف بالسلطة.
فهو اليوم، من منطلق إسهامه في إرساء أسس النظام الجمهوري الديمقراطي، يسعى من خلال ضغطه على رئيس الجمهورية، إلى حماية المسار الديمقراطي من أي انحراف، ومن أي إمكانية لتجميع السلطات في يد واحدة.