الانتخابات التركية... كيف تؤثر النتائج في وضع أنقرة إقليميًا؟ 

يقول المحلل السياسي التركي جودت كامل، إن أحزاب المعارضة -حال فوزها- لن تتراجع عن الروابط الجيدة مع الدول العربية الإقليمية، وستنفتح

الانتخابات التركية... كيف تؤثر النتائج في وضع أنقرة إقليميًا؟ 

تقرير: حسن حمدي سليم

تدخل الانتخابات التركية ساعاتها الأخيرة، وسط مشهد مشحون غير مسبوق، وتهديدات بالخسارة لم يعتدها الرئيس رجب طيب أردوغان طوال 20 عامًا، إذ يتراجع في استطلاعات الرأي، بينما يتصدر المشهد كمال كليغدار أوغلو مرشح تحالف المعارضة المكون من 6 أحزاب.

الفرق بين أوغلو وأردوغان في استطلاعات الرأي ليس كبيرًا، لكن الاختلاف بين رؤيتهما شاسع، في نطاق السياسة الداخلية والتوازنات الدولية، وإن كانا يقتربان بقدر ما في الشأن الإقليمي وعلاقات تركيا بالدول العربية، التي سعى أردوغان -في الفترة الأخيرة- لإصلاحها مع الدول الفاعلة في الإقليم، مثل مصر والسعودية والإمارات، وتلك –حسب مراقبين- إحدى حلقات الهندسة الجديدة للمشهد السياسي في الشرق الأوسط. 

بالنسبة لتركي، الأمر أبعد من التغيرات الحالية، فسياستها الخارجية تبدلت أكثر من مرة خلال السنوات السبع الماضية، لاسيما مع تنامي النفوذ الروسي الصيني بالمنطقة، الأمر الذي دفع حزب العدالة والتنمية إلى موازنات دولية، بالاقتراب نحو روسيا، وفي الوقت نفسه عدم التخلي عن الحلفاء الغربيين. 

انهيار اقتصادي

يقول المحلل السياسي التركي جودت كامل، إن نهج أردوغان الخارجي كان جيدًا منذ توليه السلطة حتى عام 2016، الوقت الذي بدأ يعادي فيه الدول العربية ويتدخل بسوريا، وما صاحب ذلك القرار من توتر العلاقات التركية العربية.

ويرى كامل -في تصريحات خاصة لـ "السياق"- أن أنقرة خسرت كثيرًا إزاء سياستها الخارجية عام 2016، على المستويين السياسي والاقتصادي.

ووصل تراجع الاقتصاد التركي ذروته عام 2018 مع انهيار غير مسبوق للعملة الرسمية للبلاد. 

ويشير أستاذ علم الاجتماع بجامعة كاليفورنيا، جيهان توجال، إلى أن انهيار الليرة التركية عام 2018 ترك الاقتصاد التركي في حالة فوضى، ولم تنجح أي من سياسات الحكومة في إنقاذها، وتزايدت معدلات الفقر بمناطق مختلفة.  

ويضيف توجال، عبر مقاله في"نيويورك تايمز"، أن الوضع الاقتصادي زاد القلق تجاه إدارة أردوغان، مشيرًا إلى أن الزلزال المدمر الذي أودى بحياة 50 آلف شخص في تركيا، فبراير الماضي، وسبب دمارًا هائلًا بالبلاد، زاد تلك الاتجاهات، وربما يكون القشة الأخيرة في عرش أردوغان.  

مشروع باقٍ

في الوقت نفسه يرى بروفيسور جيهان توجال، مؤلف كتاب "سقوط النموذج التركي" أنه حتى لو رحل أردوغان من الحكم فمشروعه السياسي باقٍ، مشددًا على ضرورة استيعاب تلك النقاط وعدم الحماسة. 

حديث توجال وإن انصب على الشأن الداخلي التركي، لكنه يكشف ملامح من السياسة التركية المقبلة، حال فوز المعارضة، فالتقارب الذي نشده أردوغان خلال الفترة الأخيرة، لن يحيد عنه أوغلو إذا فاز، بل ربما يتوسع فيه.  

ويشير المحلل السياسي التركي جودت كامل، إلى أن رغبة أردوغان في التصالح مع الدول العربية الفاعلة مصر والسعودية والإقليم، تصاحبها تشككات عربية، لاسيما من القاهرة التي لم تعين سفيرًا حتى اللحظة، ولم تأخذ خطوات ملموسة، بعد زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري لتركيا.

ويوضح أن أحزاب المعارضة -حال فوزها- لن تتراجع عن الروابط الجيدة مع الدول العربية الإقليمية، وستنفتح أكثر في التعامل معها، مضيفًا أن التقلبات المفاجئة مشكلة نهج أردوغان الخارجي، إذ فجأة يتحول من صديق حميم إلى عدو عنيد، وذلك سبب تخوفات الدول الأخرى. 

روسيا والغرب

ويشير كامل إلى أنه على النطاق الدولي تقترب إدارة أردوغان من روسيا والابتعاد نسبيًا عن الدول الغربية وحلف شمال الأطلسي.

ويقول جيهان توجال إن سبب استقالة أحمد داود أوغلو من منصبة رئيسًا للوزراء عام 2016 كان ابتعاد الحزب الحاكم عن النهج المنحاز للغرب، والتقارب مع روسيا والصين، وسط تنامي نفوذهما بالمنطقة، مع عدم التخلي عن الغرب. 

ويرى كامل أن كليغدار أوغلو قادر على حسم المعركة الانتخابية في جولتها الأولى، لاسيما بعد انسحاب المرشح محرم إنجه، إثر تسريبات لصور وفيديوهات ذات طابع جنسي، قال عنها كامل إن وراءها "مافيا"، بينما وصفها محرم إنجه بأنها مزيفة، تخص شخصًا يشبهه، وأنه تعرض لاغتيال معنوي.

قال إنجه في مؤتمر صحفي: "اتهامات باطلة، ومقاطع مصورة مزيفة، لقد استخدموا مقطعًا من موقع جنسي إسرائيلي، وأضافوا وجهي إليه"، وأضاف أنه لمدة 45 يومًا كان يواجه ضغوطًا شديدة، ومحاولات اغتيال سياسية، وتشويه سُمعة، وفشلت السلطات التركية في الدفاع عنه، أمامها.

ويٌخشى مراقبون التلاعب بنتائج الانتخابات، أو عدم ترك أردوغان السلطة بسهولة. 

ويقول جيهان توجال، أستاذ علم الاجتماع بجامعة كاليفورنيا، إن الفوز الانتخابي لن يكون نهائيًا، فحالة الهزيمة، سيواصل حزب العدالة والتنمية وحلفاؤه حملاتهم المثيرة للكراهية في مناطق متشددة، وقد يلجأون إلى قضايا تتعلق بالهوية، ستشمل الأكراد والنساء والمجتمعات المتحولة جنسيًا والأقليات الدينية، مشيرًا إلى أن أفضل دواء لهذا التهديد، برنامج تنظيمي متماسك.