حرب أهلية أم ملاذ للإرهابيين؟... سيناريوهات 'مخيفة' تهدد السودان

تقول مديرة تحرير الأهرام، أسماء الحسيني، في تصريحات لـ -السياق-، إن السودان في مفترق طرق بعد الصراع الذي نشأ بين الجيش وقوات الدعم السريع في 15 أبريل الماضي، ومازالت العمليات مستمرة.

حرب أهلية أم ملاذ للإرهابيين؟... سيناريوهات 'مخيفة' تهدد السودان

السياق "خاص"

على طريق السودان إلى الانتقال الديمقراطي، وقع البلد الإفريقي في شرك الصراع بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، الذي غذاه ولعب على وتره تنظيم الإخوان الإرهابي، والنظام السابق.

إلا أن ذلك الصراع، الذي اندلع في الخامس عشر من أبريل الماضي، لم يعد سودانيًا خالصًا، بل يهدد المنطقة، حال عدم احتوائه، خاصة بعد أن دق ناقوس الخطر من إمكانية تحوله إلى حرب أهلية، قد تجر أطرافًا خارجية إليها.

ورغم «فداحة» ذلك السيناريو الذي يهدد السودان، فإن سيناريو آخر كان أخطر من ذلك، يتمثل في تسلل الجماعات الإرهابية إلى ذلك البلد، الذي يعاني إلى جانب 7 دول مجاورة، هشاشة أمنية، ما يمثل انتعاشة للتنظيمات الإرهابية، التي اندثرت تحت وطأة الضربات الأمنية الأخيرة.

 

سيناريوهات

تقول مديرة تحرير الأهرام، الخبيرة في الشأن السوداني أسماء الحسيني، في تصريحات لمنصة "السياق"، إن السودان في مفترق طرق بعد الصراع الذي نشأ بين الجيش وقوات الدعم السريع في 15 أبريل الماضي، ويدخل أسبوعه الرابع، ومازالت العمليات مستمرة.

وأبدت مخاوفها من أن أمد الصراع المستمر قد يتطور وينزلق إلى مسارات معقدة، تتورط فيه أطراف أخرى داخل السودان، وأيضًا من خارجه، مشيرة إلى أن «البيئة داخل السودان مهيأة للاشتعال، خاصة مع هشاشة أمنية لدى أطراف السودان، بخلاف الأوضاع غير المستقرة وانتشار حركات تحمل السلاح تعمل خارج نطاق الدولة».

وبحسب الخبيرة في الشأن السوداني، فإن الحرب الإعلامية تغذي الصراع كي يستمر وتستمر الحرب، ومحاولة لحشد وإثارة جموع وجماعات أخرى داخل السودان في إطار الحرب، مؤكدة وجود مخاوف من اتساع رقعة النزاع كما سبق أن حدث غربي دارفور بمنطقة الجنينة وفي الأبيض، وأن تنضم إليها حركات أخرى، سواء كانت مسلحة أم جماعات مسلحة قبلية أم حركات مدنية، فيصبح السودان ساحة حرب بين قوى عدة.

اتفاق جدة.. هل ينهي القتال بين الجيش السوداني والدعم السريع؟

الحرب الأهلية

وحذرت أسماء الحسيني، من أن وحدة السودان على المحك، معربة عن مخاوفها من أن تنضم إلى الأزمة السودانية أطراف أخرى من دول الجوار ومن الإقليم ومن المجتمع الدولي، خاصة أن الخرطوم تجاورها سبع دول أغلبيتها تعاني هشاشة أمنية وسياسية، ما قد يستدعي جماعات من هذه الدول إلى الحرب داخل السودان.

لكن الخبيرة في الشأن السوداني، قالت إن هناك بصيص أمل بدأ يلوح في الأفق، قد يجنِّب السودان الحرب الأهلية، يتمثل في أن الشعب السوداني يرفض الحرب ويكرهها، لأنه أكثر شعب عانى الحروب الأهلية.

وأشارت إلى أن الشعب السوداني عانى حروبًا طويلة، ووصل إلى قناعات مفادها أن هذه الحروب عبثية، فعلى مدى سبعة عقود أو يزيد، اندلعت الحرب الأهلية في الجنوب عام 1955 واستمرت عقودًا طويلة، انتهت بانفصال جنوب السودان عام 2011، إضافة إلى الحرب المدمرة في دارفور، عام 2003، التي استمرت فترة طويلة، وما حدث في جنوب كردفان والنيل الأزرق وشرقي السودان وشماله.

وبحسب الحسيني، فإن إدراك أطراف عدة أن مصالحها ستضرر إذا استمرت الحرب في السودان أو اتسع نطاقها أو تحولت إلى حرب أهلية، سيحول دون سيناريو الحرب الأهلية، مستدلة على رؤيتها بقولها، إن جميع الدول في جوار السودان تتضرر بشكل كبير مما يجري، وستكون الأضرار في المستقبل مضاعفة.

وأشارت إلى أن الدول المجاورة ستضرر على صعيد الوضع الاقتصادي، لأن هناك ارتباطات كبيرة بين اقتصادها والسودان، إضافة إلى الوضع الأمني الذي سيهدد دول الجوار السبع، وأوروبا جراء موجة الهجرة غير المشروعة التي ستنشط.

 

الحل العسكري

الخبيرة في الشأن السوداني، تقول إن الحل العسكري لن يحسم الأمور، فالحرب في الجنوب انتهت باتفاقية سلام عام 2005، والتمرد في دارفور طوى صفحته باتفاقيات سلام في 2020.

وأشار إلى أن رسائل الشعب السوداني إلى الطرفين، أنه يرفض الحرب والتصعيد العسكري والانتهاكات الواسعة التي طالت المدنيين، والدولة السودانية برمتها.

وتوقعت أسماء الحسيني، أن تتبلور -خلال الفترة المقبلة- جهود عدة لوقف الحرب في السودان، وأعربت عن أن تؤدي إلى وقف الأزمة التي اندلعت قبل قرابة شهر.

بينما قال الباحث المشارك بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أحمد عسكر، إنه لايزال هناك إصرار بين طرفي الصراع على حسمه عسكريًا، لإقصاء الآخر بشكل نهائي من المشهد السوداني، ما يُعد مدخلًا لجر البلاد إلى حرب أهلية.

 

سيناريو مشروط

إلا أن الباحث المشارك بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أحمد عسكر قال في تصريحات لـ«السياق»، إن تحول الأزمة السودانية إلى سيناريو الحرب الأهلية مرهون بعدد من الأمور، أولها إخفاق الوساطات الموجودة حالياً وعدم التوصل إلى حل أو تسوية بشأن الصراع القائم، إلى جانب استمرار المواجهات العسكرية بين الطرفين والتصعيد العسكري بينهما.

وأشار إلى أن تصاعد العمليات العسكرية، سيؤدي إلى تراجع قوات الدعم السريع لمناطق تمركزها بدارفور، ما يتيح فرصة استدعاء القبائل والحركات المسلحة بهذه المنطقة للدخول في الصراع.

الأمر الثاني الذي يراه عسكر محفزًا للدفع بالسودان إلى حرب أهلية، عودة المرحلة الانتقالية إلى المربع الأول، وانهيار الاتفاق الأخير بين المكونين العسكري والمدني.

وبحسب الباحث المشارك بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، فإن هناك أيضًا عاملًا مهمًا، يرتبط بتفاقم الأزمة الاقتصادية، نتيجة استمرار الصراع المسلح، وتردي الأوضاع الإنسانية في عدد من المناطق السودانية، ما يحفز الحركات المسلحة على الدخول في الصراع، للاستيلاء على مزيد من الموارد والأموال، من أي من طرفي الصراع.

الجماعات الإرهابية

وعن إمكانية تسلل الجماعات الإرهابية إلى السودان، قال الخبير في شؤون الجماعات الأصولية أحمد سلطان، في تصريحات لـ«السياق»، إن هناك دعوات انطلقت -منذ العام الماضي- سواء من تنظيمي القاعدة أو داعش، لاستغلال الأوضاع في السودان، من أجل تأسيس لكل من التنظيمين على حدة، إلا أنه لم تكن هناك استجابة.

وأوضح الخبير في شؤون الجماعات الأصولية، أن السودان ليس لديه تاريخ طويل في وجود تنظيمي القاعدة وداعش على أرضه، خاصة بعد رحيل أسامة بن لادن أواخر عام 1996، باستثناء ثلاث محاولات محدودة التأثير والعمل لإنشاء خلايا جهادية.

وأشار إلى أنه كانت هناك خلية جهادية تعرف بـ «أنصار التوحيد» اغتالت دبلوماسيًا أمريكيًا عام 2008، مضيفًا أنه لم يكن هناك بعد ذلك أي وجود لتنظيمي القاعدة أو داعش، رغم أن السودان كان مهيأ إلى ذلك في أوقات سابقة.

أما عن إمكانية استغلال الإرهابيين من مالي وتشاد وغيرهما للظروف الحالية في السودان للتمدد داخله، قال أحمد سلطان، إن التنظيمات الإرهابية تمر بحالة ضعف، باستثناء منطقة الساحل والصحراء.

وأكد أن مجموعة نصرة الإسلام والمسلمين وحركة الشباب، مرتبطة ولو ظاهريا بتنظيم القاعدة، إلا أنهما يفضلان التركيز على استراتيجيتهما المحلية وليس العالمية للتنظيم، التي تعتمد على التوسع واستهداف المصالح الأمريكية بشكل خاص.

وأشار إلى أن التنظيمات بمنطقة غرب إفريقيا لديها استراتيجية للتمدد في حوض بحيرة تشاد، إلا أنها ليست لديها القدرات ولا الإمكانات التي تمكنها من نقل عملياتها إلى السودان.

ورغم ذلك، فإن الخبير في الجماعات الأصولية أحمد سلطان، قال إن السودان في وضع فوضوي ومضطرب أمنيًا، وهي عوامل محفزة للتنظيمات الإرهابية بشتي تصنيفاتها.