ما مستقبل ملايين اللاجئين السوريين في تركيا؟

يمكث في تركيا بحسب إحصاءات نوفمبر الماضي، الصادرة من جمعية اللاجئين، 3.7 مليون سوري بينهم أكثر من 2.6 مليون تقل أعمارهم عن 30 عامًا، كما أن أكثر من مليون منهم دون سن العاشرة، جاؤوا للحياة بعد اندلاع الصراع لأول مرة، عقب الاحتجاجات واسعة النطاق ضد الرئيس بشار الأسد.

ما مستقبل ملايين اللاجئين السوريين في تركيا؟

ترجمات - السياق

وافقت تركيا بكل "كرم" على استضافة الملايين من جيرانها السوريين، بعد فرارهم من حرب أهلية مروِّعة، لكن الأمور تبدو مختلفة، بعد مرور عقد من الزمان، فقد تحوَّل السكن المؤقت إلى إقامة دائمة.

وذكرت "آسيا تايمز الصينية"، أن الخوف الذي ظهر مؤخرًا من الجانب التركي، من أن السوريين بدأوا الاستقرار، غير مبرر، فقد انتقل جميع اللاجئين تقريبًا من المخيمات إلى المدن، لكن ما يدعو إلى القلق هو الافتقار إلى التخطيط طويل الأمد للشباب السوريين الذين يعيشون في تركيا.

 

مستقبل أسود

وبحسب "آسيا تايمز"، "يمكث في تركيا بحسب إحصاءات نوفمبر الماضي، الصادرة من جمعية اللاجئين، 3.7 مليون سوري بينهم أكثر من 2.6 مليون تقل أعمارهم عن 30 عامًا، كما أن أكثر من مليون منهم دون سن العاشرة، جاؤوا للحياة بعد اندلاع الصراع لأول مرة، عقب الاحتجاجات واسعة النطاق ضد الرئيس بشار الأسد".

وباعتبار أن لدى تركيا أكبر عدد من اللاجئين في العالم من فئة صغيري السن، وجميعهم سوريون، يبقى التساؤل: أي مستقبل لهؤلاء الصغار؟

ترى ألكسندرا دي كرامر، وهي صحفية مقيمة في اسطنبول وكاتبة التقرير، أن "الجواب بسيط: المستقبل الذي ينتظرهم أسود".

وذكرت أن "الحقيقة هي أن تركيا لا تستطيع ضمان مستقبل مشرق لشبابها ناهيك عن شباب اللاجئين"، مشيرة إلى أن عقلية الإصلاحات قصيرة المدى، التي تبنتها الحكومة تترك إرثًا من الديون الكبيرة والمؤسسات المعطلة، كما هو واضح من تعاملها مع الأزمة الاقتصادية الحالية.

ويغادر الشباب الأتراك البلاد بأعداد كبيرة، ففي عام 2019 هاجر 330 ألف تركي، نصفهم تحت 30 سنة، أما الذين بقوا فيواجهون ثالث أعلى معدل بطالة في 32 دولة أوروبية، وفقًا لإحصائيات أغسطس من يوروستات (وهي مؤسسة تزود الاتحاد الأوروبي بالمعلومات الإحصائية).

 

البطالة في تركيا

أمام هذه الأرقام المخيفة، تؤكد "آسيا تايمز" أن برنامج بطالة الشباب في تركيا قدر أن أكثر من 11 مليون شخص، تتراوح أعمارهم بين 15 و34 عامًا كانوا عاطلين عن العمل في نوفمبر الماضي، بينما في الربع الثالث من عام 2021، بلغ المعدل الرسمي للبطالة بين الشباب 22 في المئة.

ولهذا السبب قال 76 في المئة من الشباب، إنهم يريدون مغادرة تركيا من أجل مستقبل أفضل، وفقًا لاستطلاع أجرته شركة ماك كونسلتنسي عام 2020.

وترى "آسيا تايمز"، أن هناك مصيرًا مماثلًا ينتظر الشباب السوريين، الذين استطاعوا الهروب من الحرب، لكنهم يعانون صدمة نفسية كونهم جزءًا من مجموعة من اللاجئين، وبناءً عليه، لا يمكنهم الحصول على الضرورات الإنسانية، مثل السكن والتعليم والأمن المالي.

 

التعليم والتطعيم

حسب "آسيا تايمز"، لم تطابق تصريحات السلطات التركية المرحبة باللاجئين أفعالها، فحتى هذه اللحظة، فشلت الحكومة، التي يديرها حزب العدالة والتنمية بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان، في توفير سياسة موحدة للاجئين السوريين، وكان ذلك جليًا في فبراير الماضي، حيث فشل برنامج التطعيم في ضم شريحة اللاجئين السوريين.

كما مثَّل توفير التعليم مشكلة أساسية، فقد زاد تعقيد المعضلة، الاتفاق الذي أبرِم عام 2016 بين الاتحاد الأوروبي وتركيا، إذ تعهد الاتحاد الأوروبي بتقديم 6 مليارات يورو، أنفِق 2.4 مليار يورو منها على التعليم والإسكان، لكن كل ذلك لا يلبي حاجة اللاجئين، حسب "آسيا تايمز".

وذكرت المنصة الآسيوية، أن وزارة التعليم التركية أمرت بإجراء تغييرات منهجية، لتوفير إطار تعليمي أكثر شمولية، لكن الحجم الهائل للمهمة يجعل تنفيذها مُعقدًا للغاية.

وقالت: "بادئ ذي بدء، لا يسمح نظام التعليم المركزي في تركيا للمدارس، بتكييف التعليم مع حاجات الطلاب السوريين، ثانيًا: لا يوجد عدد كافٍ من المعلمين المؤهلين، لتدريس منهج باللغتين التركية والعربية".

بينما أكدت مبادرة إصلاح التعليم، أن نِصف الأطفال السوريين المسجلين فقط يذهبون إلى المدارس، مشيرة إلى تسجيل 26 في المئة فقط في المدارس، من أولئك الذين تتراوح أعمارهم بين 14 و17 عامًا.

وتؤكد المنصة، في تقريرها، أن نِصف السوريين في تركيا لم يذهبوا إلى المدارس أو أنهم أميون.

 

فقر وعداء

ونقلت "آسيا تايمز" عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، تأكيدها أن أكثر من 70 في المئة من اللاجئين السوريين يعيشون في فقر مدقع، مشيرة إلى أنه من المرجح أن يكون هؤلاء الأطفال، الذين لا يذهبون إلى المدرسة، يساعدون أسرهم على متاعب الحياة من خلال العمل، موضحة أن معظم تلك الأعمال تعد أنشطة غير قانونية.

وما زاد متاعب السوريين في تركيا -حسب المنصة الآسيوية- الانهيار الاقتصادي الأخير الذي ضرب الليرة، مشيرة إلى أن انخفاض قيمة الليرة التركية، أدى إلى احتقان اقتصادي في جميع أنحاء البلاد، ومهد الطريق لظهور مشاعر معادية للسوريين، وزادت الأحزاب السياسية نبرة العداء، من خلال مناهضة اللاجئين.

وعن تزايد العنف ضد اللاجئين السوريين، ضربت "آسيا تايمز" أمثلة عدة، مشيرة إلى أنه في نوفمبر الماضي، ذهب ثلاثة سوريين تتراوح أعمارهم بين 17 و21 عامًا للعمل في إزمير، وتعرَّضوا للحرق حتى الموت أثناء نومهم، وقالت جماعات تركية لحقوق الإنسان، إن ذلك الهجوم قائم على كراهية الأجانب.

وأضافت، أنه في صيف 2020 تعرَّض ستة أطفال في مدينة هاتاي لهجوم عنصري وضُربوا بشدة، لدرجة أنهم احتاجوا إلى العلاج في المستشفى، وهناك حادثة أخرى عام 2019، إذ أقدم طفل سوري يبلغ من العمر 9 سنوات من مدينة قوجهالي على شنق نفسه، بسبب التمييز العنصري ضده في الفصل الدراسي.

وحسب المنصة، وجدت منصة حماية الأطفال وحقوقهم، أن أكثر من نِصف الآباء الأتراك الذين قابلتهم، لم يوافقوا على أن يكون لأطفالهم أصدقاء سوريون، مشيرة إلى أنه لا توجد حملات رأي عام للمساعدة في تغيير ذلك الرأي.

 

ضحايا الوضع الراهن

وأكدت "آسيا تايمز" أنه من المقلق للأتراك أن عدد الشباب السوريين ينمو بسرعة، فقد قدر تقرير صدر عام 2019 من المؤسسة السياسية الألمانية كونراد أديناور شتيفتونغ، أن ما يقرب من 500 طفل سوري يولدون في تركيا كل يوم، ولا تمنح سوريا ولا تركيا الجنسية لهؤلاء الأطفال حديثي الولادة، الأمر الذي يحرمهم بطاقات الهوية الوطنية، وهم بلا شك أكبر ضحايا الوضع الراهن.

وأوضحت، أن هناك العديد من التحديات التي تواجهها تركيا، عندما يتعلق الأمر باللاجئين السوريين الذين تستضيفهم، لكن فئة الشباب من اللاجئين السوريين، هم الذين يحتاجون إلى أكبر قدر من الاهتمام في هذه المرحلة.

وأشارت إلى أن الحكومة التركية تسعى إلى إقناع الأتراك بأن السوريين سيعودون إلى بلادهم، لكن ماذا تعني لهؤلاء الأطفال فكرة العودة إلى الديار؟ حتى لو انتهت الحرب، متى يستطيعون العودة؟

وأضافت "آسيا تايمز"، أن هناك تقارير عن عودة بعض اللاجئين إلى سوريا، لكن يتم احتجازهم واستجوابهم وتعذيبهم وإساءة معاملتهم جنسيًا من قوات الأمن التابعة للأسد.

وترى أن "ما ينتظر الشباب اللاجئين في سوريا، هو نقص الغذاء والاضطهاد والتجنيد الإلزامي، وبمقارنة هذه الاحتمالات، فإن تركيا عرض أكثر جاذبية بكثير، لكن ألا تستطيع تركيا توفير خيارات أفضل؟".