ماذا وراء زيارة فد الإخوان إلى أفغانستان؟
قال الدكتور نور الهدى فرزام، الباحث الأفغاني، في تصريحات لـ-السياق-، إن جماعة الإخوان واتحاد علماء المسلمين، يؤيدان طالبان بشكل قوي، مشيرًا إلى أن التنظيم يزعم أن طالبان جناح سياسي له في أفغانستان.

السياق
على وقع الانقسامات والصراعات، التي قصمت ظهر «الإخوان المسلمين»، ومع اللفظ الشعبي للتنظيم الإرهابي في الوطن العربي، اعتمد التنظيم الخطة «ب»، التي ترتكز على التفتيش على مواطن وحواضن بديلة للجماعة.
تلك الحواضن الجديدة، يأمل أن يجد فيها تنظيم الإخوان الملاذ الآمن للمشرذمين في الأرض، من إفريقيا مرورًا بأوروبا إلى آسيا، حتى حل مشكلات صراع جبهتي اسطنبول ولندن على إرث حسن البنا.
وفي ضوء هذه الخطة، هرول عدد من قيادات الإخوان المسلمين إلى العاصمة الأفغانستية كابل، في زيارة التقوا فيها وزراء من حكومة طالبان، كان ظاهرها تهنئة الحركة المسلحة بـ«استيلائها على الحكم»، بينما حمل باطنها آمالًا بأن تكون سيطرة طالبان على البلد الآسيوي بداية التمكين للتنظيم هناك.
وبينما حاول الوفد الإخواني تغليف زيارته، بهدف غير الذي كانت من أجله، بالحديث عن ضرورة السماح بتعليم الإناث، ومطالبة الحكومة بالعمل على منع فشل التجربة الإسلامية في أفغانستان، إلا أن وسائل إعلام محلية فضحت أهداف التنظيم من الزيارة، قائلة، إن وفد الإخوان يريد توسيع علاقاته مع حكومة طالبان، ويسعى أيضًا لدعوة الدول الإسلامية للاعتراف بحكومة تصريف الأعمال في أفغانستان.
جرس إنذار
دعوة إخوانية للاعتراف بنظام قهر المرأة ومنعها من أدنى حقوقها، تكشف عن فكر ورؤية تنظيم، كان يود الاستمرار في بسط سيطرته على الوطن العربي، بهدف التمكين لخلافته المزعومة.
إلا أن محاولات الإخوان لكسب ود حركة طالبان، قد تبوء بالفشل، بحسب مراقبين، أكدوا أنه لا يوجد توافق فكري بين التنظيم وطالبان، ما يجعل العلاقة بينهما ليست في أفضل حالاتها.
بينما قال آخرون، إن تنظيم الإخوان الذي تربطه علاقات جيدة بتنظيم القاعدة، قد يدفع بالأخير إلى الوساطة بينه وبين الحركة المسلحة، أملًا في إيفاد بعض أعضائه إلى الأراضي الأفغانية.
تلك الرؤية أكدها الدكتور نور الهدى فرزام، الباحث الأفغاني بالشؤون السياسية، في تصريحات لـ«السياق»، الذي قال إن جماعة الإخوان واتحاد علماء المسلمين، يؤيدان طالبان بشكل قوي، مشيرًا إلى أن التنظيم يزعم أن حركة طالبان جناح سياسي له في أفغانستان، وهو أمر غير صحيح، للاختلافات التنظيمية والمذهبية.
عيون مترقبة
وأوضح فرزام أن أعضاء الإخوان -خاصة هؤلاء المنضوين تحت لواء ما يعرف بـ«باتحاد علماء المسلمين»- دائمًا يبادرون لإسداء النصيحة، لمساعدة طالبان في المسائل الداخلية المتعلقة بأفغانستان، وهو ما تتجاهله غالبًا الحركة.
واستند الباحث الأفغاني في رؤيته، إلى ما نشره القرة داغي بأن «طالبان تجربة إسلامية ينظر العالم إليها بعيون مترقبة، فإذا فشلت هذه التجربة يربط الناس هذا الفشل بالإسلام، وأنه فشل في إقامة الحكومة العادلة».
وأشار فرزام إلى أن حركة طالبان تنظر إلى الإخوان كـ«ورقة» تلعب بها في ميدان السياسة، إذ تأخذ منها الدعمين الإعلامي والسياسي، لكنها لا تقبلهم كشركاء أو زائرين ذي مكانة، ما يفسر طلب الحركة من الوفد، في المؤتمر الصحفي المشترك، مساعدتهم في الحصول على الاعتراف الدولي، رغم أنهم رفضوا طلبهم للقاء زعيم طالبان.
ووصف الباحث الأفغاني هذه العلاقة بين طالبان والإخوان، بـ«الحب من جانب واحد»، مشددًا على أن الإسلاميين من الإخوان واتحاد علماء المسلمين، سيندمون على هذا الدعم، للتلاعب بهما من جانب الحركة، وسيدفعان ثمن هذه الزيارة.
زيارة بروتوكولية
وبحسب مصادر مقربة من المكتب الإداري لجماعة الإخوان في تركيا، فإن الزيارة التي اتسمت بالبروتوكولية، جاءت لتهنئة طالبان بالاستيلاء على الحكم، مشيرة إلى أن سبب تأخر الزيارة كان لـ«ترتيبات أمنية» لم تفصح عنها، إلى جانب فعاليات كأس العالم التي استضافتها قطر نهاية 2022.
وتمخض عن الزيارة بيان بأسماء عدد من القيادات التي زارت أفغانستان، جاء فيه: «إن انتصار الإخوة في أفغانستان يمثل انتصاراً للمسلمين، وإن المجاهدين الأفغان زرعوا في قلوب الناس أملاً، هذا النصر العظيم الذي تحقق، يجب المحافظة عليه بوحدة الصف وتوحيد الكلمة والثبات على الحق، والحذر من مكايد الأعداء، مع السعي الدؤوب لتحقيق العيش الكريم للشعب المسلم في أفغانستان بمختلف فئاته وطوائفه».
وزعم البيان أنه «لا يتصور من دولة يقودها العلماء أن تمنع التعليم، لكن ثمة إشكالات لوجستية ينبغي وضع حلول لها، كي يكون الوضع موافقاً للأحكام الشرعية، وقد شكلوا لجنة من وزارات عدة، لإيجاد الحلول وضربوا لها أمدًا معلومًا»، بحسب زعمهم.