الغارديان: هل تبحث الصين عن فرصة استثمارية وسط الخراب السوري؟
مع انتهاء الحرب، في معظم أنحاء البلاد، أصبح الاقتصاد السوري -الخاضع للعقوبات الشديدة- في حالة دمار أكبر حتى من مدنها وبلداتها، بينما تمزَّقت مكانتها العالمية، بسبب عقد لا يرحم من الصراع

ترجمات - السياق
بينما وقف الرئيس السوري بشار الأسد، على المنصة لأداء اليمين، معلنًا نفسه الرجل الوحيد، الذي يمكنه إعادة بناء سوريا، كانت الصين حاضرة بوزير خارجيتها، وعيناها على اقتناص حصة في التركة السورية.
ووفقًا لصحيفة الغارديان، فإن وزير خارجية الصين، وانغ يي، الذي أيدت بلاده فوز الأسد في انتخابات مايو الماضي، التي وصفتها بريطانيا وأوروبا بأنها «غير حرة ولا نزيهة»، أعلن مساعدة الصين في بدء مهمة إعادة الإعمار.
حصة الصين
وأشارت الصحيفة، إلى أن حصة الصين البارزة في سوريا ما بعد الحرب، كانت مباشرة من قواعد اللعب في أماكن أخرى، في الشرق الأوسط، وكذلك في آسيا وإفريقيا، وهي عبارة عن استثمارات غير متوقَّعة مقابل الوصول المحلي والغطاء العالمي.
ومع ذلك، يقول محللون ودبلوماسيون، استطلعت «الغارديان» آراءهم، إنه حتى في ظل الهدوء النسبي، فإن سوريا ستقدِّم عوائد ضعيفة لسنوات مقبلة.
وتقول الصحيفة، إنه مع انتهاء الحرب، في معظم أنحاء البلاد، أصبح الاقتصاد السوري -الخاضع للعقوبات الشديدة- في حالة دمار أكبر حتى من مدنها وبلداتها، بينما تمزَّقت مكانتها العالمية، بسبب عقد لا يرحم من الصراع، مشيرة إلى أن الأمل في تحقيق اختراق سياسي، يتوقَّف على إطاحة الزعيم ذاته، الذي أعيد انتخابه، لسبع سنوات أخرى.
وأشارت إلى أن إعادة الإعمار كانت خُططًا أساسية لحليفتي سوريا، روسيا وإيران، إلا أن الصين -التي حافظت على سياسة أقل انخراطًا في القتال- تستنشق الفرصة.
وأكدت أنه بينما تغادر الولايات المتحدة أفغانستان، وتستعد لمغادرة العراق -بعد أن تخلى دونالد ترامب فجأة عن شمال شرق سوريا قبل 18 شهرًا- بدت بقية البلاد وكأنها انتصار سريع للدبلوماسيين الصينيين.
الأخطاء الأمريكية
ونقلت «الغادريان» عن دبلوماسي بريطاني سابق، لديه خبرة في بكين والشرق الأوسط، قوله: «إنهم يعرفون الفراغ عندما يرون الفراغ، خاصة إذا كان ذلك ينطوي على الاستفادة من أخطاء الولايات المتحدة».
لكن سوريا، التي لا تزال ممزَّقة وغير قابلة للتسوية، تحتفظ روسيا فيها بحصة كبيرة في الشمال الشرقي، وتركيا بنفوذ في جميع أنحاء الشمال الغربي، الذي يقع خارج سيطرة دمشق، بينما لا يملك النظام سوى القليل من السيطرة على موارده، وقد طلب مرارًا المساعدة من العراق، ويحاول الحصول على النفط من لبنان أيضًا، مضيفا عبئًا آخر لأزمات الوقود في لبنان.
استثمار ضعيف
من جانبه، قال دبلوماسي شرق أوسطي: «يجب على الصين أن تلقي نظرة حولها، إنها تعتقد أن هذا حزام الطريق، لكن ذلك مجرَّد وهم، سوريا استثمار ضعيف بالنسبة إليها».
وكان بشار الأسد، قد صدَّق على مشروع الحزام والطريق لبكين، في المقابل، حث وزير خارجية الصين وانغ، على إلغاء العقوبات المفروضة على دمشق، إلا أن أوروبا والولايات المتحدة، ظلتا غير راغبتين في القيام بذلك، أثناء بقاء الأسد في السلطة.
أمر غير مربح
وقالت إليزابيث تسوركوف، الزميلة في معهد نيولاينز: «أخذ الروس والإيرانيون الفوسفات، والروس استولوا على الميناء، واستولى الأصدقاء على بناء شقق فاخرة للنخبة في دمشق»، بينما قلة من السوريين يستطيعون شراء اللحوم، إضافة إلى أنهم غير قادرين على إعادة بناء منازلهم، مشيرة إلى أن إعادة بناء البنية التحتية، ليست مربحة على الإطلاق.
وقال مبعوث أوروبي لسوريا، إن إعادة الإعمار من المرجَّح أن تظل غير واقعية، رغم حماسة الصين، مشيرًا إلى أنه ينبغي للمرء أن يتمنى أن يتوصل نظام الأسد وداعموه الدوليون، إلى فهم أن كسب السلام دائمًا أصعب من قصف وتدمير طريقك إلى نوع من الانتصار العسكري باهظ الثمن.
ظروف مروِّعة
وتابع المبعوث الأوروبي: لا أحد يأتي لاستثمار مئات المليارات من اليورو والدولار، أو الروبل والرنمينبي، في إعادة إعمار البلاد، في ظِل هذه الظروف المروِّعة.
وأشار إلى أن المستثمرين في حاجة -في المقام الأول- إلى طمأنتهم على استثماراتهم، مؤكدًا أن هذا الأمر لا علاقة له بفرض القيم أو الشروط الغربية، إنه مجرَّد منطق تجاري عام.
وضع سيئ
بدوره، قال أسامة قاضي، الاقتصادي السوري المنفي، إن الاقتصاد المحلي في وضع أسوأ من أي وقت مضى، منذ الحرب العالمية الأولى.
وأشار إلى أن السوريين يواجهون اليوم مجاعة حقيقية، فنسبة المواطنين الذين يعيشون تحت خط الفقر، في مناطق النظام السوري الواقعة تحت النفوذ الروسي، وصلت إلى أكثر من 90%، مؤكدًا أن «الراتب الشهري يتراوح بين 15 و 40 دولارًا، حتى راتب الوزير لا يتجاوز 40 دولارًا في الشهر».