ما الذي تريده إيران من المحادثات النووية؟

يرى صانعو السياسة في إدارة رئيسي، تجربة توقيع خطة العمل المشتركة الشاملة عام 2015 مثالًا واضحًا على نهج الحكومة الأمريكية، وعدم جديتها في رفع العقوبات، إذ يجادلون بأنه رغم أن طهران فقدت الجزء الأكبر من قدراتها النووية بموجب الاتفاقية، فإن واشنطن لم ترفع العقوبات بشكل فعال، خلال أكثر من عامين بين تنفيذ الاتفاقية وانسحاب إدارة ترامب منها

ما الذي تريده إيران من المحادثات النووية؟

ترجمات - السياق

رأت مجلة فورين بوليسي الأمريكية، أن هناك "تغييرًا جذريًا" في السياسة الخارجية للحكومة الإيرانية الجديدة، وذكرت أن الرئيس الإيراني الجديد إبراهيم رئيسي، لا يفكر في حل الأزمة النووية، ولا حتى إحياء خطة العمل المشتركة الشاملة، التي انسحب منها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في مايو 2018.

وأضافت المجلة، في تقرير، أن رئيسي أعلن في أول مؤتمر صحفي له كرئيس منتخب، أن السياسة الخارجية للحكومة لن تبدأ بخطة العمل المشتركة الشاملة ولن تنتهي بها، وأنه لن يربط مصير اقتصاد البلاد بالمفاوضات.

 

فريق تفاوضي جديد

في أبريل 2021، أي بعد بضعة أشهر فقط من تولي الرئيس الأمريكي جو بايدن منصبه، بدأت إيران والمشاركون الباقون في خطة العمل المشتركة الشاملة (المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا والصين وروسيا) محادثات في فيينا لإحياء الصفقة، لكن بعد ست جولات من المحادثات، شاركت فيها الولايات المتحدة أيضاً بشكل غير مباشر، توقفت المفاوضات وسط الانتخابات الرئاسية في إيران، التي عقدت في يونيو الماضي، ثم أعلنت الحكومة الإيرانية الجديدة أنها تراجع جولات المحادثات السابقة، وتعمل على تشكيل فريق تفاوضي جديد، وستعود إلى المحادثات قريباً، وفقًا للمجلة.

وأوضحت المجلة أن إدارة رئيسي، مع ذلك، تركز على تبني استراتيجية تعطي الأولوية للتخلص من أثر العقوبات، من خلال تعزيز العلاقات الاقتصادية بالجيران وروسيا والصين، من بين تدابير أخرى، بشكل أكبر من استئناف المحادثات لإحياء خطة العمل المشتركة الشاملة، وهي الاستراتيجية التي قالت إن المرشد الأعلى لإيران علي خامنئي، طالما أكدها، إذ قال في اجتماعه الأخير مع إدارة روحاني، إن جهودها أثبتت حماقة الوثوق في الغرب.

خيبة أمل

ووفقًا لـ "فورين بوليسي"، فإن هذا التحول في السياسة يعكس خيبة أمل الحكومة الإيرانية الحالية، في فشل الولايات المتحدة في رفع العقوبات الاقتصادية، قائلة إنه لا أحد في حكومة طهران الجديدة، يعتقد أن الولايات المتحدة تنوي رفع العقوبات، لكنهم على العكس من ذلك، يعتقدون أن واشنطن تستخدم المحادثات النووية لاحتواء القوة الإيرانية.

كما يرى صانعو السياسة في إدارة رئيسي، تجربة توقيع خطة العمل المشتركة الشاملة عام 2015 مثالًا واضحًا على نهج الحكومة الأمريكية، وعدم جديتها في رفع العقوبات، إذ يجادلون بأنه رغم أن طهران فقدت الجزء الأكبر من قدراتها النووية بموجب الاتفاقية، فإن واشنطن لم ترفع العقوبات بشكل فعال، خلال أكثر من عامين بين تنفيذ الاتفاقية وانسحاب إدارة ترامب منها، بحسب المجلة.

وأشارت المجلة إلى أن إخفاقات خطة العمل المشتركة الشاملة، ليست السبب الوحيد للشك الموجود حالياً لدى الحكومة الإيرانية، لافتة إلى إن عدم ثقة مسؤولي طهران بواشنطن، له جذور أعمق بكثير، إذ يفترض المسؤولون الإيرانيون، أن السياسة الأمريكية الشاملة تتمثل في احتواء طهران، وبذلك فإن الأمريكيين سيبقون العقوبات بطريقة ما، وحتى إذا تم إحياء خطة العمل المشتركة الشاملة، فإن الولايات المتحدة لن ترفع سوى جزء صغير فقط من العقوبات، وستحافظ على الجزء الأكبر منها، تحت ذريعة جديدة متعلقة بحقوق الإنسان، أو ببرنامج الصواريخ الإيراني، أو أنشطة طهران في الشرق الأوسط.

فقد أدى استمرار رفض إدارة بايدن، رفع العقوبات المفروضة على إيران في عهد ترامب، التي فُرض الكثير منها بذريعة حقوق الإنسان والإرهاب، إلى تعميق حالة عدم الثقة، وفقاً للمجلة.

 

أجندة إيران

وقالت "فورين بوليسي": بالنظر إلى كل ذلك، فإن الرأي السائد بين صانعي السياسة في إدارة رئيسي، أن إحياء خطة العمل المشتركة الشاملة بأي ثمن، ينبغي ألا يكون على أجندة إيران، وأنه يجب على الدولة اتخاذ موقف أكثر صرامة في المفاوضات المستقبلية، لتأمين مصالحها الاقتصادية، إذ ترى حكومة رئيسي أن الوقت يصب في صالحها، ما يمكّنها من تطوير برنامجها النووي، وزيادة نفوذها في أي مفاوضات مستقبلية.

ووفقاً لـ"فورين بوليسي" من المرجَّح أن يشهد نهج طهران الجديد، تقييم فريق التفاوض الإيراني نتائج المفاوضات، وفقاً للممارسة العملية، بمعايير موضوعية قابلة للقياس وليس على الورق فقط، مشيرة إلى أنه بالنظر لهذه الظروف، يمكن توقع مفاوضات مطولة ومتوترة، في الأشهر المقبلة.