هل يلجأ بايدن إلى الخيار النووي لمعالجة سقف الديون؟

بايدن: أكثر من ربع الدين الأمريكي، بما يصل إلى 8 تريليونات دولار، جاء خلال السنوات الأربع لحُكم الرئيس الجمهوري السابق دونالد ترامب، لذلك على الجمهوريين المساعدة في رفع سقف الدين

هل يلجأ بايدن إلى الخيار النووي لمعالجة سقف الديون؟

ترجمات - السياق

تساءلت صحيفة بوليتيكو الأمريكية، عن إمكانية لجوء الرئيس جو بايدن، إلى "الخيار النووي" لمعالجة سقف الديون، وهو ما يعني التهديد بتجاوز سقف الدين العام الأمريكي، إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق مع الكونجرس، بشأن زيادة سقف الدين العام، أو تمديد تعليق العمل بسقف الدين، محملًا ميتش ماكوني،ل زعيم كتلة الجمهوريين في مجلس الشيوخ، المسؤولية عن عمل قال إنه "نيزك" يتجه نحو الاقتصاد الأمريكي.

وردًا على سؤال، بعد خطابه في البيت الأبيض بشأن النزاع على سقف الدين العام، عمّا إذا كان يستطيع ضمان ألا تتجاوز الولايات المتحدة سقف الدين، قال بايدن: "لا... لا أستطيع"، مضيفًا أن "الأمر متروك ليمتش ماكونيل... لا أستطيع تصديق أن تكون هذه هي النتيجة النهائية، لأن العواقب خطيرة للغاية، لا أصدق هذا، لكن هل أستطيع ضمان الأمر؟ إذا استطعت سأفعل".

وأشارت "بوليتيكو" الأمريكية، في تقرير، إلى أن تصريحات بايدن تأتي في ظل مخاوف، من أن يؤدي خرق قواعد مجلس الشيوخ، بشأن رفع أو تعليق سقف الديون، إلى تعثر الحكومة الأمريكية في السداد، وأن يكون الاقتصاد في حالة انهيار.

 

خطوات جذرية

وقال الرئيس للصحفيين: إن التعطيل الذي تم التوصل إليه، لحل المأزق الحالي مع الجمهوريين، بشأن حد الديون قبل الموعد النهائي في 18 أكتوبر الجاري، كان "احتمالًا حقيقيًا"، مضيفًا: أكثر من ربع الدين الأمريكي، بما يصل إلى 8 تريليونات دولار، جاء خلال السنوات الأربع لحُكم الرئيس الجمهوري السابق دونالد ترامب، لذلك على الجمهوريين المساعدة في رفع سقف الدين.

ونقلت "بوليتيكو" عن مصادر داخل الإدارة الأمريكية قولها: الأزمة تعكس الاعتقاد المتزايد، بأن الحزب الحاكم قد يحتاج إلى خطوات جذرية، لمنع التخلف عن السداد، مشيرين إلى أن تصريحات بايدن كانت إشارة إلى نواب الحزب في مجلس الشيوخ، بأن الرئيس يدعم قناعتهم المتزايدة، بأن تغيير قواعد الغرفة النيابية، قد يكون ضروريًا لتجنُّب أزمة مالية.

وأوضحت "بوليتيكو" أنه إذا سلك الديمقراطيون في مجلس الشيوخ طريق الإصلاح المعطل، سيحتاجون إلى دعم جميع أعضاء مجلس الشيوخ الخمسين ونائبة الرئيس كامالا هاريس (كتصويت يكسر التعادل)، مشيرة إلى أن ذلك غير مضمون، نظرًا لمعارضة التغييرات المبطنة من بعض الأعضاء المعتدلين، بما في ذلك السناتور جو مانشين، الذي أعلن صراحة رفضه للتصويت.

 

كل شيء مطروح

 

ونقلت "بوليتيكو" عن مصدر مطلع على المناقشات بين القيادة الديمقراطية، قوله: "أي سيناريو ممكن لإصلاح سقف الديون في الوقت الحالي، فكل شيء على الطاولة للخروج من الأزمة".

كان الجمهوريون أحبطوا مرتين، جهود رفع سقف الديون لتجنُّب تعثر تاريخي، وهم على وشك ذلك مرة أخرى في مجلس الشيوخ، حيث النظر في مشروع قانون آخر لرفعه.

وأشارت الصحيفة، إلى أنه بعد التصويت على رفع أو تعليق سقف الديون، ثلاث مرات في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، يرفض ماكونيل تقديم أصوات الجمهوريين، لحل التعثر الذي يلوح في الأفق، من أجل إلحاق الألم السياسي بالديمقراطيين.

وأضافت، أن الإخفاق في معالجة حد الدين -وهي خطوة يقتضيها القانون، وتم التعامل معها في أوقات مختلفة على أنها روتينية- من شأنها أن تضعف ائتمان الدولة وترفع أسعار الفائدة، وتؤثر في عمليات التحقق من الضمان الاجتماعي، مشيرة إلى أنه على مدى شهور، ضغط ماكونيل على الديمقراطيين، للعمل على حدود الديون بأنفسهم، من خلال عملية الميزانية المعقَّدة المعروفة باسم المصالحة.

وذكرت الصحيفة، أنها خطوة طالما قاومها بايدن وزعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ تشاك شومر، لأنها تستغرق وقتًا ثمينًا في جلسة مجلس الشيوخ، لكنها مع ذلك طريقة مقاومة للمماطلة، للتغلب على هذه المشكلة.

 

الخيار النووي

وأوضحت "بوليتيكو" أنه في حين أن الديمقراطيين -المعتدلين- المتحالفين بشكل وثيق مع إدارة بايدن، حثو على استخدام السبل المتاحة لإنقاذ الموقف، إلا أن مسؤولي البيت الأبيض أكدوا مرارًا، أن بايدن استمر في معارضة إنشاء عمليات (القطع المعطلة)، المعروفة أيضًا بـ "الخيار النووي"، لمعالجة سقف الديون أو غيره، عبر الجمود التشريعي.

ونقلت الصحيفة عن جيسون فورمان، الذي شغل منصب رئيس مجلس المستشارين الاقتصاديين للرئيس السابق باراك أوباما، قوله: "يجب رفع حد الدين"، مضيفًا أن الأفضل هو القيام بذلك بطريقة ما باتفاق الحزبين، ولكن إذا لم يكن ذلك ممكنًا، يجب على الديمقراطيين اكتشاف الطريقة التي تناسبهم.

وأضاف: "من الناحية الاقتصادية، النتيجة هي نفسها، سواء تعلق الأمر بالخيار النووي أو المصالحة، أو بطريقة أخرى".

وأشارت "بوليتيكو" إلى أنه من الممكن أن تكون لتليين بايدن بشأن هذه القضية، تداعيات كبيرة على أجندته الأوسع، بشرط أن يقنع مانشين وآخرين بالتوافق معه.

وذكرت الصحيفة، أن المعضلة الأخرى التي تواجه بايدن، هي الانقسامات الداخلية العميقة، التي تهدد مشروعه بشأن الديون، إذ أن الحزب ينقسم إلى تقدُّميين يرفضون الخطة، بينما يدعمها المعتدلون المحسوبون على الإدارة الأمريكية.

وقال فايز شاكر، الخبير الاستراتيجي الديمقراطي، الذي أدار حملة بيرني ساندرز الرئاسية عام 2020، في إشارة إلى الضغط على المشرعين من رجال الأعمال العالمية: هناك تراكم طويل للأولويات الليبرالية، التي واجهت حصارًا جمهوريًا -من السيطرة على الأسلحة إلى الهجرة إلى حقوق التصويت- مشيرًا إلى أنه إذا حاول المعتدلون في الحزب الديمقراطي، تسريع وتيرة خطة سقف الديون، فقد يشجع التقدُّميون على المجادلة، بضرورة إجراء استثناءات لمسائل أخرى في الكونغرس أيضًا.

وأضاف شاكر: "مع بقاء أقل من أسبوعين، قبل اختراق سقف الديون، فإن النشطاء داخل الحزب، يشككون في أن أعضاء مجلس الشيوخ، سيتخلصون في النهاية من قواعد التعطيل في هذه اللحظة، ومع ذلك، تطابقت تعليقات بايدن مع المشاعر السائدة بين معظم أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين، للدعوة إلى خدعة الجمهوريين وإجبارهم على التصويت لتعليق حد الدين، أو اتخاذ ما يعدها عدد متزايد منهم، الخطوة المنطقية التالية.

 

تحذير وزيرة الخزانة

وحذَّرت جانيت يلين، وزيرة الخزانة الأمريكية الأسبوع الماضي، من أن الوزارة ستفشل بحلول 18 أكتوبر المقبل، إذا لم يتحرك الكونجرس ويصدر قانونًا لاستمرار تعليق العمل بسقف الدين العام أو رفع السقف، لتزيد الضغط على أعضاء الكونجرس، بهدف التحرك لتجنُّب إعلان عجز الولايات المتحدة عن الوفاء بالتزاماتها المالية.

وقالت في خطاب وجهته إلى قادة الكونجرس: "من المحتمل أن تتخذ وزارة الخزانة إجراءاتها الاستثنائية (للوفاء بالالتزامات المالية للدولة)  إذا لم يتحرك الكونجرس، لرفع أو تعليق سقف الدين العام، بحلول 18 أكتوبر المقبل.

وأضافت يلين: "من غير المؤكد أننا سنستطيع الوفاء بكل التزامات الدولة بعد هذا التاريخ".

كما قالت يلين، في جلسة استماع أمام مجلس الشيوخ الأمريكي، إن أي فشل في التعامل مع موضوع سقف الدين العام، سيؤدي إلى نتائج كارثية.

وقالت يلين إن ما سمته "اليوم إكس" في إشارة إلى يوم إعلان عجز الخزانة العامة الأمريكية، عن الوفاء بالتزاماتها المالية، يقترب بأسرع مما يتوقع الكثيرون في "وول ستريت".

وسيعزِّز تحذير يلين، مخاوف أسواق المال بشأن أزمة سقف الدين العام الأمريكي، في ظل الخلافات الحادة بين الجمهوريين والديمقراطيين في الكونجرس، بحسب "بلومبرغ".