ماذا يعني تبني داعش قتل حاكم ولاية بلخ في أفغانستان؟
يقول الباحث في شؤون الشرق الأوسط يوسف بدر، في تصريحات لـ-السياق-، إن الحادث ليس عاديًا، لأنه استهدف حاكم ولاية بلخ، في مقره بمدينة مزار شريف، التي تعد من أكبر مدن أفغانستان

السياق "خاص"
رغم هزيمة «داعش» رسميًا عامي 2017 و2019 في العراق وسوريا، فإن التنظيم الإرهابي يحاول العثور على موطئ قدم للعودة، عبر استغلال الفوضى الأمنية والسياسية في بعض البلدان، لتنفيذ عملياته الإرهابية.
إحدى تلك الدول كانت أفغانستان، التي يتمركز فيها أحد فروع «داعش»، ويدعى «داعش خراسان»، الذي يحاول إثبات وجوده، مستغلًا الأوضاع التي يعيشها البلد الآسيوي، بعد سيطرة حركة طالبان على السلطة.
وفي محاولة لإحياء دوره، يشن التنظيم الإرهابي -بين الحين والآخر- عمليات في أفغانستان، ضد طالبان، وفي مناطق أخرى، إلا أن إحدى عملياته الأخيرة، أحدثت دويًا هائلًا.
تلك العملية تمثلت في الانفجار الذي وقع في مكتب حاكم إقليم بلخ داوود مزمل شمالي البلاد، ما أسفر عن قتله واثنين آخرين.
وبعد ساعات من الهجوم، أعلنت وكالة أعماق التابعة لداعش عبر «تلغرام» أن التنظيم أعلن مسؤوليته عن الهجوم، الذي أسفر عن قتل حاكم إقليم بلخ، المنتمي لحركة طالبان في أفغانستان.
وبعد يوم من قتل مزمل، قالت وسائل إعلام محلية، إن زعيم حركة طالبان، الملا هبة الله آخوند زاده، عين محمد يوسف وفا، حاكماً مؤقتاً لولاية بلخ شمالي أفغانستان، مشيرة إلى أن آخوند زاده كلف حاكم قندهار بالمضي قدمًا بشؤون ولاية بلخ شمالي البلاد حتى تعيين حاكم جديد لها.
ماذا يعني تصفية «داعش» لحاكم بلخ؟
يقول مدير مركز اللاعنف والسلام، الباحث في الجماعات الجهادية والحركات الإسلامية، محمد صفر، إن قتل داود مزمل، حقق أهدافًا عدة في ضربة واحدة.
وأوضح صفر، في تصريحات لـ«السياق»، أن قتل مزمل يزيد مخاوف طالبان من هذه الولاية، مشيرًا إلى أن تصفية «داعش» لحاكم ولاية بلخ، يعد انتصارًا كبيرًا للتنظيم الإرهابي، بتمكنه من الوصول إلى شخصية مهمة من حركة طالبان وقتله في مكتبه، الأمر الذي يعد اختراقًا كبيرًا جدًا، ويؤكد أن داعش نشط جدًا، وبدأ يتجه لتنفيذ عمليات نوعية، لاستهداف شخصيات بارزة في طالبان.
ويرى مدير مركز اللاعنف، أن علاقات مزمل بإيران، ضربة للتيار الموجود داخل طالبان، الذي تربطه صلات بطهران، لذا تعد عملية نوعية بامتياز.
وأوضح أن تعيين مزمل، وهو أبرز قادة حركة طالبان العسكريين، حاكمًا لولاية بلخ، كان دليلًا على خوف طالبان من هذه المنطقة، كمصدر تهديد خطير بالنسبة لهم، خاصة أنها معروفة بالتأييد الشعبي الواسع لعبدالرشيد دوستم وجماعته، الذي أعلن استعدادًا للتمرد العسكري داخل أفغانستان.
وأشار إلى أن طالبان تتخوف من هذه الولاية، فاحتضنت قاعدة كبرى مؤيدة لمحمد عطا، أحد أقوى القيادات العسكرية المعارضة لطالبان، الموجود خارج البلاد، ما جعل «بلخ» منطقة تهديد لحركة طالبان، دفعتها إلى نقل داود مزمل من رئاسة اللجنة العسكرية في حركة طالبان وموقعه كنائب وزير الداخلية وحاكم إحدى الولايات المهمة لطالبان، من ولاية ننجرهار إلى ولاية بلخ، لأهميته وقدرته العسكرية، وللسيطرة على مصادر التهديد.
إلا أن قتل مزمل، «يعد أمرًا خطيرًا جدًا لحركة طالبان، لما يمثله من فقد عسكري كبير، له دور كبير ميدانيًا، حتى إن القوات الأمريكية تفرض عليه أنواعًا من الحظر والقيود الأمريكية والعقوبات»، كما يقول مدير مركز اللاعنف.
عملية انتقامية
بدوره، قال الباحث في شؤون الشرق الأوسط يوسف بدر، في تصريحات لـ«السياق»، إن الحادث ليس عاديًا، لأنه استهدف حاكم ولاية بلخ، في مقره بمدينة مزار شريف، التي تعد من أكبر مدن أفغانستان.
وأكد أن حاكم هذه الولاية محمد داود مزمل، من الشخصيات التي كانت تلعب دورًا عام 2017 في الاتصال بين حركة طالبان وإيران، التي وفرت التدريب العسكري والتمويل والأسلحة للحركة، قبل أن تتمكن من العودة للسلطة في 15 أغسطس 2021، ما يفسر تضمن العقوبات الأمريكية عام 2018، التي استهدفت العلاقة بين إيران وطالبان، اسمه.
وأشار إلى أن مزمل كان من الشخصيات المعروفة بمحاربة داعش في أفغانستان، مؤكدًا أنه قبل اغتياله كانت هناك عملية أمنية كبيرة في مدينة مزار شريف، قُتل على أثرها مسلحون وأفراد من حركة طالبان.
جاسوس إيراني
من جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي الأفغاني أحمد جواد قارجار، في تصريحات لـ«السياق»، إن مزمل كان ناشطًا في ولاية هلمند (إحدى مقاطعات أفغانستان المتاخمة لإيران) خلال العشرين عامًا الماضية، مشيرًا إلى أنه منذ أن كان في هلمند يحظى بدعم الحرس الثوري الإيراني، وتوثقت علاقاته بقوات الأمن الإيرانية منذ ذلك الوقت.
وأكد قاجار أن مزمل كان يأتمر بأوامر نظام طهران، وكان يساعد الحرس الإيراني، في استهداف معارضي إيران بالولاية، وتركهم يتنقلون بحرية بين المساجد والمنازل والطرق، وينفذون عمليات ويلقون بجثثهم في النهر.
وأشار إلى أنه تواصل مع إيران، للحصول على الأسلحة والمعلومات، لقتل غير الشيعة، خاصة زعماء القبائل، الذين يعارضون إيران ويقيمون في الأراضي الأفغانية.