الترسانة الأمريكية تترنح... وقد تخسر حربًا محتملة ضد الصين أو روسيا
سلطت بلومبرغ الأمريكية، الضوء على قدرات الترسانة الأمريكية، واصفة إياها بأنها في حالة يرثى لها ولا تستطيع مواجهة حرب مع الصين أو روسيا.

ترجمات – السياق
صواريخ نووية، وأخرى أسرع من الصوت، ومناطيد تجسس، وتقارير بأنها تمتلك أسلحة جديدة، بما يصل إلى 5 أو 6 أضعاف المعدل الأمريكي.. هكذا تظهر القدرات العسكرية الصينية، في الآونة الأخيرة، في وقت تتراجع نظيرتها الأمريكية، ما زاد المخاوف من أن أي مواجهة بين الجانبين، قد لا تكون في صالح "بلاد العم سام".
شبكة بلومبرغ الأمريكية، سلطت الضوء على قدرات الترسانة الأمريكية، واصفة إياها بأنها "في حالة يرثى لها ولا تستطيع مواجهة حرب مع الصين أو روسيا".
ورأت -في تحليل للكاتب الأمريكي هال براندز، الأستاذ بكلية الدراسات الدولية في جامعة جون هوبكنز- أن الصناعة العسكرية الأمريكية، تحولت من صورة "المُصنع المخيف إلى العاجز"، مشيرة إلى أن الصراع في أوكرانيا أظهر للعالم ضعف هذه الصناعة، الأمر الذي يمكن أن تستغله الصين.
وأرجعت الشبكة، ما سمتها "الهشاشة التي تمر بها الترسانة العسكرية الأمريكية" إلى عقود من التدخلات السياسية في عدد من الدول، كان آخرها التدخل في الصراع الدائر بأوكرانيا، والدعم غير المحدود لكييف بأسلحة متعددة، كلفت الولايات المتحدة كثيرًا من احتياطاتها بالذخيرة والقدرات العسكرية، بخلاف التصور الخاطئ بأن واشنطن تهيمن وحدها على العالم بعد انتهاء الحرب الباردة، متوقعة أن تكون التكلفة أكثر بكثير خلال السنوات المقبلة.
الماضي الجميل
وذكّرت "بلومبرغ" بماضي الولايات المتحدة العسكري "الكبير"، مشيرة إلى أنها كانت تمتلك ذات يوم، قاعدة صناعية دفاعية لا تقبل المنافسة.
ونوهت إلى أنه بحلول نهاية الحرب العالمية الأولى، كانت أحواض بناء السفن التابعة للولايات المتحدة، تبني عددًا من السفن أكثر من بقية الدول مجتمعة.
وأفادت الشبكة، بأنه بحلول منتصف الحرب العالمية الثانية، كان الناتج الصناعي للولايات المتحدة، أربعة أضعاف الإنتاج الألماني.
واستشهدت الشبكة بـ"مزحة" منسوبة لضابط ألماني عمل بمدفعية مضادة للدبابات، تشرح سبب طغيان القوات الأمريكية عليه إبان الحرب العالمية الثانية، بأن قال: "قذائف المدفعية نفدت قبل نفاد الدبابات"، وهو ما يُترجم تفوق التصنيع إلى تفوق عسكري أيضًا.
ورغم هذا التفوق، فإن الشبكة تتساءل: "كيف انتهى الأمر بالولايات المتحدة في ورطتها الحالية، إذ باتت بحاجة لسنوات لاستبدال عدد الصواريخ المضادة للدبابات والأسلحة الأخرى، التي استخدمتها أوكرانيا خلال أسابيع فقط؟".
وتجيب: "يبدو أن الأمر يتعلق بالهيكل المتغير للاقتصاد الأمريكي".
الإنفاق العسكري
وبينت أن القيادة الاقتصادية الأمريكية تضع الأولوية لاقتصاد المعرفة عالي التقنية على التصنيع، لافتة إلى أن هذا التحول سمح للولايات المتحدة بتطوير أكثر الأسلحة تطورًا في العالم، مع تعقيد قدرتها على إنتاجها بنطاق واسع.
وأشارت الشبكة الأمريكية، إلى أنه بعد انتهاء صراع القوى العظمى بانتهاء الحرب الباردة، انخفض الإنفاق الدفاعي الأمريكي كحصة من الناتج المحلي الإجمالي، من نحو 6% منتصف الثمانينيات إلى قرابة 3% أواخر التسعينيات، لافتة إلى أن الإنفاق الدفاعي أقل من 4% من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنةً بمتوسط 7.5% خلال الحرب الباردة.
تطلب هذا الاتجاه -وفق الشبكة- دمج عدد من الصناعات الدفاعية، مع انخفاض المقاولين الرئيسين من 51 إلى 5، وتقلص عدد المقاولين من الباطن -الشركات التي تسهم في مكان ما ضمن سلسلة التوريد- بشكل كبير أيضًا.
وأشارت الشبكة إلى أن أمريكا تحولت من قوة منتجة للأسلحة بكميات كبيرة، إلى دولة بالكاد تستطيع دعم أوكرانيا في صراعها مع روسيا.
وبينت أن التغيرات في الاقتصاد الأمريكي بعد الحرب الباردة، وانخفاض الإنفاق العسكري، أديا إلى إضعاف الإنتاج الصناعي العسكري.
ورأت الشبكة أن استراتيجية واشنطن، لإنتاج أسلحة عالية التقنية بكميات صغيرة، تعد مؤشرًا على تراجع سيطرة الولايات المتحدة، على صناعة السلاح، بشكل أو بآخر.
وأشارت إلى أن هذه المشكلة تفاقمت بسبب الصراع في أوكرانيا، حيث تستخدم أوكرانيا الأسلحة الأمريكية بسرعة كبيرة، لكن الولايات المتحدة لا تملك القدرة على تصنيع بدائل لها بالسرعة المطلوبة.
في غضون ذلك ، مع زيادة تعقيد قدرات الولايات المتحدة العسكرية، أصبحت عملية الحصول على هذه الأسلحة أكثر تعقيدًا.
واليوم، يتسابق "البنتاغون" على امتلاك أبرز الأسلحة المتطورة، لكن بأعداد قليلة، ومع ذلك يتباطأ في دمج هذه التقنيات الجديدة بسرعة أو استبدالها بالشكل المطلوب، حسب الشبكة الأمريكية.
المسحوق الأسود
وأشارت "بلومبرغ" إلى أن الولايات المتحدة لم تتأثر بقلة الذخيرة والأسلحة، خلال حروب سابقة، مثل صربيا والعراق وأفغانستان، منوهة إلى أنها خلال هذه الحروب، لم تستهلك أعدادًا كبيرة من الذخائر عالية الجودة، ولا تسببت في استنزاف كبير للدبابات والسفن والطائرات الأمريكية.
وذكرت أنه رغم أن المساعدات العسكرية الأمريكية لأوكرانيا، أنقذت ذلك البلد من انهيار محتم، فإنها كشفت صعوبة استبدال القدرات العسكرية الأمريكية المستنفدة، بسبب النقص المتراكم منذ فترة طويلة، مثل نقص القوى العاملة المدربة والاختناقات التي نشأت عن الاعتماد على مزودين فرديين، لمحركات الصواريخ أو مكونات قذائف المدفعية.
وضربت الشبكة مثالًا، بأن المصنع الأمريكي الوحيد الذي يُصنع المسحوق الأسود، وهو مكون أساسي في المتفجرات العسكرية، انفجر في يونيو 2021 وظل مغلقًا منذ ذلك الحين.
وحذرت "بلومبرغ" من أنه "إذا لم تحل الولايات المتحدة مشكلتها في الصناعة العسكرية، لن تكون قادرة على منع الصين من بدء حرب معها، ولن تكون قادرة على الفوز بها".
صراع مع الصين
وأضافت: "لو تخيلنا حربًا أمريكية صينية، فإن (البنتاغون) سيفقد بسرعة مخزونات الطوربيدات والصواريخ والقنابل الموجهة بدقة"، مشيرة إلى أن المناورات الحربية الأخيرة تعد مؤشرًا على أن الولايات المتحدة قد تفقد مئات الطائرات وأعدادًا كبيرة من السفن، في وقت مبكر من أي صراع محتمل مع الصين.
وبينت أنه "إذا واصلت الصين هجومها الخاطف في هذه الحرب المحتملة، قد تكون لديها ميزة في السباق لإعادة التسلح للجولة التالية من القتال، ما يمنحها ميزة أفضل في كسب هذه الحرب".
ورأت الشبكة الأمريكية، أن مشكلة قلة الإنتاج، التي تطورت على مدى سنوات، لا يمكن حلها على الفور، مشددة على أن "البنتاغون" يحتاج إلى مزيد من الأموال، تُخصص على فترات أطول، لتيسير عمليات الشراء، ولإقناع شركات الدفاع بالاعتماد على قوى عاملة أكبر وخطوط إنتاج جديدة.
القنابل الغبية
على الولايات المتحدة، أيضًا، الاستثمار في الإضافات الرخيصة نسبيًا، التي يمكن أن تحول القنابل الغبية إلى قنابل أكثر ذكاءً، وفي عمليات تطوير القدرات الجديدة والاستحواذ، التي تقبل مخاطر أكبر للفشل، مقابل مزيد من السرعة والمرونة.
وحسب الشبكة، قد تحتاج الولايات المتحدة أيضًا إلى السعي لتحقيق تكامل أعمق، مع القواعد الصناعية الدفاعية، بين الديمقراطيات الصديقة، حتى يتمكنوا -بشكل جماعي- من إنتاج ما يحتاجون إليه وقت الصراع المحتمل.
والأهم من ذلك كله، على الولايات المتحدة إجراء تحول فكري، مشابه لما يحدث في سلاسل التوريد الرئيسة، مع إلغاء تأكيد الكفاءة البحتة لزيادة المرونة، والانتقال بسرعة من الرضا عن النفس في زمن السلم، إلى الإلحاح في زمن الحرب.
وفق "بلومبرغ"، فإن مآلات الضعف في القاعدة الصناعية الدفاعية لن تكون تباطؤًا مؤقتًا، بحملة جوية محتملة ضد بعض الجماعات الإرهابية، وإنما قد تكون خسارة حرب عظمى، ضد دولة تتحدى النفوذ الأمريكي غربي المحيط الهادئ وفي العالم كله.