منظمات العمل الإنساني في السودان..نيران المعارك وضرورة تسليم المساعدات

يشير سيلفان بيرون، من منظمة أطباء بلا حدود إلى أن مستوى العنف الذي سجّل في الخرطوم ودارفور، ضد المدنيين ومتطوعي العمل الإنساني، مقلق.

منظمات العمل الإنساني في السودان..نيران المعارك وضرورة تسليم المساعدات

السياق

يعرقل القتال، بين الجيش وقوات الدعم السريع في السودان، جهود العمل الإنساني، لا سيما الوصول إلى المناطق المتضررة لمساعدة المحتاجين، في بلد كان ثلث سكانه يعانون الجوع قبل الحرب.

وتشهد العاصمة السودانية الخرطوم، حالة من الفوضى منذ أن اندلعت المعارك في 15 أبريل، بين الجيش بقيادة الفريق أول عبدالفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه الفريق أول محمد حمدان دقلو "حميدتي".

وأسفرت المعارك، في الخرطوم ومناطق أخرى أبرزها دارفور في الغرب، عن قتل 700 شخص على الأقل، وإصابة آلاف بجروح، بحسب تقارير، ويُعتقد أن هذه الأرقام أقلّ بكثير من الواقع.

كذلك هرب السجناء من ثلاثة سجون على الأقل في الخرطوم، وتعرضت المستشفيات للقصف، وانتشرت أعمال النهب في غياب الشرطة، ويقول العاملون في المجال الإنساني إن مقارهم تعرّضت للنهب.

ويقول كارل شمبري من المجلس النرويجي للاجئين (NRC) لوكالة فرانس برس: "لا يمكننا تعريض حياة زملائنا للخطر"، مضيفًا: "لا يمكننا الذهاب إلى مراكزنا لمعاينة حجم عمليات النهب".

 

مستوى مقلق من العنف

في الأيام الماضية، فقد شمبري ومنظمته الشيخ محمد عمر، أحد المتطوعين المحليين.

وكان عمر من 191 شخصًا قُتلوا بسبب أعمال العنف في مدينة الجنينة، عاصمة غرب دارفور، الإقليم المضطرب الذي يقع غربي البلاد، والذي كان ساحة للتمرد المسلح وعديد من المعارك خلال العقدين الماضيين، التي أسفرت عن قتل 300 ألف شخص ونزوح 2.5 مليون، بحسب الأمم المتحدة.

وقُتل 18 عاملًا في منظمات إنسانية، منذ 15 أبريل.

ويشير سيلفان بيرون، من منظمة "أطباء بلا حدود" إلى أن "مستوى العنف الذي سجّل في الخرطوم ودارفور، ضد المدنيين ومتطوعي العمل الإنساني، مقلق".

ويقول لوكالة فرانس برس: "نفكّر في كيفية العمل بهذا السياق ونأمل العمل مع فرق صغيرة دولية وسودانية، بالشراكة مع منظمات المجتمع المدني، في أقرب وقت ممكن".

في مدينة بورتسودان الساحلية، التي ظلّت نسبياً بمنأى عن أعمال العنف، طالب منسّق عمليات الإغاثة الطارئة في الأمم المتحدة مارتن غريفيث -الأربعاء- بضمانات أمنية "على أعلى مستوى"، لتأمين إيصال المساعدات إلى السودان، بعد نهب ست شاحنات تحمل مساعدات غذائية على وقع استمرار المعارك.

ومن الصعوبات التي تواجهها المنظمات الإنسانية، معرفة مَن مِن الطرفين المتنازعين يُحكِم سيطرته في تلك المنطقة أو تلك من العاصمة أو دارفور حيث انضمت القبائل إلى القتال.

في الخرطوم، تنقسم الأحياء والشوارع، بين سيطرة هذه القوة أو تلك، ويبدو أن الطرفين يملكان القوة نفسها تقريبًا.

قبل هذه الحرب، كان ثلث سكان السودان البالغ عددهم 45 مليون نسمة تقريبا، يعاني الجوع ويحتاج إلى الإغاثات الإنسانية. ويرجّح أن ترتفع هذه النسبة مع النقص الحاد بمناطق القتال، في الغذاء والماء والكهرباء والنقد.

 

على الجبهة

ويتعذّر على عديد من المصابين، في ظل الأوضاع الراهنة، الوصول إلى المستشفيات، التي لا يعمل إلا 16% منها في العاصمة، بحسب نقابة الأطباء بالسودان.

ويتوقع أن تزيد الحاجة إلى المساعدات في الصيف، حيث يبلغ سوء التغذية ذروته في بلد متضرّر بشدة من تغيّر المناخ، والفيضانات التي أدت إلى ظهور أوبئة مثل الملاريا.

وأكدّت الأمم المتحدة نهب "17 ألف طن من المواد الغذائية" من أصل 80 ألف طن، من مخزون برنامج الأغذية العالمي التابع لها، الذي "لا يزال يحاول تحديد ما تبقى" من موارده.

في الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، يقول المسؤول في المفوضية الأممية لشؤون اللاجئين توبي هارورد: "وجدنا أنفسنا على الجبهة بين الطرفين وتأثّر العديد من مرافقنا (الأمم المتحدة)، لكننا لم نكن مستهدفين".

وأضاف أن مخزون المفوضية في نيالا، عاصمة ولاية جنوب دارفور "استهدفه اللصوص والمجرمون وقطاع الطرق".

وفي ظلّ تعطّل عمل المصارف والتطبيقات المصرفية وخدمات تحويل الأموال، تواجه منظمات الإغاثة والعمل الإنساني -كما يقول شمبري- مشكلة لوجستية ضخمة.