الحجاب عادة وليس فرضًا وأقنعت زوجتي بخلعه.. داعية إسلامي يثير الجدل 

الحجاب في تونس، من أبرز القضايا الاجتماعية الدينية الخلافية، فدائمًا ما تشهد البلاد حوله خلافًا حادًا ونقاشات موسعة، ويعد ارتداء النساء للحجاب قضية رأي عام.

الحجاب عادة وليس فرضًا وأقنعت زوجتي بخلعه.. داعية إسلامي يثير الجدل 
الداعية محمد بن حمودة

السياق

دائمًا ما تكون المسائل الدينية مثار جدل كبير في تونس، وتحديدًا في ما يتعلق بالنساء، سواء إرث المرأة أم تعدد الزوجات، جميعها مسائل خلافية انتهجت فيها تونس -على المستويين الرسمي والشعبي- نهجًا مغايرًا لبقية الدول العربية والإسلامية.

 

فرضية الحجاب

آخر ما أثار الجدل الديني، في البلد الذي يشهد توترات سياسية وهزات اقتصادية غير مطمئنة، تصريحات الداعية محمد بن حمودة عن فرضية الحجاب.

وقال الداعية التونسي، بحوار في "قناة التاسعة"، إنه أقنع زوجته بترك الحجاب، لأنه عُرف وعادة وليس فرضًا دينيًا(...) "كنت مقتنعًا تمام الاقتناع، بأن الحجاب فرض، لكن حين اطلعت على التفسيرات وبحثت في الآيات وتاريخ الحجاب، لم أجد أي آية تثبت فرضية الحجاب".

وشغلت تصريحات بن حمودة الرأي العام، واستحوذت على نقاشاته في مواقع التواصل الاجتماعي، كما قال الداعية إنه سيصدر كتابًا بعنوان "الحجاب ليس في الكتاب".

الحجاب في تونس، من أبرز القضايا الاجتماعية الدينية الخلافية، فدائمًا ما تشهد البلاد حوله خلافًا حادًا ونقاشات موسعة، ويعد ارتداء النساء للحجاب قضية رأي عام.

وحسب "بي بي سي": "لا الثورة ولا الإعلام التونسي تمكن من التعامل مع الحجاب كمسألة شخصية، تهم الفرد لا المجموعة، حيت يرى طيف من التونسيين أن حرية ارتداء الحجاب تهدد مكاسب المرأة التونسية، بينما يرحب آخرون بحرية ارتدائه كحق فردي للمرأة والمجتمع.

جدير بالذكر أن الحجاب كان ممنوعًا بحكم القانون في تونس.

 

كيف تفاعل التونسيون؟

تصريحات بن حمودة قسمت التونسيين، بين مؤيدين له ومستشهدين بآراء مماثلة، من فتاوى دعاة سابقين ومن خارج تونس، ودعمته حملة تضامن، مؤكدين أنه يتعرض لحملة غير مسبوقة، واصفين إياه بالشيخ المعتدل، الذي يعمل عقله، وأن أفكاره تقوم على أسس دينية علمية، خلافًا لتفاسير منتقديه وشيوخهم، من الذين يغفلون إعمال العقل ويعتمدون على النقل.

وهاجمه آخرون، ورفضوا حديثه، وطالبوا بضرورة مقاطعة لقاءاته التلفزيونية، وأن يتراجع عن تصريحاته، وحذروا من  نشر "هذه الآراء التي من شأنها تمييع ثوابت الدين"، وأكدوا ضرورة ألا تأتي "حجة حماية حرية الآخر في فهم النص" على فرضية الحجاب الثابتة في القرآن الكريم.

وتعرض بن حمودة لقائمة طويلة من السباب والاستهجان والاتهامات "بالتضليل وتحريف الدين"، حتى وصل الأمر إلى حد "تكفيره".

 

عودة إلى بورقيبة

من جانب آخر على وقع الأزمة السياسية التي تعيشها تونس منذ سنوات، هناك من يرى أن تصريحات الداعية ما هي إلا بالون اختبار لقياس الرأي العام، يمكن به تمرير تشريعات جديدة في هذا الشأن، مثل العودة لفرض حظر على الحجاب، بإعادة إحياء المنشور 108، الذي سنه الرئيس الراحل بورقيبة.

وهناك من ذهبوا إلى أبعد من ذلك، وحملوا الداعية وتصريحاته اتهامًا بإلهاء التونسيين عن الأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية الصعبة، التي تعيشها البلاد.

وذهب طيف من مؤيدي كلام الداعية إلى مهاجمته رغم ذلك، إذ رأوا أنه اعتدى على حرية زوجته، بتدخله في اختياراتها وتأثيره في قراراتها.

لكن الشيخ بن حمودة تراجع -حسب وسائل إعلام تونسية- عن تصريحاته، وقدَّم اعتذاره، نافيًا أن يكون المقصود من قوله، دعوة النساء إلى خلع الحجاب، وأن مقصده كان مناقشة الآيات والأحاديث الواردة في فرضية الحجاب، بمنشور على "فيسبوك"، وأضاف فيه:" من اجتهد وأصاب فله أجران، ومن اجتهد ولم يصب فله أجر واحد".

وبرز الداعية بن حمودة في تونس، بعد ثورة 2011، التي أطاحت الرئيس بن علي، وعُرف كمقدم برامج بإذاعة الزيتونة الحكومية للقرآن الكريم"، واشتهر بعديد البرامج التلفزيونية.