وثائق البنتاغون تكشف: روسيا قادرة على تمويل حرب أوكرانيا عامًا إضافيًا
الاستخبارات الأمريكية ترى أن روسيا ستكون قادرة على تمويل الحرب في أوكرانيا عامًا آخر على الأقل، رغم العقوبات الغربية المتزايدة على نحو غير مسبوق.

ترجمات - السياق
رغم ما تردد كثيرًا خلال الأشهر الماضية، بأن الاقتصاد الروسي قد ينهار في ظل العقوبات الغربية الشديدة عليه، ومن ثمّ لا يستطيع الرئيس فلاديمير بوتين استكمال خططه المتعلقة بأوكرانيا، فإن الوثائق الأمريكية التي نُشرت مؤخرًا، أظهرت العكس، مؤكدة أن موسكو قادرة على تمويل حربها ضد كييف عامًا آخر.
وبينت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية -نقلًا عن وثائق عسكرية أمريكية مُسربة- أن الاستخبارات الأمريكية ترى أن روسيا ستكون قادرة على تمويل الحرب في أوكرانيا عامًا آخر على الأقل، رغم العقوبات الغربية المتزايدة على نحو غير مسبوق.
وأشارت إلى أن الوثائق تقدم لمحة عن نظرة واشنطن إلى فاعلية العقوبات الاقتصادية على موسكو وفحوى استجابة الأخيرة لها، إذ وجدت الاستخبارات الأمريكية أن كبار المسؤولين الروس، والوكالات، والأغنياء الروس يحاولون التكيف مع تلك العقوبات.
ووفقًا لتقييم يبدو أنه يعود إلى أوائل مارس الماضي، ونقلته الصحيفة الأمريكية، فإنه "في حين أن بعض النخب في الاقتصاد الروسي قد لا تتفق مع مسار البلاد في أوكرانيا، وأضرت العقوبات بأعمالها، إلا أنها لن تسحب دعمها للرئيس الروسي".
بدائل موسكو
وعن البدائل التي تعتمد عليها موسكو في تعظيم اقتصادها رغم العقوبات الغربية، نوهت "واشنطن بوست" إلى أن موسكو تعتمد على زيادة ضرائب الشركات، وصندوق الثروة السيادي، وزيادة الواردات، وقدرة الشركات على التكيف للمساعدة في تخفيف الضغوط الاقتصادية، وفق ما جاء في التقييم، الذي وُصف بأنه "سري للغاية".
وحسب الصحيفة الأمريكية، فإن هذه الوثائق جزء من مجموعة تمت مشاركتها في غرفة دردشة موقع "ديسكورد" وحصلت عليها "واشنطن بوست"، بينما اتُهم الجندي في الحرس الوطني الجوي بولاية ماساتشوستس جاك تيشيرا بأخذ الأوراق السرية ونقلها، لافتة إلى أنه قد يواجه عقوبة السجن 15 عامًا.
وذكرت أنه منذ بدء غزو أوكرانيا العام الماضي، أطلقت الولايات المتحدة وحلفاؤها سلسلة من العقوبات على الأشخاص والشركات المرتبطة بالكرملين، إلى جانب ضوابط التصدير، وغيرها من التدابير التجارية المصممة للضغط على الاقتصاد الروسي.
وخلص التقييم الأمريكي المسرب إلى أن النخب الروسية "من المرجح أن تستمر في دعم أهداف الكرملين داخل أوكرانيا، ومساعدة موسكو في التحايل على العقوبات"، لكن خبراء قالوا إن فعالية العقوبات تعتمد على عوامل أكثر تعقيدًا مما يمكن أن يأخذه تقييم واحد في الاعتبار.
وبينوا أن الوثائق لا تتناول تأثير العقوبات المفروضة حديثًا أو الآثار طويلة الأجل لسقف أسعار النفط في أوروبا، حيث انخفضت عائدات النفط الروسية.
وحتى لو استطاعت روسيا -من الناحية النظرية- تمويل الحرب عامًا آخر، فإن التقييم المسرب لا يستكشف العوامل الأخرى، التي يمكن أن تؤثر في قدرة روسيا على القتال، مثل نفقات الذخيرة والحاجة إلى جنود جدد، وفق الصحيفة.
طلب الدعم
وأشارت "واشنطن بوست" إلى أنه رغم أن بوتين والمقربين منه يرفضون تأثير العقوبات، التي فشلت في وقف المجهود الحربي الروسي حتى الآن، فإن الوثائق المسربة تكشف أيضًا عن تحديات تواجه التسليح الروسي، حال استمرار الحرب أكثر من عام.
ووفقًا للتقرير المسرب، وجدت الاستخبارات الأمريكية أن وزير المالية الروسي أنطون سيلوانوف صاغ خطابًا لرئيس الوزراء ميخائيل ميشوستين في مارس الماضي، يطالب بالحصول على دعم لخطط طوارئ من شأنها تجنيب "انهيار مُحرج محتمل" للكيانات التي تسيطر عليها الدولة، مثل بنك الاستثمار الدولي، والبنك الدولي للتعاون الاقتصادي، وبنك الاستثمار الأوراسي، بسبب العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة وحلفاؤها.
وأوضحت الصحيفة، أنه في 12 أبريل الجاري، فرضت الولايات المتحدة عقوبات مباشرة على بنك الاستثمار الدولي، الذي يتخذ من بودابست مقرًا له، ما دفع الحكومة المجرية إلى إعلان انسحابها من التعاون مع المؤسسة المالية التي تصفها روسيا بأنها بنك تنمية دولي.
بينما أعرب بعض الخبراء عن دهشتهم من أن سيلوانوف كان قلقًا بشأن مؤسسة ذات قيمة سوقية صغيرة نسبيًا.
وقالت ماريا سنيغوفايا، إحدى معدي التقرير الأخير لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بشأن العقوبات، للصحيفة الأمريكية في رسالة بالبريد الإلكتروني: "من الناحية الاقتصادية، لا يمثل بنك الاستثمار الدولي أهمية حاسمة بالنسبة لروسيا"، مضيفة: "التوقعات بأن البنك سيعاقب تعود لما يقرب من عام".
بينما أوضح أندراس راش، الباحث البارز في المجلس الألماني للعلاقات الخارجية، أن البنك، الذي تأسس خلال الحقبة السوفيتية كمؤسسة دولية لها فوائد دبلوماسية، كان يشتبه -منذ فترة طويلة- في علاقته بالتجسس وغسل الأموال.
ووفقًا لوثيقة أخرى، وجدت الاستخبارات الأمريكية أن المسؤولين في جهاز الأمن الفيدرالي الروسي، كانوا قلقين بشأن عدم كفاية العملات الأجنبية، التي تحتفظ بها البنوك الروسية، محذرين من أن واشنطن قد تفرض عقوبات على الشركات الصينية، التي تتعامل مع موسكو، وحثوا على إبقاء هذه المعاملات سرية.
وذكرت الوثيقة أيضًا أن موظفًا ماليًا في طبقة الأوليغارش، كان قلقًا من أن الشركات الصينية ستنهي أعمالها مع روسيا لتجنب تأثير العقوبات.
بينما أصدر مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية -ومقره واشنطن- تقريرًا هذا الشهر وجد أن روسيا لا تزال تمتلك "درجة ملحوظة من القدرة على التكيف مع العقوبات الغربية"، مؤكدًا ما ورد في التقييم السري، رغم أن هذه العقوبات أبطأت وتيرة حملة موسكو لإخضاع أوكرانيا.
كان بوتين قد أشاد بمرونة الاقتصاد الروسي في يناير، ما يشير إلى أنه تجاوز توقعات النمو، لينكمش بنحو 2.5% فقط خلال عام 2022.
وقال، خلال اجتماع افتراضي عن الاقتصاد، إن الديناميكيات الفعلية للاقتصاد تبين أنها أفضل من عديد من توقعات الخبراء.
ونوهت الصحيفة الأمريكية إلى أنه في الوقت ذاته، انكمش الاقتصاد الأوكراني بأكثر من 30%.