صمت دولي أمام مطالبات طالبان بالاعتراف بها.. ما أسباب العزلة الدبلوماسية؟

طالبان لا تزال تعتقد أن بإمكانها إقامة دولة إسلامية نموذجية، إلا أنه في الجهة الأخرى، فإن معظم الدول الإسلامية تراقب ببساطة لترى ما إذا كانت طالبان ستمنع أفغانستان، من أن تصبح مرة أخرى أرضًا خصبة للجماعات الإرهابية.

صمت دولي أمام مطالبات طالبان بالاعتراف بها.. ما أسباب العزلة الدبلوماسية؟

ترجمات - السياق

بعد أشهر من سيطرة حركة طالبان المسلحة على السلطة في أفغانستان، ما زال البلد الآسيوي معزولًا دبلوماسيًا عن جيرانه، وعن محيطيه الإسلامي والدولي.

وقالت صحيفة كريستيان مونيتور الأمريكية: بعد مرور نصف عام على استيلاء حركة طالبان على أفغانستان، لم تعترف أي دولة رسميًا بالنظام الجديد.

وبسبب الإحباط من هذه العزلة الدبلوماسية، ناشد رئيس الوزراء بالإنابة، الملا حسن أخوند، الدول الأخرى ذات الأغلبية المسلمة إقامة علاقات وإرسال سفراء، إلا أن صمت تلك البلدان كان الإجابة الوحيدة على طلب حركة طالبان.

 

التسامح الديني

وبحسب الصحيفة الأمريكية، فإن معظم الدول الإسلامية تتجه نحو التسامح الديني، وإلى تطبيق نسخة معتدلة من الإسلام، إلا أن حركة طالبان تعتمد على إعادة تطبيق تجربتها في الحكم (1996 – 2001)، التي وصفتها بـ«العنيفة».

وقالت «كريستيان مونيتور»، إن استطلاعًا للرأي أجرته مؤسسة PSB Insights العام الماضي، أظهر أن 34% من الشباب العربي، يرون أن الدين محور هويتهم، وهو رقم أقل من العام السابق، الذي بلغت فيه نسبة الشباب 40%.

وبحسب الصحيفة الأمريكية، فإن إندونيسيا التي تعد أكبر دولة إسلامية من حيث عدد السكان، تشغل فيها امرأة منصب وزير الخارجية، حتى في إيران، التي تشترك في حدود طويلة مع أفغانستان، يقول النظام إن حكومة طالبان لم تضم ما يكفي من الأقليات العرقية.

وفي ديسمبر الماضي، عقدت دول منظمة التعاون الإسلامي البالغ عددها 57 اجتماعًا خاصًا بشأن أفغانستان، دعت فيه البلد الآسوي إلى الالتزام بـ«المبادئ والأغراض» المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة.

 

التفكير العربي

وتقول «كريستيان مونيتور» الأمريكية، إن العلامة الأكثر وضوحًا على حدوث تحول في التفكير العربي، ظهرت منذ اتفاقيات أبراهام 2020، بموافقة أربع دول -الإمارات العربية المتحدة والبحرين والمغرب والسودان- على تطبيع العلاقات مع إسرائيل.

وقالت مجلة الإيكونوميست إن عددًا مذهلاً من الدول العربية يرحب بعودة اليهود ويحتضن تراثهم، بينما ظهرت صور متعاطفة مع اليهود، في الأفلام والبرامج التلفزيونية العربية، إضافة إلى أن الأفلام الوثائقية استكشفت الجذور اليهودية في المنطقة.

لم يقتصر الأمر على ذلك، بل إن الحكومة الجديدة في إسرائيل نفسها، تضم أول حزب عربي مستقل في الائتلاف الحاكم.

وتقول «كريستيان مونيتور» الأمريكية، إن طالبان لا تزال تعتقد أن بإمكانها إقامة دولة إسلامية نموذجية، إلا أنه في الجهة الأخرى، فإن معظم الدول الإسلامية تراقب ببساطة لترى ما إذا كانت طالبان ستمنع أفغانستان، من أن تصبح مرة أخرى أرضًا خصبة للجماعات الإرهابية.

 

محاولة يائسة

وأكدت الصحيفة الأمريكية، أنه في محاولة يائسة للاعتراف والمساعدة المالية، ربما تلجأ حركة طالبان إلى خطوة تعكس التعددية والتنوع في البلدان الإسلامية الأخرى.

كانت مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، طالبت الولايات المتحدة والحكومات الأوروبية والمنظمات الدولية، مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، بعدم التعجل في الاعتراف بحكومة طالبان.

وأكدت أن على الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين، توضيح أن الاعتراف والمساعدات المالية وأشكال المساعدة الأخرى، لن تأتي إلا عندما تثبت طالبان أنها لن تعود إلى السياسات التي كانت في السلطة قبل عشرين عامًا، وأنهم سيحترمونها، في محاولة للحفاظ على المكاسب الجادة التي حققتها الأفغانيات في العقدين الماضيين.

وشددت المؤسسة الدولية غير الربحية، على أن العزلة الدبلوماسية والاقتصادية لأفغانستان، التي كانت تحكمها طالبان منتصف التسعينيات لم تكن قبضتها محكمة، فحركة طالبان صنعت نوافذ على العالم خاصة بها إلى حد ما.

وقالت إنه يتعين على الاتحاد الأوروبي الضغط على طالبان والقادة الأفغان الذين يعملون معهم، لإصدار بيان قوي يؤكد أن النساء يمكنهن الاستمرار في الذهاب إلى المدارس ومراقبة تنفيذ هذه الحقوق.

 

نسخة منبوذة

ورغم أن حركة طالبان المسلحة وعدت بقاعدة أكثر مرونة، تتماشى مع تفسيرها للشريعة الإسلامية، إلا أن النساء مستبعدات إلى حد كبير من الوظائف الحكومية، والمدارس الثانوية للفتيات مغلقة في الغالب.

وتقع أفغانستان في قبضة كارثة إنسانية، تفاقمت مع سيطرة طالبان في أغسطس على الحكم، ما دفع الدول الغربية إلى تجميد المساعدات الدولية والوصول إلى أصول بمليارات الدولارات محتفظ بها في الخارج.

كانت البلاد تعتمد على المساعدات الخارجية، في ظل الحكومة السابقة المدعومة من الولايات المتحدة، لكن الوظائف لم تعد متاحة ولم يتلق معظم موظفي الخدمة المدنية رواتبهم منذ أشهر.

وقالت منظمة العمل الدولية، إن نِصف مليون أفغاني فقدوا وظائفهم في الربع الثالث من عام 2021، بينما من المتوقع أن يرتفع هذا العدد إلى 900 ألف، منتصف هذا العام.

 

نقص الغذاء

ومع تفاقم الفقر والجفاف الذي يدمر الزراعة في العديد من المناطق، حذرت الأمم المتحدة من أن نِصف السكان، البالغ عددهم 38 مليونًا، يواجهون نقصًا في الغذاء.

وبينما تبنى مجلس الأمن الدولي بالإجماع الشهر الماضي قرارًا أمريكيًا، للسماح لبعض المساعدات بالوصول إلى الأفغان اليائسين، من دون انتهاك العقوبات الدولية، انطلت دعوات من جماعات حقوقية ومنظمات إغاثة للغرب، للإفراج عن المزيد من الأموال، خاصة في ظل شتاء قارس.