إخواني جديد على رأس مؤسسة الـ5 مليارات دولار... هل يسعى الدبيبة إلى تمكين التنظيم؟

عدَّه الليبيون محاولة من عبدالحميد الدبيبة، لاسترضاء تنظيم الإخوان المسلمين، الذي ظل مساندًا له، الفترة الماضية، ولضمان بقائه في السلطة، واحتفاظه بالمنصب الذي بات مهددًا

إخواني جديد على رأس مؤسسة الـ5 مليارات دولار... هل يسعى الدبيبة إلى تمكين التنظيم؟

السياق

محاولة جديدة من رئيس الحكومة الليبية منتهية الولاية عبد الحميد الدبيبة، لثبيت أركان حكومته المتداعية، عبر إقرار تعيينات جديدة، لأشخاص في مناصب سيادية.
تلك التعيينات يريد من خلالها عبد الحميد الدبيبة، الذي يرفض تسليم السلطة، تحقيق هدفين، أولهما إيصال رسالة بأنه ما زال صاحب الكلمة الأولى في الغرب الليبي وله اليد الطولى على مؤسسات ليبيا السيادية، بينما الرسالة الثانية تتمثل في زرع مؤيدين له على رأس المؤسسات الاستراتيجية في ليبيا.
فبعد مساندة محافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير للدبيبة، حاول الأخير تكرار السيناريو نفسه بتعيين القيادي الإخواني مصطفى أبو فناس، رئيسًا لمجلس إدارة شركة محفظة ليبيا إفريقيا للاستثمار، تلك المؤسسة التي يقدر رأس مالها بـ5 مليارات دولار.
ذلك القرار أثار غضبًا شعبيًا، بينما عدَّه الليبيون محاولة من عبدالحميد الدبيبة، لاسترضاء تنظيم الإخوان المسلمين، الذي ظل مساندًا له، الفترة الماضية، ولضمان بقائه في السلطة، واحتفاظه بالمنصب الذي بات مهددًا من إصرار فتحي باشاغا رئيس حكومة الاستقرار على دخول العاصمة طرابلس.
إلى ذلك، قال المحلل السياسي الليبي كامل المرعاش، في تصريحات لـ«السياق»، إن تنظيم الإخوان المسلمين -ممثلًا في فرعه الهزيل في ليبيا- وضع نصب عينيه كنز الأموال الليبية المجمدة، بعد أن أجهز على مدخرات ليبيا في المصرف المركزي، خلال الحقبة التي وصفها بـ«السوداء» منذ 2011.

ثروات ليبيا
وأوضح المحلل الليبي، أن خطوة الدبيبة التي وصفها بـ«الخطيئة» تتزاوج مع حاجته لدعم الإخوان ومن ورائهم الغرب، للبقاء في السلطة وتقاسم ثروات ليبيا حتى آخر قطرة.
وأشار إلى أن من أدوات التنظيم -الذي ركز منذ 2011 على نهب مدخرات البلاد- زرع أعضائه في مفاصل إدارة المال الليبي، من المصرف المركزي إلى مصرف ليبيا الخارجي، للسيطرة على الإدارات الوسطي في الوزارات والمؤسسات والشركات، والانقضاض على أي عقود تجارية أو صناعية، والهيمنة على عقود التوريد والاعتمادات المالية.
المحلل الليبي أكد أن التنظيم الإخواني أصبح -من خلال هذا الأخطبوط- يتحكم ويتقاسم صفقات الفساد مع الحكومات المتعاقبة، مشيرًا إلى أنه تمكن من نهب وتبييض مليارات الدولارات إلى مصارف تبييض الأموال في مالطا وقطر وتركيا وإيطاليا وبريطانيا.
وأشار إلى أن تنظيم الإخوان، الذي انتابته حالة من الهلع والخوف من السقوط وتلاشي الدعم الدولي لحكومة الدبيبة، حاول نهب المزيد مقابل تقديم خدمات لرئيس الحكومة منتهية الولاية، عبر محاولة إقناع بريطانيا بالإبقاء عليه ودعمه ضد حكومة الاستقرار التي يقودها باشاغا.

أخونة الدولة
بدوره، قال المحلل السياسي الليبي العربي الورفلي، في تصريحات لـ«السياق»، إنه منذ تولي الدبيبة مقاليد الحكومة في ليييا يحاول مع فريقه وعائلته السيطرة على مفاصل الدولة والمؤسسات المهمة، أبرزها محفظة ليبيا إفريقيا، وهي محفظة استثمارية سيادية.
وأوضح المحلل الليبي، أن الدبيبة مكن عددًا من الشخصيات على رأس هذه المؤسسات، معظمها ينتمون للتنظيم الإخواني، مشيرًا إلى أنهم يشكلون شبكة عريضة تمتد من المصرف المركزي إلى المصرف الخارجي، لتشمل أيضًا المؤسسات الاستثمارية لتكتمل حلقات السيطرة على موارد الشعب اللييي.
وعن إمكانية ترجيح هذه الخطوة كفة الدبيبة، قال المحلل الليبي، إن الصراع ما زال مستمرًا، مشيرًا إلى أن رئيس الحكومة منتهية الولاية يحاول استمالة المليشيات وإرضائهم بـ«المال الفاسد».
وأشار إلى أن تنظيم الإخوان سيقف إلى جانب الدبيبة، وسيدعم قراراته، خاصة أن الأخير يحقق لهم مصالحهم وأهدافهم.

دخول طرابلس
وعن إمكانية دخول باشاغا طرابلس بالقوة، قال المحلل الليبي، إن العمل المسلح مستبعد في الوقت الحالي، بسبب اعتراض الجانب التركي، مشيرًا إلى أن باشاغا واقعيًا لا يحظى بأي دعم دولي، وبذلك لن يستطيع دخول العاصمة.
إلا أن المحلل الليبي كامل المرعاش، وصف تصريحات باشاغا الأخيرة، التي أكد فيها عزمه دخول طرابلس، بأنها «رسالة» لجس نبض تركيا والقوى الغربية المحتشدة وراء الموقف التركي، مفادها أنه نفد صبره، وسيدخل طرابلس بقوة السلاح، بعد أن استبد الدبيبة بالسلطة وقرر إشهار السلاح في وجهه. 
وأوضح المحلل الليبي، أن محاولة باشاغا دخول طرابلس ستكون الفرصة الأخيرة لإثبات أنه رجل دولة، ولا تعنيه إلا مصلحة ليبيا العليا، مشيرًا إلى أن رئيس حكومة الاستقرار يستطيع دخول طرابلس في أي لحظة، ولديه قوة عسكرية لحسم المعركة خلال ساعات.
وعن التكلفة التي ستنتج عن الحرب، قال المرعاش، إنها لن تزيد عن كل المصادمات التي تحدث في العاصمة منذ 10 سنوات، مشيرًا إلى أن الحسم العسكري -بشكل أسرع- سيحافظ على بلد من الاستمرار في الفوضى، وسيكون الخيار الأفضل للتخلص من نظام المليشيات وأمراء الحرب.