نووي إيران.. الصفقة الأسوأ الجديدة في التاريخ

 كانت إيران تحت ضغط شديد قبل عام، والآن على وشك إبرام صفقة بشروط أفضل من خطة العمل الشاملة المشتركة الأصلية لعام 2015

نووي إيران.. الصفقة الأسوأ الجديدة في التاريخ
محادثات فيينا

ترجمات - السياق

بعد بضعة أشهر فقط من انسحابه الفاشل من أفغانستان، يتجه الرئيس بايدن نحو كارثة أخرى من صنعه في السياسة الخارجية: "اتفاق" مذهل، لكنه متوقع، يسمح لإيران، الدولة الراعية للإرهاب في العالم، بالبقاء على بعد خطوات فقط من العتبة النووية، مع رفع العقوبات الأمريكية ضد الإرهاب، من دون أي وقف لدعم النظام للإرهابيين.

وقال ريتشارد جولدبيرج، مستشار أول مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، إن وصف مايحدث في فيينا بالاتفاق، تلطيف للأمور، أفضل تعبير لتفسير ما يقوم به مبعوث بايدن الخاص لإيران، بتقديم مبادرات غير مباشرة لطهران، من خلال وسيط روسي، هو الاستسلام.

وأشار إلى أن بايدن ورث أكبر نفوذ اقتصادي على دولة أخرى، في تاريخ الحروب المالية،  كما يقود أكبر وأقوى جيش في العالم، لكنك  لن تفهم صوابية الطريقة التي تعاملت بها إدارته مع طهران خلال عامها الأول: تخفيف العقوبات، وتمزيق الردع العسكري، وكبح المساءلة السياسية عن سوء السلوك النووي والإقليمي.

كانت للاتفاق النووي لعام 2015 مع إيران، المعروف بخطة العمل الشاملة المشتركة، عيوب واضحة، بما في ذلك إجراءات التحقق الضعيفة، ومجموعة من "بنود انقضاء الوقت" التي رفعت تدريجيًا، أهم القيود المفروضة على برنامج طهران النووي.

وبحسب ريتشارد، يزعم أنصار خطة العمل الشاملة المشتركة، أن الصفقة تضع البرنامج النووي الإيراني في صندوق، رغم أنها كانت كـ "العفريت في الصندوق"، مشيًرا الى أن إيران قادرة على إطلاق النار في أي وقت تختاره، "وإذا كان هناك صندوق في صفقة بايدن، فهو مفتوح من دون جوانب ولا قمة".

 

تعليق العقوبات

وقال ريتشارد: بموجب الترتيب الوشيك، الذي تظهر تفاصيله ببطء، قد يُسمح لإيران بإنتاج يورانيوم عالي التخصيب، وتخزين المزيد من هذا اليورانيوم المخصب، وتعزيز برنامج أجهزة الطرد المركزي، لتسريع اختراق نووي في المستقبل، وتسريع تطويرها لأنشطة نووية بعيدة المدى، الصواريخ ذات القدرات العالية، وعرقلة تحقيق الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في المواقع والمواد النووية غير المعلنة، التي اكتُشفت خلال السنوات الثلاث الماضية. 

في المقابل، ستعلق الولايات المتحدة العقوبات على إيران، ليس فقط العقوبات النووية، ما يوفر إنقاذًا اقتصاديًا لطهران، بينما يغمر الحرس الثوري بالمال.

علاوة على ذلك، سيحافظ الترتيب الجديد على أحكام انقضاء المدة من خطة العمل الشاملة المشتركة، التي اقتربت من دخول حيز التنفيذ بست سنوات، عما كانت عليه في الأصل. 

انقضى بالفعل موعد انتهاء الحظر الدولي على الأسلحة المفروض على إيران، وينتهي الحظر الصاروخي العام المقبل، وتنتهي قيود التخصيب في السنوات القليلة المقبلة.

وأشار إلى أن بقاء إيران غير ممتثلة لخطة العمل الشاملة المشتركة والحفاظ على امتيازات، سيكون سؤالًا سياسيًا مهمًا، ليس فقط لبايدن، ولكن أيضًا لرئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، الذي يتمتع بسلطة على عقوبات الأمم المتحدة على إيران.

 

تحول مذهل

وقال ريتشارد: مهزلة هذه الاتفاقية تتفاقم بشكل مؤلم، لو نظرنا لأحد المستفيدين الرئيسيين منها، إبراهيم رئيسي، الرئيس الإيراني الجديد، الذي وصفه الخبراء بأنه قاتل مروع، بعد أن ولى زمن الوهم بالتصالح مع ما يسمون المعتدلين أو الإصلاحيين.

ورأى أن التحول في إيران مذهل، مشيرًا إلى أن النظام الذي كان يتعرَّض لضغوط قبل عام، أكثر مما كان عليه قبل خطة العمل الشاملة المشتركة، يُمنح شروطًا أفضل مما حصل عليها بموجب الاتفاق السابق.

ورغم تحذيرها مرارًا وتكرارًا، من التخلي عن استراتيجيتها التفاوضية المليئة بالجزر التي لا لزوم لها، فإن إدارة بايدن تستعد لإبرام اتفاق على وجه التحديد، بالسوء الذي توقعه منتقدو بايدن.

وقال: من الواضح أن هذا هو سبب تخلي ريتشارد نيفو -المفاوض الأمريكي في فيينا، اللاعب الرئيس في التفاوض على خطة العمل الشاملة المشتركة عام 2015- عن المحادثات أواخر العام الماضي. 

ومن المحتمل أيضًا أن يكون ما دفع بوب مينينديز من نيوجيرسي، الرئيس الديمقراطي للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، إلى التحدث إلى قاعة مجلس الشيوخ هذا الأسبوع، لتحذير الإدارة من هذا الاتفاق.

 

خطة بديلة

وأوضح ريتشارد جولدبيرج، أن الرئيس بايدن تعهد بالعودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة، كنقطة انطلاق للمفاوضات على صفقة أطول وأقوى، من شأنها معالجة أوجه القصور في الاتفاقية السابقة، لكن بمجرد إدراك طهران أن بإمكانها المضي قدمًا في برنامجها النووي، وأنها ما زالت تتلقى تخفيف العقوبات في المقابل، تلاشت بسرعة فكرة وجود صفقة أطول وأقوى.

وقال: الإدارة الأمريكية زعمت أنها كانت تعد خطة بديلة، إذا رفضت إيران العودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة، مضيفًا: "من الواضح أن الخطة البديلة لم تتضمن الخيار الواضح المتمثل في استعادة الضغط الاقتصادي، والتهديد باستخدام القوة العسكرية، بدلًا من ذلك، شاهدنا منح طهران ما تريد".

يقال إن البيت الأبيض، يريد إلقاء اللوم في صفقته السيئة على دونالد ترامب، الذي سحب الولايات المتحدة من الاتفاقية عام 2018، لكن الاتفاق نتيجة مباشرة لخيارات سياسة جو بايدن، وفقًا لريتشارد.

وأشار إلى أن بايدن قرر تخفيف العقوبات على إيران، وعدم الرد عسكريًا على الهجمات على القوات الأمريكية، بما في ذلك قتل متعاقد أمريكي، كما قرر عدم محاسبة إيران أمام الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وإلغاء محاولة أمريكا إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة.

وقال: بدلاً من الرد بالمثل على إيماءات النوايا الحسنة هذه، أدركت طهران أن بايدن كان يائسًا، وبدأت اتخاذ خطوات لم تجرؤ على المخاطرة بها قبل الانتخابات الرئاسية لعام 2020، مثل تصنيع اليورانيوم، وهو مكون رئيس للأسلحة النووية، أو تخصيب اليورانيوم إلى 20 ثم 60 في المئة، وهو ما يقترب بشكل خطير من درجة صُنع الأسلحة.

 

معركة سياسية

ووفقًا لريتشارد، فإن البيت الأبيض يعلم أنه لا يمكنه الفوز في نقاش مزايا هذه الاتفاقية المرتقبة،  إذا قُـدِّمت إلى مجلس الشيوخ الأمريكي كمعاهدة، لأنه سيرفضها بأغلبية ساحقة، وأضاف: "لذا فهي تستعد بدلاً من ذلك لخوض معركة مختلفة، محاولة من الكونجرس لاستخدام قانون مراجعة الاتفاقية النووية الإيرانية -وهو قانون أقره الكونجرس عام 2015 قبل مناقشة خطة العمل الشاملة المشتركة- يسمح لمجلسي النواب والشيوخ بالنظر في قرار مشترك، بعدم الموافقة أمام الرئيس على إمكانية رفع العقوبات.

وقال: لخوض تلك المعركة السياسية، ستلجأ الإدارة إلى لعبة إلقاء اللوم، مستشهدة باسم ترامب كلما أمكن ذلك، لإعطاء الديمقراطيين في الكونجرس نقطة نقاش سياسية، وقد تدعي كذبًا أننا أمام هذه الصفقة أو الحرب، الخيار الخاطئ نفسه الذي استخدمه باراك أوباما، لإبقاء خطة العمل الشاملة المشتركة على قيد الحياة.

وأضاف: "يجب أن يكون رد الكونجرس سريعًا وغاضبًا، مثلما سيكون الانسحاب من أفغانستان إلى الأبد مسؤولية بايدن، فإن أسوأ صفقة جديدة في التاريخ، نتيجة لفشل سياسة بايدن. 

وبما أن هذه الصفقة -إذا أخذت مجراها- ستجعل إيران على أعتاب أسلحة نووية، يحتمل أن تكون متاخمة للخط الأحمر الإسرائيلي للعمل العسكري، يمكن للكونغرس الرد، إنها ليست "هذه الصفقة أو الحرب، لكن على الأرجح هذه الصفقة والحرب".

وقال ريتشارد: "يجب على الكونجرس أيضًا شجب عدم شرعية اتفاق يعلق عقوبات الإرهاب، من دون أي تغيير في السلوك الأساسي للمصارف والشركات الإيرانية، التي تدعم فيلق القدس وحماس وحزب الله والإرهابيين".

كما يمكن للكونغرس أيضًا أن يقول بحق إن أي صفقة تتجاهل تحقيقًا نشطًا في المواد والمواقع النووية غير المعلنة داخل إيران، ستهدد معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، ما يؤدي إلى سلسلة من الأزمات في بلدان أخرى في السنوات المقبلة، وفقـًا لريتشارد.

وقال: لا يحتاج أعضاء مجلسي النواب والشيوخ، إلى ربط أنفسهم بكارثة أخرى في السياسة الخارجية من البيت الأبيض، في زمن السقوط السياسي الحر، حان الوقت لرفض اقتراح متهور... "الخطة البديلة موجودة، أخبروا الرئيس كي يختار طريقًا آخر".