الإخوان وأوروبا... ما دور ألمانيا والنمسا في تحديد الوجهة المقبلة؟
يقول الباحث في جامعة فيينا، حسام حسن، في تصريحات لـ السياق، إن التنظيم الإرهابي وضع بلجيكا نصب عينيه قبل عقود، وأسس فيها أهم تنظيماته، بدءًا من اتحاد المنظمات الإسلامية، ثم منتدى المنظمات الشبابية والطلابية المسلمة في أوروبا -فيميسو-.

السياق
مرتديًا قناع المجتمع المدني، نجح تنظيم الإخوان «الإرهابي»، في اختراق منظمات ومؤسسات عامة أوروبية، ما مكنه من الحصول على تمويلات حكومية، مهدت طريق خطته الممنهجة، للدخول بمعادلات التأثير في القرار الأوروبي.
تلك الخطة التي بدأها تنظيم الإخوان منذ عام 2017، بإيلاء وجهه شطر بلجيكا وتحديدًا بروكسل عاصمة الاتحاد الأوروبي، عبر منظمات عدة، جاءت بعد أن لفظه المصريون عام 2013، وفشل مساعيه في العودة مجددًا من بوابتي الأعمال الإرهابية، ومساعي الصلح مع السلطات.
ورغم نجاح استراتيجية تنظيم الإخوان «الإرهابي» مؤقتًا في العثور على موطئ قدم له في أوروبا، إلا أن استمرار تلك الخطة، يظل مرهونًا بالقرار الأمني والسياسي في ألمانيا والنمسا، الذي يبدو أنه لن يكون في صالحه، بعد التشديدات الحكومية الأخيرة في بلدان أوروبية، على منظمات تتعاون معه.
فما مصير الإخوان في أوروبا؟
يقول الباحث في جامعة فيينا، المتخصص في شؤون الجماعات الراديكالية حسام حسن، في تصريحات لـ«السياق»، إن الوضع الإخواني في أوروبا يمكن فهمه من منظور «الملجأ الاستراتيجي»، مشيرًا إلى أن التنظيم الإرهابي وضع بلجيكا نصب عينيه قبل عقود، وأسس فيها أهم تنظيماته، بدءًا من اتحاد المنظمات الإسلامية، ثم منتدى المنظمات الشبابية والطلابية المسلمة في أوروبا «فيميسو».
وأوضح حسام حسن، أن التوجه نحو بروكسل ليس وليد اللحظة الحالية ولا مسار مكافحة الإخوان في بلدان مثل النمسا وألمانيا، مشيرًا إلى أن التنظيم يدرك أهمية البلد الأوروبي، فأنشأ بها مؤسسات لدعم خطته الهادفة إلى الانتشار في القارة العجوز.
وأكد الباحث في جامعة فيينا، أن مقر اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا، على بعد خطوات من مقار المؤسسات الأوروبية في بروكسل، مشيرًا إلى أن ذلك مرتبط بتنفيذ خطة ممنهجة تستند إلى «التعود على وجودها»، ثم دخولها كرقم بمعادلات التأثير في القرار الأوروبي.
وأكد المتخصص في شؤون الجماعات الراديكالية، أن إعلان اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا انفصاله عن الإخوان، «إعلان تكتيكي» لا يتجاوز البيان الذي أعلن فيه عام 2017، مشيرًا إلى أن التنظيم الإرهابي عادة ما يلجأ إلى خطوة كهذه، كلما بات الربط مع الجماعة الأم واضحًا.
وأشار الباحث في جامعة فيينا، إلى أنه لا توجد منظمة إخوانية في أوروبا تعلن علاقتها بالتنظيم الأم، بل إنها عادة ما تنكر في العلن أي روابط مع الجماعة، مؤكدًا أن هذا الأمر ينسحب على المنظمات المظلية القارية، وتلك التي على المستوى الوطني، وكذلك جمعيات المساجد والمراكز الدينية والثقافية.
وشدد على أن استثمار الإخوان في المنظمات غير الحكومية، أو ما سماها «الوجوه الناعمة» قديم أيضًا، كاشفًا مفاجأة، قائلًا إن منتدى المنظمات الشبابية والطلابية المسلمة في أوروبا، مسجل كمنظمة دولية غير حكومية في بلجيكا.
وأشار إلى أن هناك في ألمانيا مؤسسات إخوانية ترتدي وجه المجتمع المدني، في محاولة للاندماج والتماهي مثل «إنسان»، وتحالف «كليم»، مؤكدًا أنها نجحت في اختراق المؤسسات العامة والحصول على تمويل حكومي بهذا الوجه الناعم، قبل أن تكتشف.
وبينما قال إن مسألة اهتمام الإخوان ببلجيكا، وبالمنظمات غير الحكومية والسعي لاختراق المؤسسات الأوروبية، جميعها مسجل في طلبات إحاطة قدمها نواب بالبرلمان الأوروبي، أكد أن التنظيم لن يجد أي بلد أوروبي ليعمل فيه، إذا تلقى ضربة قانونية قاصمة في النمسا أو ألمانيا.
وأكد أن هناك تنسيقًا بين النمسا وبلجيكا، توافقتا عليه في مؤتمر فيينا لمكافحة الإسلام السياسي والإخوان على وجه التحديد قبل أشهر، ما يعني أن بلجيكا لن تكون ملاذًا آمنًا في المستقبل.
لعبة شطرنج
في السياق نفسه، قال الباحث المتخصص في شؤون الحركات الإرهابية منير أديب، في تصريحات لـ«السياق»، إن هناك أشكالًا وصورًا لوجود الإخوان في أوروبا، أبرزها اتحاد المنظمات الإسلامية، مشيرًا إلى أن وجود الإخوان في ألمانيا والنمسا مختلف بعض الشيء عن بلجيكا.
وأكد أديب، أن تنظيم الإخوان لديه سياسة يتحرك من خلالها في أوروبا، وهي أشبه بـ«لعبة الشطرنج»، بمعني أنهم ينتقلون من بلد أوروبي إلى آخر، مشيرًا إلى أن ذلك يعتمد على ما يتعرضون له من مضايقات، في الدول التي يكونون فيها.
وعن آلية التحرك، قال أديب إن التنظيم عندما يتعرض لمضايقات أو مواجهات، مثلما حدث معه من السلطات الفرنسية، فإن أعضاءه يتجهون إلى دولة أوروبية أخرى، مشيرًا إلى أن بلچيكا من هذه الدول التي يتجه إليها الإخوان، وكأنهم في هجرة جماعية، للخروج من حالة التضييق التي يتعرضون لها في بعض الدول الأوروبية.
وأشار إلى أن جماعة الإخوان تملك أموالا طائلة، ولديها شركات كبيرة في أوروبا، لذلك فهم يغادرون بالأموال التي يمتلكونها أو بالاستثمارات التي يضعونها في مؤسسات اقتصادية، يكون بعضها عابرًا للحدود والقارات.
مجتمعات موازية
«لعبة الشطرنج» هذه، بحسب وصف منير أديب، الباحث المتخصص في شؤون الجماعات الإرهابية، تحكم العلاقة بين الدول الأوروبية والإخوان، وأسهمت في بناء تمركز قوي للتنظيم بالقارة العجوز، مشيرًا إلى أن التنظيم لا يعتمد فقط على الجانب الاقتصادي في تأمين وجوده.
وأوضح أن تنظيم الإخوان ليست لديه مشكلة في التعامل مع أجهزة الاستخبارات التابعة للدولة التي يكون فيها، وتحديدًا أوروبا، ما يفسر ترحيب بعض الدول بوجوده، خاصة مع مساعي اختراق «المجتمعات الموازية»، خوفًا من احتضانها لإرهابيين مسلحين.
وأشار إلى أن بعض هذه البلدان الأوروبية الكبري، قد تكون فاعلة في دول بالشرق الأوسط، أو إفريقيا، ما يتيح لتنظيم الإخوان إدارة علاقاته ومصالحه مع هذه الدول، بل واستخدامها لتنفيذ أجندته.