اختطاف السفينة روابي.. محاولة حوثية لوقف نزف خسائرها في البر
خطوة مليشيا الحوثي، التي نددت بها دول عدة ومنظمات إقليمية ودولية، تحمل دلالات مختلفة، ربطها مراقبون بالتطورات الميدانية على الأرض، خصوصًا مع تصاعد العمليات العسكرية النوعية للتحالف العربي في صنعاء ومأرب، بجانب ما تحققه ألوية العمالقة على الأرض من انتصارات في شبوة

السياق
بعد الضربات الموجعة التي تعرَّضت لها مليشيا الحوثي، خاصة في الجبهات الشمالية الغربية من محافظة شبوة اليمنية، من قوات ألوية العمالقة، لجأ التنظيم الإرهابي إلى اختطاف سفينة روابي الإغاثية، قبالة سواحل الحديدة غربي اليمن، في محاولة لنقل الصراع من البر إلى البحر.
هذه الخطوة، التي نددت بها دول عدة ومنظمات إقليمية ودولية، تحمل دلالات مختلفة، ربطها مراقبون بالتطورات الميدانية على الأرض، خصوصًا مع تصاعد العمليات العسكرية النوعية للتحالف العربي في صنعاء ومأرب، بجانب ما تحققه ألوية العمالقة على الأرض من انتصارات في شبوة.
وأوضحت مصادر يمنية مطلعة لـ"السياق"، أن مليشيات الحوثي تحاول التعتيم على شحنة السفينة، التي تتمثل في معدات مستشفى ميداني متنقل، والتركيز على أسلحة تأمينها الخفيفة.
فالمعروف أن المستشفيات الميدانية في مناطق الصراعات، لديها قوة حراسة لتأمينها بأسلحتها، وهو ما يتجلى في مستشفيات قوات حفظ السلام المتنقلة في مناطق الحروب، وهو أمر يتوافق مع القانون الدولي.
قرصنة بحرية
ووفق الإطار القانوني لاتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار الموقعة عام 1982 (UNCLOS)، فإن اختطاف مليشيات الحوثي للسفينة الإغاثية روابي، يقع تحت "القرصنة البحرية".
وتعرف جريمة القرصنة في المادة 101 من اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، بأنها "أي أعمال عنف أو احتجاز غير مشروعة أو أي أعمال سلب، ترتكب لأغراض خاصة من طاقم أو ركاب سفينة خاصة أو طائرة خاصة، في أعالي البحار، ضد سفينة أو طائرة أخرى، أو ضد أشخاص أو ممتلكات في هذه السفينة أو الطائرة، ضد سفينة أو طائرة أو أشخاص أو ممتلكات في مكان خارج الولاية القضائية لأية دولة، أو أي أفعال تحريض أو التسهيل عن عمد لاحتجاز أي منها".
وبتطبيق ما أقدمت عليه مليشيات الحوثي تجاه السفينة الإغاثية، فإنها تندرج تحت جريمة "القرصنة البحرية"، التي تهدد الأمن البحري، وقد تؤدي إلى خسائر في الأرواح، أو أذى جسدي أو أخذ رهائن للبحارة.
التزام دولي
الدكتورة ميرفت عبدالرحمن، أستاذة القانون الدولي والمحاضرة بأكاديمية ناصر العسكرية في مصر، قالت لـ"السياق"، إن الحوثيين، بحسب بيان التحالف، ارتكبوا جريمة دولية، وانتهكوا القانون الدولي الإنساني.
ولفتت إلى أن السفينة روابي، بحسب ما ورد في بيان التحالف، كانت بحوزتها معدات مدنية طبية، ولها حصانة دولية، وهو ما يتطلب تحركـًا دوليـًا لمواجهته.
وفي ما يتعلق بالإجراءات التي يجب اتخاذها وفق القانون الدولي، أوضحت أستاذة القانون الدولي لـ"السياق"، أن الخطوة الأولى تتمثل في عقد اجتماع بمجلس الأمن لتأكيد خطورة الحدث، وإصدار قرار يتوافق مع الواقعة، بتحديد الانتهاكات التي لحقت بالقواعد والأعراف الدولية، التي وضعها المعاهدات المنظمة للملاحة البحرية ومواجهة القرصنة، التي تندرج تحت الأعمال الإرهابية.
وتوفر اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982 (UNCLOS) إطارًا لمواجهة القرصنة بموجب القانون الدولي، لاسيما المادة (100) التي تنص على (واجب التعاون في مواجهة القرصنة، يجب أن تتعاون جميع الدول إلى أقصى حد ممكن في مكافحة القرصنة في أعالي البحار أو في أي مكان آخر خارج ولاية أية دولة).
وأكد مجلس الأمن مرارًا وتكرارًا "أن القانون الدولي، على النحو المبين في اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، يحدد الإطار القانوني المطبق على مكافحة القرصنة والسطو المسلح في البحر، وكذلك الأنشطة البحرية الأخرى".
وشجعت الجمعية العامة للأمم المتحدة الدول، على التعاون للتصدي للقرصنة والسطو المسلح في البحر، في قراراتها المتعلقة بالمحيطات وقانون البحار، إذ أقرت في قرارها 64/71 المؤرخ 4 ديسمبر 2009 "بالدور الحاسم للتعاون الدولي على المستويات العالمية والإقليمية ودون الإقليمية والثنائية، في مكافحة الأخطار التي تهدد الأمن البحري، بما في ذلك القرصنة ".
تهديد في البحر الأحمر
وفي ما يتعلق بأبعاد هذه الخطوة وانعكاساتها على الصراع في اليمن، يقول الكاتب والمحلل السياسي اليمني عصام السفياني لـ"السياق"، إن ما تعرَّضت له السفينة روابي، ليس أول عملية قرصنة للمليشيات الحوثية، إذ سبق أن "استهدفت سفينه أمريكية بقصف صاروخي، ودمرت ناقلة بحرية مدنية بقصفها بصاروخ موجه، كما أن المليشيات عوَّمت مئات الألغام البحرية في البحر الأحمر".
ويرى السفياني أن "هذا السلوك الإرهابي الذي يستهدف الممرات الدولية وخطوط الملاحة القريبة من سواحل اليمن، التي تعد مسارًا لمصالح دولية، نهج مليشيات الحوثي لتحقيق أهداف عدة، بينها استخدام البحر الأحمر ورقة ضغط، ضد المجتمع الدولي والتحالف العربي".
وشدد في تصريحاته لـ"السياق" على أن "قرصنة السفينة روابي، محاولة حوثية لرفع سقف التهديد في البحر الأحمر، لإثارة قلق دولي على المصالح العابرة في هذه الممرات، ومقايضة أمن البحر الأحمر بالتحركات العسكرية الأخيرة للتحالف العربي، سواء في الحديدة وشبوة، أو في ما يخص العمليات الجوية لطائرات التحالف العربي ضد أهداف حوثية، في مناطق سيطرة المليشيات المدعومة من إيران".
ولفت الكاتب والمحلل السياسي اليمني إلى أن "التعامل مع هذه التهديدات لممرات الملاحة الدولية، يقتضي تفعيل نصوص القوانين الدولية ذات الصلة بعمليات القرصنة، ومواجهة هذه العمليات الإرهابية، كما حصل مع القراصنة الصوماليين بالقوة العسكرية، حيث ترابط قوات دولية لمواجهة القراصنة الصوماليين".
وأوضح أن "القرصنة الحوثية تندرج مسمى الجريمة المنظمة، وهي ذات بعد دولي، فإن الجهة المخولة بمواجهة التهديدات للمصالح الدولية والممرات، هي المجتمع الدولي بدرجة رئيسة، لحماية مصالحه وسلامة الملاحة الدولية".