واشنطن بوست: هل تؤجج استقالة حدوك الصراع مجددًا في السودان؟
حمدوك كان قد عاد إلى منصبه في 21 نوفمبر 2021، وسط ضغوط دولية في صفقة تدعو إلى تشكيل حكومة تكنوقراط مستقلة تحت إشراف مجلس السيادة

ترجمات - السياق
حذرت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، من أن تؤدي استقالة رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك، إلى تأجيج الصراع مجددًا هناك، مشيرة إلى أن قرار الاستقالة قد يشكل "مواجهة محتملة الانفجار" بين الجيش وحركة الاحتجاج المشتعلة منذ أشهر.
وأعلن حمدوك استقالته، وسط مأزق سياسي واحتجاجات واسعة النطاق مؤيدة للديمقراطية، في أعقاب قرارات الجيش التي رفضها المحتجون في الشارع.
وقالت الصحيفة في تقريرها: إن حمدوك -المسؤول السابق في الأمم المتحدة- الذي ينظر إليه على أنه الوجه المدني للحكومة الانتقالية في السودان، عاد لتولي منصب رئيس الوزراء في نوفمبر 2021، في إطار اتفاق مع الجيش، بعد رفض الشارع السوداني لقرارات المجلس العسكري بقيادة الفريق أول عبدالفتاح البرهان، التي تضمنت إبعاده من منصبه.
وأشارت إلى أن قرارات الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي، التي اتخذها المجلس العسكري برئاسة البرهان، والتي تضمنت إبعاد حمدوك من منصبه، ألقت بالسودان في حالة من عدم اليقين السياسي، وسط تحديات أمنية واقتصادية شاقة.
يذكر أن استقالة حمدوك من منصبه رئيساً للحكومة السودانية، أتت بعد أشهر من الاحتجاجات، دخل فيها السودان منذ أكتوبر العام الماضي، تضمنت انتقادات وتظاهرات رافضة للإجراءات الاستثنائية، التي فرضتها القوات المسلحة حينها، وحلت بموجبها الحكومة والمجلس السيادي.
ميثاق وطني
وفي خطاب متلفز، دعا حمدوك إلى حوار للاتفاق على "ميثاق وطني" و "رسم خارطة طريق" لاستكمال الانتقال إلى الديمقراطية وفقًا للوثيقة الدستورية لعام 2019 التي تحكم الفترة الانتقالية.
وقال: "قررت إعادة المسؤولية وإعلان استقالتي رئيسًا للوزراء"، مضيفًا أن تنحيه سيتيح فرصة لشخص آخر لقيادة الأمة وإكمال انتقالها إلى "دولة مدنية ديمقراطية"، إلا أنه لم يسمِ خليفة له.
وأضاف رئيس الوزراء المستقيل، أن جهوده في ردم الهوة الآخذة في الاتساع وتسوية الخلافات بين القوى السياسية، باءت بالفشل.
وحذر من أن الجمود السياسي المستمر منذ القرارات العسكرية الاستثنائية في أكتوبر الماضي، يمكن أن يتحول إلى أزمة تضر باقتصاد البلاد المنهك.
وتابع: "حاولت قدر المستطاع منع بلدنا من الانزلاق إلى كارثة، لكن الآن تمر أمتنا بمنعطف خطير يمكن أن يهدد بقاءها ما لم يتم تصحيحها بشكل عاجل".
وشدد على أن الأزمة الكبرى في السودان سياسية، وتكاد تكون شاملة، وفق تعبيره، مشيرًا إلى أن الثورة ماضية إلى غايتها والنصر أمر حتمي، قائلاً: "نلت شرف خدمة وطني أكثر من عامين في واقع وعر المسالك".
العزلة الدولية
ورأت "واشنطن بوست" أن قرارات أكتوبر الاستثنائية، قلبت خطط السودان للانتقال إلى الديمقراطية، بعد انتفاضة شعبية أجبرت الجيش على إطاحة الرئيس السابق عمر البشير وحكومته الإسلامية في أبريل 2019.
وأوضحت، أنه بعد أربعة أشهر من إطاحة البشير، توصل قادة الجيش والمتظاهرون إلى اتفاق لتقاسم السلطة، من خلال الانتخابات عام 2023، ومع ذلك، توترت العلاقات العسكرية والمدنية، بسبب إجراءات البرهان الاستثنائية، التي هددت بعودة السودان إلى العزلة الدولية.
وأشارت الصحيفة الأمريكية، إلى أن استقالة حمدوك تأتي وسط حملة أمنية مكثفة على المتظاهرين، الذين أدانوا -ما سمتها واشنطن بوست "الصفقة اللاحقة"- التي أعادته إلى منصبه وأصابت الحركة المؤيدة للديمقراطية بالضعف، مشيرة إلى أن حمدوك عاد إلى منصبه في نوفمبر 2021، وسط ضغوط دولية في صفقة تدعو إلى تشكيل حكومة تكنوقراط مستقلة تحت إشراف مجلس السيادة.
من جانبها، رفضت قوى إعلان الحرية والتغيير ، وهي تحالف للأحزاب السياسية السودانية والمنظمات المؤيدة للديمقراطية، اتفاق نوفمبر، بل واتهم التحالف حمدوك حينها بالسماح للجيش بالهيمنة على الحكومة، واستمر في تنظيم احتجاجات في الشوارع مناهضة لهذا القرار، حسب "واشنطن بوست".
وذكرت أنه خلال الأسبوعين الماضيين، كانت هناك تكهنات متزايدة بأن حمدوك سيتنحى، مشيرة إلى أن قرار الاستقالة جاء بعد أن فشلت الجهود الوطنية والدولية في إقناعه بالبقاء في المنصب.
رد واشنطن
في أول رد فعل دولي على استقالة رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك، قالت وزارة الخارجية الأمريكية إن على القادة السودانيين تنحية الخلافات جانبًا، والتوصل إلى توافق، وضمان استمرار الحكم المدني.
وأضافت الخارجية الأمريكية في بيان، أن تعيين رئيس الوزراء والحكومة السودانية المقبلة، يجب أن يتماشى مع الإعلان الدستوري لتحقيق أهداف الشعب في الحرية والسلام والعدالة.
وأكدت واشنطن استمرارها بالوقوف إلى جانب الشعب السوداني لتحقيق الديمقراطية، ودعت إلى وقف العنف ضد المتظاهرين.
ونقلت "واشنطن بوست" عن لجنة أطباء السودان -وهي جزء من الحركة المؤيدة للديمقراطية- قولها في بيان: "قبل ساعات من خطاب استقالة حمدوك، فرَّقت قوات الأمن السودانية المتظاهرين المؤيدين للديمقراطية، ما أسفر عن قتل ثلاثة على الأقل وإصابة عشرات المحتجين".
وقالت المنظمة الطبية في بيانها: بقتلى الأحد يرتفع عدد القتلى في صفوف المتظاهرين، منذ قرارات أكتوبر إلى 57 على الأقل، بينما أصيب المئات.
وأوضحت الصحيفة، أن الاحتجاجات جاءت رغم تشديد الإجراءات الأمنية وسد الجسور والطرق في الخرطوم وأم درمان، كما تعطلت الاتصالات بالإنترنت قبل الاحتجاجات، مشيرة إلى أن السلطات استخدمت مثل هذه التكتيكات بشكل متكرر منذ قرارات 25 أكتوبر.
زيادة العنف
واعتبرت "واشنطن بوست" أن استقالة حمدوك "أنهت اتفاقًا سياسيًا لم يدم طويلًا مع الجيش، الذي أطاحه مؤقتًا في 25 أكتوبر الماضي، قبل السماح له بالعودة إلى السلطة".
وأشارت إلى أن "استقالة حمدوك تأتي بعد أسابيع من الجدل بين القادة المدنيين والعسكريين بشأن تشكيل حكومة جديدة، لكن ثبت أن خلافاتهم لا يمكن التغلب عليها"، مشيرة إلى أن حمدوك "فشل في إرضاء الشعب السوداني الثائر، الذي رحب به في وقت مبكر من فترة ولايته، كتكنوقراط يمكنه حشد الدعم الغربي الجديد للاقتصاد".
وتوقعت ارتفاع وتيرة "حركة الاحتجاج خلال الأيام المقبلة، مع ضعف اقتصاد البلاد، وارتفاع التضخم"، لافتة إلى أن "الصدمات المرتبطة بالوباء وتعليق المساعدات الغربية، جعلا من الصعب على الكثيرين إطعام أسرهم".