هل تستخدم السلطات الإيرانية عقوبة الإعدام أداة لترهيب المحتجين؟

امتنعت السلطة القضائية الإيرانية عن نشر أسماء المدانين الستة، الذين حُكم عليهم بالإعدام، في ما يعتقد أنها محاولة لتجنُّب استخدام المحتجين أسماءهم خلال التظاهرات أو انتشارها على وسائل التواصل الاجتماعي.

هل تستخدم السلطات الإيرانية عقوبة الإعدام أداة لترهيب المحتجين؟

السياق

أطلق نشطاء تحذيرًا من أن إيران، التي تعد إحدى الدول الأكثر تطبيقًا لعقوبة الإعدام في العالم، تخطط لاستخدامها أداة لقمع الحركة الاحتجاجية، عبر إشاعة مناخ من الخوف.

وثبّت القضاء -حتى الآن- ستة أحكام إعدام على صلة بالاحتجاجات، بينما ذكرت منظمة العفو الدولية أنه بناءً على تقارير رسمية، تجرى محاكمة 21 شخصًا على الأقل، بتهم مرتبطة بجرائم قد تفضي إلى إعدامهم.

وتُعدم إيران سنويًا عددًا أكبر من الأشخاص، مقارنة بأي دولة أخرى باستثناء الصين، بحسب مجموعات حقوقية.

وتفيد منظمة العفو الدولية بأن إيران أعدمت 314 شخصًا على الأقل عام 2021، بينما تشير منظمة حقوق الإنسان في إيران ومقرها النرويج إلى أن عدد الإعدامات هذه السنة أعلى بكثير إذ بلغ 482 شخصًا.

ويحذّر ناشطون من أن السلطات تخطط لإعدام متظاهرين، إثر تهم غامضة مرتبطة بأعمال الشغب والهجمات المفترضة على قوات الأمن خلال التظاهرات، ولزيادة الإعدامات التي لا علاقة لها بالحركة الاحتجاجية، خصوصًا لسجناء مدانين بتهم تتعلّق بالمخدرات.

وأفادت منظمة العفو بأن استخدام السلطات عقوبة الإعدام "مصمم لترهيب المشاركين في الانتفاضة الشعبية، وردع آخرين من الانضمام للحراك".

وأكدت أن الاستراتيجية تهدف إلى "إشاعة الذعر بين الناس"، بينما دانت "التصعيد المثير للذعر في استخدام عقوبة الإعدام أداة للقمع السياسي والانتهاك الممنهج لحقوق المحاكمة العادلة في إيران".

 

رسالة قوية

وفي خطوة لافتة، امتنعت السلطة القضائية الإيرانية عن نشر أسماء المدانين الستة، الذين حُكم عليهم بالإعدام، في ما يعتقد أنها محاولة لتجنُّب استخدام المحتجين أسماءهم خلال التظاهرات أو انتشارها على وسائل التواصل الاجتماعي.

وأدينوا جميعًا إما بتهمة "محاربة الله" أو "الإفساد في الأرض"، وهي جرائم تحمل عادة العقوبة القصوى في إيران، التي طالما عبّر الناشطون الحقوقيون عن قلقهم من استخدامها ضد معارضي النظام.

لكن منظمة العفو الدولية تفيد بأن طبيعة التهم تتيح استنتاج أسماء المحكومين حتى الآن. من بين هؤلاء، محمد غوبادلو، وهو شاب أصدرت والدته مناشدة مؤثرة على وسائل التواصل الاجتماعي للمطالبة بالحفاظ على حياة ابنها.

ومن بين الـ21 شخصًا الذين يواجهون عقوبة الإعدام، امرأة عرّفتها منظمة العفو بأنها فرزانة غاري حسنلو وزوجها حميد، وهو طبيب.

ويواجه آخرون عقوبة الإعدام بينهم سامان صيدي، المعروف أيضًا بسامان ياسين، وهو مغني راب في طهران متحدر من الأقلية الكردية أيّد الاحتجاجات على وسائل التواصل الاجتماعي، ويواجه تهمة إطلاق النار في الهواء وتقويض الأمن القومي.

وتطالب المجموعات الحقوقية المجتمع الدولي بالتحرّك بشكل منسّق لمنع تنفيذ عمليات الإعدام، خصوصًا أن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، سيعقد جلسة خاصة نادرة من نوعها، لبحث ملف إيران الخميس.

ولاحظ الناشطون زيادة مقلقة في عمليات الإعدام هذه السنة، حتى قبل انطلاق الحركة الاحتجاجية، إذ عاودت إيران إعدام أعداد كبيرة من المدانين بتهم تتعلّق بالمخدرات، رغم الخطوات الأخيرة للحد من هذا النوع من عمليات الإعدام.

كما اشتكت مجموعات حقوقية من أن أعدادًا كبيرة بشكل غير متناسب من أفراد الأقليات العرقية في إيران يتم إعدامهم، بما في ذلك الأكراد، خصوصًا البلوش المتحدرّين من جنوبي شرق البلاد الذي يعاني الفقر.

وقال مدير منظمة حقوق الإنسان في إيران محمود أميري مقدّم، أمام المؤتمر العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام في برلين: "ما لم يبعث المجتمع الدولي رسالة قوية جدًا جدًا إلى سلطات الجمهورية الإسلامية، فسنواجه عمليات إعدام واسعة النطاق".

وأضاف: "ليس عن الإعدامات السياسية فحسب، بل تلك التي تؤثر في من ليست لهم صفة سياسية، خصوصًا بتهم تتعلّق بالمخدرات".

 

حاجز الخوف

تحوّلت الاحتجاجات التي أثارتها وفاة مهسا أميني، التي أوقفتها شرطة الأخلاق في طهران، إلى أكبر تحد يواجه السلطات منذ الثورة الإسلامية عام 1979.

ووصفت السلطات في إيران معظم الاحتجاجات بأنها "أعمال شغب" بينما أكد رئيس السلطة القضائية غلام حسين محسني إجئي بأن الذين يخضعون للمحاكمة "ارتبطوا بمناهضين للثورة" وستتم معاقبتهم "وفق القانون".

هذا الشهر، صوَّت 227 من النواب الإيرانيين البالغ مجموعهم 290 لصالح إجراء يحض على استخدام عقوبة الإعدام بحق المدانين على صلة بالتظاهرات، داعيًا القضاء إلى تطبيق العدالة بمبدأ "العين بالعين".

وشهد العام الماضي تعبئة ضد استخدام عقوبة الإعدام، بينما انتشر وسم على وسائل التواصل الاجتماعي، يطالب بوقف الإعدامات.

ومن بين الذين يقبعون في السجن المخرج محمد رسولوف، الذي تم توقيفه قبل الاحتجاجات، ونال جائزة الدب الذهبي في مهرجان برلين السينمائي عام 2020 عن فيلمه المناهض لعقوبة الإعدام "لا وجود للشيطان".

وقال أميري مقدّم: "السلطات الإيرانية استخدمت عقوبة الإعدام للمحافظة على حاجز الخوف على مدى 43 عامًا".

وأضاف: "الاحتجاجات الحالية شهدت انهيار هذا الحاجز الذي تحاول السلطات الإيرانية إعادة بنائه بالقمع وأحكام الإعدام الحالية".