وسط فراغ رئاسي.. تفكك المؤسسات يُهدد بانهيار لبنان

يقول الباحث، الأستاذ الجامعي كريم بيطار: البلد في حالة تفكك شبه مطلق، نشهد انهيار مؤسسات الدولة التي كانت تعمل.

وسط فراغ رئاسي.. تفكك المؤسسات يُهدد بانهيار لبنان

السياق

تنتهي الجمعة ولاية المدير العام للأمن العام، اللواء عباس إبراهيم، من دون تعيين بديل له، في مثل إضافي على حالة تفكّك مؤسسات الدولة في لبنان، يغذّي مخاوف المجتمع الدولي من انهياره.

ويشهد لبنان، الغارق في أزمة اقتصادية غير مسبوقة منذ خريف 2019، شغوراً في منصب الرئاسة منذ أربعة أشهر يترافق مع جمود تشريعي، بينما تقود البلاد حكومة تصريف أعمال محدودة الصلاحيات، ويعطّل ذلك آليات اتخاذ القرار على المستويات كافة.

ويقول الباحث، الأستاذ الجامعي كريم بيطار، لوكالة فرانس برس: "البلد في حالة تفكك شبه مطلق، نشهد انهيار مؤسسات الدولة التي كانت تعمل".

ويضيف: "لم تعد الدولة قادرة حتى على تحصيل ضرائبها" وسط إضراب لموظفي القطاع العام يشلّ عمل عديد من المؤسسات، إضافة الى تحقيقات قضائية في ملفات فساد واتهامات بالتسييس والتشفّي، من خلال القضاء تعطّل عمل إدارات أخرى.

 

الرجل النافذ

في ظلّ هذا الواقع، بات اللبنانيون عاجزين -منذ أشهر- عن أبسط المعاملات، مثل تسجيل عقارات أو سيارات اشتروها، أو إنجاز أوراق رسمية.

ومع انتهاء ولاية إبراهيم، رجل الأمن النافذ الذي قام بمهمات وساطة سياسية متشعبة وأخرى عابرة للحدود، يصبح منصب المدير العام للأمن العام شاغراً، مع فشل مساعي التمديد له في ظل شلل حكومي ونيابي، وعدم وجود آلية لتعيين بديل.

ويرى بيطار أنّ الأزمة الراهنة "ربما تكون الأخطر في تاريخ لبنان" الذي شهد حرباً أهلية (1975-1990) وجولات اقتتال، خلال مئة عام من وجوده.

وأعربت مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان، في بيان الخميس عن "بالغ قلقها إزاء تداعيات استمرار الفراغ الرئاسي"، مضيفة: "الوضع القائم غير قابل للاستمرار، إذ يصيب الدولة بالشلل على جميع المستويات".

وحثّت المجموعة "القيادات السياسية وأعضاء البرلمان على تحمّل مسؤولياتهم (...) من خلال انتخاب رئيس جديد بلا مزيد من التأخير".

وتضمّ المجموعة الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية وسبع دول غربية بينها الولايات المتحدة وفرنسا.

 

استعادة الثقة

منذ انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون نهاية أكتوبر، فشل البرلمان خلال 11 جلسة عقدها في انتخاب رئيس، وسط انقسام سياسي بين فريق مؤيد لحزب الله، القوة السياسية والعسكرية الأبرز في البلاد، وآخر معارض له، وتباينات داخل كل فريق، ووجود عدد من المستقلين. ولا يملك أي فريق أكثرية برلمانية تخوّله إيصال مرشح إلى سدّة الرئاسة.

ومنذ 19 يناير، لم يحدّد رئيس البرلمان نبيه بري موعداً لجلسة انتخاب جديدة.

وبهدف مناقشة الوضع في لبنان، جمعت باريس في 6 فبراير ممثلين للولايات المتحدة والسعودية وقطر ومصر اتفقوا -وفق ما قال مصدر دبلوماسي غربي لوكالة فرانس برس- على ضرورة أن يكون الرئيس المقبل "لا يثير انقساماً، صادقاً وقادراً على استعادة ثقة المجتمع الدولي وضمان وحدة البلاد وتماسكها".

ويتعيّن على الرئيس المقبل -وفق المصدر ذاته- أن يكون "قادراً على العمل مع رئيس وزراء وحكومة يحملان مشروعاً إصلاحياً".

وتسبّبت التباينات في وجهات النظر بين الرئيس السابق ورؤساء الحكومات، الذين تعاقبوا خلال عهده، بأشهر من الشلل السياسي.

وفشلت السلطات -حتى الآن- في تنفيذ إصلاحات يشترطها المجتمع الدولي، لتقديم الدعم من أجل وقف النزف الحاصل.

وأعلن صندوق النقد الدولي -في أبريل- توصله إلى اتفاق مبدئي مع لبنان، على خطة مساعدة بثلاثة مليارات دولار على أربع سنوات. لكن تطبيقها مرتبط بتنفيذ السلطات إصلاحات، بينها توحيد أسعار الصرف.

وتخطت الليرة -الأسبوع الحالي- عتبة تسعين ألفاً مقابل الدولار، في معدل قياسي يؤشر على عمق الأزمتين السياسية والاقتصادية وانسداد أفق الحلّ.

 

يوم للصلاة

وبحسب المصدر الدبلوماسي الغربي، توقّف اجتماع باريس عند أسماء المرشحين البارزين للرئاسة، بلا اتخاذ موقف من مرشّح دون آخر، لكنّه تداول في "أدوات ضغط" على القيادات السياسية من دون تحديد ماهيتها.

وبحسب مصدر دبلوماسي مطلع على مضمون الاجتماع رفض كشف اسمه، تطرقت المحادثات الى أسماء رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، حليف حزب الله، وقائد الجيش جوزف عون الذي تربطه علاقات جيدة بأغلبية الأطراف السياسية، إضافة الى الوزير السابق جهاد أزعور الذي يتولى إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، وآخرين.

وسط انسداد الأفق محلياً وخارجياً، يرى بيطار أن "اتفاقاً بين القوى الإقليمية التي تشن حروباً بالوكالة على الأراضي اللبنانية" في إشارة الى السعودية وإيران، وحده قادر على كسر الجمود وانتخاب رئيس.

ولا يخفي بيطار خشيته من رؤية "تدهور أكبر في الوضع الاقتصادي من شأنه أن يؤدي إلى حوادث أمنية" لا تزال البلاد بمنأى عنها.

ومع اصطدام المساعي كافة، لم يجد المطارنة الموارنة في لبنان حلاً إلا تخصيص الجمعة للصلاة "بنيّة انتخاب رئيس جديد للجمهورية".