ما الذي يعيق حظر بريطانيا تصنيف الحرس الثوري الإيراني إرهابيًا؟

تسريبات تفيد بأن الولايات المتحدة تقف عائقًا، أمام إقدام بريطانيا على إدراج الحرس الثوري الإيراني، ضمن قائمة المنظمات الإرهابية.

ما الذي يعيق حظر بريطانيا تصنيف الحرس الثوري الإيراني إرهابيًا؟

ترجمات -السياق 

رغم دعم وزارة الداخلية البريطانية، لإدراج الحرس الثوري الإيراني في قائمة الجماعات الإرهابية، فإن الإداراة الأمريكية تضغط على الحكومة البريطانية لعدم فعل ذلك.

 وتحدثت صحيفة ذا ناشيونال، عن تسريبات تفيد بأن الولايات المتحدة تقف عائقًا، أمام إقدام بريطانيا على إدراج الحرس الثوري الإيراني، ضمن قائمة المنظمات الإرهابية.

وبينت الصحيفة، أن مخاوف لندن تكمن في أن ترد طهران بإغلاق السفارة البريطانية بإجراء انتقامي، ما يجعل مفاوضات إطلاق سراح الرعايا البريطانيين المسجونين في إيران صعبة، بخلاف سلامة وأمن الدبلوماسيين البريطانيين الموجودين هناك.

ونقلت عن أليسيا كيرنز، إحدى قيادات حزب المحافظين في البرلمان البريطاني، التي تدعم حظر الحرس الثوري الإيراني، قولها، إنها ترفض هذه الحجج، لأن الحكومة في تلك الحالة أيضًا بإمكانها متابعة مفاوضاتها من لندن.

وترددت أنباء عن ضغوط أمريكية على المملكة المتحدة، بشأن منعها من تصنيف الحرس الثوري الإيراني "منظمة إرهابية"، نفتها واشنطن.

وقال المتحدث الإقليمي باسم الخارجية الأمريكية صامويل ويربيرغ -السبت- إن "هذه الادعاءات غير صحيحة وعارية من الصحة"، مضيفًا أنه "لا يمكن لأي شخص أن يعطي لهذه المعلومات الخاطئة أي مصداقية، لأن الحرس الثوري يخضع للعقوبات الأمريكية، أكثر من أي كيان آخر في العالم".

وأوضح ويربيرغ أن "الولايات المتحدة لم تفرض فقط العقوبات على الحرس الثوري، لكن على كل قادته أيضًا"، مؤكدًا أن "واشنطن تشجع بريطانيا وكل الدول، على وضع الحرس الثوري الإيراني في لائحة الإرهاب".

كانت مصادر بريطانية قد كشفت عن ضغوط دبلوماسية تمارسها الإدارة الأمريكية على بريطانيا، لمنعها من تصنيف الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية، رغم دعم وزارة الداخلية البريطانية لهذه الخطوة، وفقًا لصحيفة التلغراف البريطانية.

ووفقًا لتقرير نشرته صحيفة التايمز البريطانية، فإن خطة إعلان الحرس الثوري الإيراني تنظيمًا إرهابيًا توقفت، بعد أن أعربت الخارجية البريطانية عن قلقها من إبقاء قنوات الاتصال مفتوحة مع النظام الإيراني، رغم موافقة وزيري الداخلية وأمن المملكة المتحدة على الخطة.

سلامة البريطانيين

وعن المخاوف من تعرض البريطانيين في طهران لأي خطر، حال إغلاق السفارة البريطانية هناك، أشارت رئيسة لجنة الشؤون الخارجية في مجلس العموم البريطاني، أليسيا كيرنز، إلى أنه قد يستدعى الدبلوماسيون البريطانيون من طهران بسبب مخاوف على سلامتهم.

كانت طهران طردت -الأربعاء- دبلوماسيين ألمانًا في خطوة متبادلة، بعد أن طردت ألمانيا دبلوماسيين إيرانيين اثنين، واستدعت القائم بالأعمال في السفارة الإيرانية، عقب حكم الإعدام الصادر بحق الألماني من أصول إيرانية جمشيد شارمهد.

وقالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بربوك، وفقًا لبيان صحفي، إن ألمانيا "لا تقبل الانتهاك الجسيم لحقوق الألماني".

وأضافت وزارة الخارجية أن اثنين من أعضاء السفارة الإيرانية صُنفا بأنهما غير مرغوب فيهما وعليهما مغادرة ألمانيا "مع مهلة قصيرة".

من جانبه، ندد المستشار الألماني، أولاف شولتز، "بشدة" بإعدام الألماني الإيراني جمشيد شارمهد، ودعا النظام الإيراني إلى التراجع عن الحكم.

وكتب شولتز على "تويتر" الأربعاء: "إن حكم الإعدام بحق جمشيد شارمهد غير مقبول"، وأضاف: "النظام الإيراني يحارب شعبه بكل طريقة ممكنة ويتجاهل حقوق الإنسان".

تصاعد الضغوط

وبينت "ذا ناشيونال" أن الضغوط لحظر الحرس الثوري الإيراني تصاعدت، منذ اتهامه بقمع المحتجين، خلال موجة الاضطرابات الأخيرة في إيران.

وأشارت إلى أن ما زاد حدة هذه الضغوط، قرار طهران إعدام البريطاني من أصل إيراني علي رضا أكبري، بتهمة التجسس لصالح بريطانيا، بخلاف التسريبات الاستخباراتية الأخيرة، التي حذرت من أن إيران قد تزج بعض أذرعها الإرهابية، لشن هجمات في الداخل البريطاني، خصوصًا بمدينتي لندن ومانشستر.

ورغم موافقة وزيري الداخلية وأمن المملكة المتحدة ( سويلا برافرمان وتوم توجندهات) على إدراج الحرس الثوري الإيراني في "قائمة المنظمات إرهابية"، فإن حكومة المملكة المتحدة لم تتخذ أي قرار حتى الآن.

ومنتصف يناير الماضي، تردد أن لندن ستسحب سفيرها لدى إيران موقتًا، في أعقاب إعدام البريطاني الإيراني علي رضا أكبري.

كما سبق أن أعلنت المملكة المتحدة فرض عقوبات على المدعي العام الإيراني محمد جعفر منتظري، تعبيرًا عن "اشمئزاز" لندن بعد إعدام أكبري بتهمة التجسس لصالح بريطانيا.

وهو ما ردت عليه طهران باستدعاء السفير البريطاني، سايمون شركليف، بدعوى "الرد على التدخلات غير المتعارف عليها للمملكة المتحدة، بما يشمل مجال الأمن القومي لإيران".

أسباب الإرجاء

وردًا على سؤال من صحيفة ذا ناشيونال عما يؤخر إدراج الحرس الثوري ضمن قوائم الإرهاب، أوضحت أليسيا كيرنز أن على وزير الخارجية جيمس كليفرلي، الاتصال بأسر المواطنين العالقين في طهران، لشرح التعقيدات المحتملة لعودتهم إلى الوطن، حال الحظر.

وأشارت الصحيفة إلى أنه بين الأشخاص الذين يُعتقد أنهم محتجزون في إيران مراد طهباز، الذي يحمل الجنسية الأمريكية والبريطانية والإيرانية، والناشط البريطاني الإيراني مهران رؤوف.

وقبض على طهباز -الناشط البيئي البالغ 69 عامًا- في يناير 2018 وحُكم عليه بالسجن 10 سنوات، بتهمة "التآمر مع الولايات المتحدة".

أما مهران رؤوف -البالغ من العمر 64 عامًا- فكان يساعد في ترجمة مقالات إخبارية من الإنجليزية إلى الفارسية عند توقيفه.

وأشارت مصادر إلى توقيفه مع 15 عاملًا، حيث كانوا يجتمعون في مقهى للتحدث عن حقوق العمال، لكن من دون علمهم، كان هناك جاسوس -فتاة صغيرة- تسجل مناقشاتهم سرًا، ما أدى إلى القبض عليهم.

أمام ذلك، ترى كيرنز، أن إغلاق السفارة البريطانية في طهران، يعني أن كل هؤلاء الأشخاص "محتجزون كرهائن من الحكومة الإيرانية"، ما يحد من قدرة الحكومة البريطانية على الدفاع عنهم.

وعلقت قائلة: "أعتقد أن ذلك مستبعد للغاية، لأنني أعرف أن كثيرًا من العمل الذي نقوم به، لحماية هؤلاء الرهائن ومحاولة إعادتهم إلى الوطن، يكون من شارع الملك تشارلز وسط لندن" في إشارة إلى أن الحكومة البريطانية دائمًا ما تجري مفاوضاتها لإطلاق سراح هؤلاء الرهائن من لندن، وليس من طهران، ما يعني عدم الحاجة إلى سفارة هناك.

لكن رئيسة لجنة الشؤون الخارجية في مجلس العموم البريطاني، اعترفت بأنه في هذه الحالة -إغلاق السفارة البريطانية في طهران- فإن المفاوضات قد تزداد صعوبة.

وقالت إن الأدلة التي اطلعت عليها لجنة الشؤون الخارجية، التي ترأسها في مجلس العموم، تظهر أن بريطانيا ما زالت قادرة على مساعدة المواطنين الذين تقطعت بهم السبل.

ومن المتوقع أن تنشر اللجنة نتائجها خلال الأسابيع المقبلة عن جهود المملكة المتحدة للإفراج عن الرهائن في إيران، لا سيما قضية نازانين زاغاري راتكليف.

وألقي القبض على نازانين، وهي مديرة مشروع لدى مؤسسة تومسون رويترز، الذراع الخيرية لوكالة الأنباء التي تحمل الاسم نفسه، عام 2016 في طهران بتهمة التآمر لإطاحة نظام الجمهورية الإسلامية، وهو ما تنفيه بشدة وقد حُكم عليها بالسجن خمس سنوات.

ورغم إكمال عقوبتها تحت الإقامة الجبرية في مارس 2021، فإنها بعد مصادرة جواز سفرها مُنعت من مغادرة إيران.

وقد أقيمت دعوى قضائية ثانية على هذه المرأة البالغة من العمر 42 عامًا.

ويعتقد أنه ثمة صلة بين قضية دين بـ 400 مليون جنيه استرليني يتعلق بأمر إلغاء صفقة بيع 1500 دبابة لإيران، يعود تاريخها إلى سبعينيات القرن الماضي، واستمرار احتجاز زاغاري راتكليف وغيرها من حاملي الجنسية البريطانية في إيران، رغم أن الحكومة قالت إنه ينبغي عدم الربط بين القضيتين.

وقالت الحكومة البريطانية إنها ملتزمة بسداد الدين وإنها "تدرس خيارات لحل الأمر".

وحيال ذلك، ترى كيرنز، أن حماسة الحكومة البريطانية بشأن إطلاق الرهائن يتضاءل، رغم الجهود التي تبذلها وزارة الخارجية على الأرض.

وأوضحت أنه مع صعوبة المفاوضات، فإن حظر الحرس الثوري "رسالة سياسية مهمة بأننا لن نقبل -بعد الآن- أنشطة الحرس الثوري الإيراني على أرضنا أو خارجها"، ما قد يعيد حساباتهم بشأن الإفراج عن الرهائن.

وبالمثل، يفكر الاتحاد الأوروبي في فرض حظر على الحرس الثوري الإيراني، لكنه واجه خلافات قانونية بشأن ما إذا كان بإمكانه إدراجه ضمن قوائم الإرهاب.

كما دار نقاش مطول بين القوى الغربية، بشأن ما إذا كان أي حظر سيغلق الباب أمام إحياء الاتفاق النووي بين القوى العالمية وإيران.

كانت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أعلنت أنها تأكدت من تقارير تفيد بتخصيب إيران لليورانيوم بنسبة 84 في المئة، ما يلامس درجة النقاء المطلوبة لصُنع أسلحة نووية.

وكانت وكالة الطاقة الدولية قد انتقدت طهران، لعدم إبلاغها بإجراء تعديل "جوهري" في ربط سلسلتين، أو مجموعتين، من أجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم بنسبة تصل إلى 60 في المئة بمنشأة فوردو.

ونقلت "وول ستريت جورنال" عن دبلوماسيين يراقبون أنشطة إيران النووية، أن طهران ربما تكون قد جربت أيضًا مسارات لإنتاج مواد صالحة لصُنع الأسلحة، في الوقت الذي غيرت فيه تكوين المجموعات.