جزر القمر وباراغواي تطلقان رصاصة الرحمة على الإخوان.. هل مات التنظيم إكلينيكيًا؟
يرى الباحث عمرو فاروق في تصريحات لـ -السياق- أن قرارات جزر القمر وباراغواي بتصنيف الإخوان جماعة إرهابية، وما لها من صدى دولي في الأوساط السياسية والأمنية، يمكن أن تشكل استفاقة لدى بعض الدول الغربية.

السياق
فشل جديد لـ «الإخوان» أضيف إلى الإخفاقات التي مُني بها التنظيم الإرهابي خلال العشرية المنصرمة، بعد فضح مخططاته، وهدم الأسوار التي استغرق في بنائها 94 عامًا.
ذلك الفشل بات حليفًا لـ«الإخوان» منذ أن خرج المصريون في احتجاجات شعبية عام 2013، كانت زلزالًا مدمرًا للتنظيم الإرهابي، خاصة أن رد فعله، كان القشة التي قصمت ظهر البعير، فتسابقت الدول والشعوب إلى نبذه، وسجن قادته لأدوارهم التخريبية في بلادهم.
فماذا كتب الإخوان في دفتر الفشل؟
خلال الأيام الماضية، كان تنظيم الإخوان على موعد مع ضربتين جديدتين أثقلتا كاهله المتداعي، وكشفت نهاية قريبة للتنظيم الإرهابي، بدأت تلوح نهاية النفق المظلم.
الصفعة الأولى جاءت من جرز القمر، التي صنفت وزارة داخليتها في 9 فبراير الجاري، التنظيم الدولي لجماعة الإخوان كيانًا إرهابيًا، في إشارة «قوية» على طريق مكافحة البلد الإفريقي للإرهاب.
أما الصفعة الأخرى فتلقاها التنظيم الإرهابي من باراغواي بأمريكا اللاتينية، إذ وافقت اللجنة الدائمة بكونغرس بارغواي -الأسبوع الجاري- على تصنيف الإخوان «تنظيمًا إرهابيًا يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكـًا خطيرًا لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة».
ومطلع تفسيره لقراره، قال برلمان باراغواي -في بيان- إن «جماعة الإخوان التي تأسست عام 1928 في مصر تقدم المساعدة الأيديولوجية لمن يستخدم العنف ويهدد الاستقرار والأمن في الشرق والغرب، وهو ما ترفضه بارغواي رفضًا قاطعًا».
وعن هاتين الخطوتين، قال الباحث المتخصص بالشأن الأمني والإقليمي إبراهيم عرفات، في تصريحات لـ«السياق»، إنهما يمكن أن تحفزا بقية الدول، للانتقال من مرحلة تضييق الخناق إلى حصار جماعة الإخوان، كمظلة للجماعات والتنظيمات الإرهابية.
وأوضح الباحث المتخصص في الشأن الأمني والإقليمي، أن باراغواي وجزر القمر، كانتا محطتين محوريتين في شبكات تمويل ونقل الأموال بشكل غير مشروع، ما يعني أن هذين القرارين يسهمان في تجفيف منابع تمويل الإخوان.
واستند عرفات في رؤيته إلى أن باراغواي أحد أضلاع المثلث اللاتيني الذي يضم البرازيل والأرجنتين، في نقل وتهريب وغسل الأموال لمليشيا حزب الله بلبنان، الذي يرتبط بعلاقات وشبكة وثيقة الصلة بجماعة الإخوان.
«ففي يناير 2023، فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على رئيس باراغواي السابق هوراسيو كارتيس، وهوجو فيلاسكيز نائب الرئيس الحالي، لعلاقتهما الوثيقة بحزب الله، ما تسبب في أزمة سياسية داخلية»، يقول عرفات.
وأشار إلى أن تنظيم الإخوان له شبكة اقتصادية في أمريكا اللاتينية، وتحديدًا في ضلعي المثلث اللاتيني البرازيل والأرجنتين، تركز على المجازر الحلال، ونقل البضائع، ما يعني أن هناك إمكانية لتحرك هاتين الدولتين بخطوات مماثلة، ضمن تنسيق الجهود الأمنية بينهما لضبط الحدود من جانب، وإبعاد خطر الإسلام الحركي واستراتيجيته في بناء مجتمعات موازية داخل الدول، من جانب آخر.
وعن جزر القمر، أكد عرفات أنه بالنظر إلى تكتيك جماعة الإخوان، فإنها بدأت تستغل ثغرة الاستثمار، للتحرك في إفريقيا لإعادة تموضعها.
خطوة متأخرة
في السياق نفسه، يرى الباحث المتخصص في شؤون الحركات الإرهابية والأصولية عمرو فاروق، في تصريحات لـ«السياق»، مسألة وضع الإخوان على قوائم الإرهاب، خطوة مهمة، تأخرت كثيرًا.
ورغم التأخير في وضع الإخوان، كضيف جديد على قرارات الحظر كمنظمات إرهابية، في جزر القمر وباراغواي، فإن الخطوة تعد تحولًا مهمًا في سياق الوضع الدولي للجماعة، يقول فاروق الذي أشار إلى أن قرار البلدين يمكن أن يحفز أيضاً دول أوروبا لاتخاذ هذه الخطوة، خاصة أنها اتخذت خطوات تحضيرية لهذا الأمر، وتحديدًا في النمسا وألمانيا، من دون انتظار أن تتخذ أمريكا قرارًا بتصنيفها إرهابية، لأن الأخيرة لديها شراكة مع بعض المؤسسات الإخوانية هناك.
وأشار إلى أن هذين القرارين يعنيان أن هناك تحولًا في سياق التعامل مع الإخوان، فبعد أن كانت القرارات التي تصدر بحق التنظيم الإرهابي، تأتي في نطاق التحجيم وتضييق الخناق، لتفكيك أو اختراق المجتمعات الموازية التي شكلتها، كما حدث في فرنسا وألمانيا وسويسرا، باتت في نطاق الحظر.
ويرى أن قرارات جزر القمر وباراغواي، وما لها من صدى دولي في الأوساط السياسية والأمنية، يمكن أن تشكل استفاقة لدى بعض الدول الغربية، خاصة أن دولًا مؤثرة بالاتحاد الأوروبي اتخذت قرارات لتحجيم الإسلام الحركي.
وأكد الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية، أن العالم بات يتعامل بحذر شديد مع الإخوان، لمنع استغلاله هامش الحرية في قوانينه، لاختراق الجاليات العربية، بعد أن قَّدموا أنفسهم كممثلين للإسلام خارج منطقة الشرق الأوسط.
تأثير محدود
من جهة أخرى، يرى الباحث الأكاديمي المصري المقيم بالولايات المتحدة مصطفى النجار، في تصريحات لـ«السياق»، أن قراري جزر القمر وباراغواي تأثيرهما محدود في جماعة الإخوان، مشيرًا إلى أنه في عالمي السياسة والاقتصادية، هناك مؤشرات تختلف في درجة تأثيرها، أبرزها أهمية وثقل الجهة أو الدولة وحدود تأثيرها في الطرف الآخر.
وأوضح النجار، أن حظر الإخوان في جزر القمر وباراغواي، تأثيره سيكون محدودًا للغاية، وكأنه «غير فعال» و«غير مؤثر» في الساحة السياسية، سواء للدول العربية أم الإسلامية.
واستند في رؤيته إلى أن جزر القمر وباراغواي، ليس لهما ثقل بالسياسة والاقتصاد في القارتين، وبالتبعية في القرار الدولي، متسائلًا عن سر توقيت الحظر، خاصة أن جماعة الإخوان ماتت إكلينيكيًا، كما فقدت قبولها في الأوساط السياسية الغربية والدولية، بعد أن استنفذوا رصيدهم السياسي لدى الدول الكبرى، كفصيل سياسي، في مصر وتونس والسودان.
وأشار إلى أن القرار يمكن أن يكون له صدى مدو، إذ صدر من تركيا أو قطر، كما صدر من السعودية والإمارات، مؤكدًا أنه في هذه الحالة يكون تحولًا دراماتيكيًا في قواعد اللعبة السياسية بالشرق الأوسط، وسينذر بصعود لاعبين جدد.
أما فكرة اتهام الإخوان بغسل الأموال، فقد عدها النجار «مغازلة» للقاهرة وبعض العواصم العربية فقط، خاصة أن الإخوان لم يعودوا قادرين على الحركة ولا اجتذاب تعاطف اللاعبين الكبار في الشرق الأوسط ولا الغرب.