لا يستحمون.. كيف يعيش رواد الفضاء في المحطة الدولية؟

قد يتساءل البعض، في ضوء هذه الكمية المحدودة من الماء، عن كيفية عملية الاستحمام في المحطة الدولية للفضاء.

لا يستحمون.. كيف يعيش رواد الفضاء في المحطة الدولية؟

بعد نجاح وصول رائد الفضاء الإماراتي سلطان النيادي وزملائه من فريق (crew 6) إلى محطة الفضاء الدولية، تطرح المدة التي تستغرقها المهمة أسئلة كثيرة عن تفاصيل الحياة اليومية للفريق، بعيدًا عن التجارب والأبحاث العلمية التي سيجرونها.

تستغرق المهمة 6 أشهر، لذا من الطبيعي أن تتبادر إلى الأذهان أسئلة عن طريقة النوم في محطة الفضاء الدولية، وطبيعة الطعام وأسلوب العناية بالنظافة الشخصية، وغيرها من التفاصيل المعيشية.

الجاذبية الصغرى

في البداية لابد من الإشارة إلى الاختلاف الجذري بين الظروف المعيشية على الأرض وواقع حياة رواد الفضاء، الذين يعيشون وسط الجاذبية الصغرى، مع كمية قليلة من الماء، وعديد من التحديات التي تستدعي تدابير لضمان نجاح المهمة الفضائية وسلامة رواد الفضاء، بحسب وكالة أنباء الإمارات.

وتكون عملية نقل الماء من الأرض إلى المحطة الفضائية الدولية، عن طريق المركبات الفضائية، وكمية الماء محددة بشكل مدروس، وتعود تلك المحدودية إلى أن كل غرام إضافي تحمله المركبة الفضائية، سوف يستهلك كمية أكبر من الوقود.

النظافة الشخصية

قد يتساءل البعض، في ضوء هذه الكمية المحدودة من الماء، عن كيفية عملية الاستحمام في المحطة الدولية للفضاء، كأحد التحديات الرئيسة في المهمات الطويلة، والجواب أن رواد الفضاء يستحمون بمسح أجسادهم بمنشفة، تحتوي على منظف خاص وماء قليل، من دون تشكيل رغوة أو تناثر الماء، وبالنسبة للشعر يستخدم شامبو خاص ليس بحاجة للشطف، بتدليك الشعر وفروة الرأس به، ثم إزالته عن طريق المنشفة المخصصة لهذه العملية.

وبالنسبة لـ "تنظيف الملابس" خلال الرحلة، فالحقيقة أن رواد الفضاء لا يلجؤون إلى غسل الملابس المستخدمة نهائياً، بل يتخلصون منها بعد استخدامها فترات طويلة، تصل إلى ما يناهز الشهر، حيث تنعدم أجهزة غسل ونشر الملابس التقليدية في الفضاء، ولا بد من الإشارة إلى أن الحاجة إلى تغيير الملابس في الفضاء لا تشبه الواقع المعاش على الأرض، بحكم عديد من العوامل أبرزها صعوبة اتساخ الملابس.

في السياق ذاته يستخدم رواد الفضاء في تنظيف أسنانهم معجون الأسنان الذي يمكن ابتلاعه بعد التفريش، وركبت وكالة ناسا معجون أسنان لتعويض المعادن المفقودة في العظام والأسنان خلال المكث في الفضاء، واقترحت الوكالة دمج البروشيت المؤلف من الكالسيوم والهيدروجين والفوسفات والماء في محلول هلامي لتكوين هيدروكسيباتيت عام 1974، وأصبحت العناية بالأسنان مهمة بالفضاء، بسبب عدم وجود طبيب أسنان، حيث قد يتسبب الشعور بألم السن بقلة كفاءة رائد الفضاء في أداء مهامه، كما حصل مع رائد الفضاء يوري رومانينكو إذ أصيب بألم في الأسنان في رحلة ساليوت 6 عام 1973.

أما في ما يتعلق بالعناية بالمظهر في الفضاء، فلا يحتاج رواد الفضاء لقص شعرهم في المهمات قصيرة المدة، لكنهم يضطرون أحيانًا إلى حلاقة وقص شعرهم في المهمات الطويلة، وفي هذا الحال تستخدم ماكينة حلاقة مرتبطة بأنبوب سحب هواء خاص، لمنع تناثر الشعيرات المقصوصة في الهواء، وتفرغ في أكياس الفضلات الخاصة للتخلص منها، إما بالحرق في الغلاف الجوي للأرض، وإما تخزينها للدراسة، وينطبق الأمر أيضًا على الأظافر التي تقص بمقص أظافر عادي بجوار مجرى هواء للتخلص منها.

النوم

يعد النوم أحد أكثر التحديات التي يواجهها رواد الفضاء، في ظل ظروف انعدام الجاذبية، حيث يملك رائد الفضاء أكياس نوم تربط بالحائط، داخلها حبال تربط بجسم رائد الفضاء، بينما تتوافر فتحات لليدين وصمام لتهوية الساقين وغطاء للرأس.

ويصف رائد الفضاء الروسي إيفان فاغنر، عملية النوم في محطة الفضاء الدولية، بأنها تشبه النوم في كيس نوم داخل خيمة الرحلات، مع فارق أن انعدام الجاذبية لا يتيح الاستلقاء على الجوانب وعلى الأذرع، وبدلًا من سماع أصوات الطبيعة، نسمع فقط ضجيج المراوح.

تمارين رياضية

ويمارس رواد الفضاء تمارين لمدة ساعتين يوميًا، لتقوية عضلاتهم وتحسين لياقتهم البدنية، للتعامل مع المهام اليومية بالشكل المثالي، حيث يستخدم رواد الفضاء ثلاثة أجهزة تمكنهم من ممارسة الرياضة المناسبة لأجسامهم، الأول يشبه الدراجة، والثاني يشبه جهاز المشي، أما الثالث فهو جهاز خاص بتمرين المقاومة الذي يشبه آلات رفع الأثقال إلى حد ما.

الطعام

ووفقاً للمعايير العلمية، يتناول رواد الفضاء وجبات غذائية سائلة تختلف درجة لزوجتها، وبحسب مختبر أنظمة الغذاء في "ناسا"، فإن من الضرورة أن يتناول الرواد أقراص الفيتاميات والمعادن بانتظام، ووجبة طعام سائلة، إلى جانب أطباق الطعام، وتشمل قائمة الطعام بمحطة الفضاء الدولية المقبلات مثل الحساء والأجبان، والوجبة الرئيسة، وتشمل الأسماك ولحوم الدجاج أو البقر، والحلويات، إضافة إلى المشروبات مثل الشاي والعصائر، حيث تكون وجبات رحلات الفضاء عادة على شكل معجون في أنابيب.

التسلية

ويعمل رواد الفضاء بالمحطة الدولية 9 ساعات ونصف الساعة يومياً، يُجرون خلالها الاختبارات العلمية، والتمارين، وصيانة الأجهزة، وإذا استثنينا الوقت المُجدوَل للنوم، نجد أن وقت الفراغ المتبقي لرواد الفضاء لا يتجاوز ساعات في الأسبوع، ويشمل ذلك وقت الوجبات والنظافة العامة.

لكن حتى مع هذا الجدول المملوء بالمهام، يجد رواد الفضاء بعض الوقت للمرح في بيئة انعدام الجاذبية، التي تتميز بها المحطة الدولية، وتشمل قائمة شغل أوقات الفراغ تلك مشاهدة الأفلام أو قراءة الكتب أو التقاط صور لكوكب الأرض، عبر نوافذ قُبة المحطة.