حركة النهضة على طريق تصنيفها إرهابية.. ماذا بعد حملة الاعتقالات في تونس؟

قال فرانسيس جيليز الباحث الأول في مركز برشلونة الدولي، في تصريحات لـ -السياق-، إن الأعوام العشرة الماضية في تونس، لم تشهد ممارسة للديمقراطية، بل منعًا للإصلاحات وتفشيًا للفساد، واستثمار الأموال الأجنبية والتونسية في السياسة.

حركة النهضة على طريق تصنيفها إرهابية.. ماذا بعد حملة الاعتقالات في تونس؟

السياق

على الطريق إلى تصنيفها منظمة «إرهابية»، باتت حركة النهضة الإخوانية على موعد مع ضربات شبه يومية تستأصل «إرهابها»، وتضعها في مأزق جديد، أمام التونسيين الذين لفظوها، وأمام الدول التي تحاول إيهامها بأن محاسبتها مناكفات سياسية.

إلا أن ساعة حساب حركة النهضة الإخوانية، على جرائمها في «العشرية السوداء» دقت، وبدأت رؤوسها تتساقط، تحت مقصلة القضاء، تنفيذًا للوعود الرئاسية، بمحاسبة الضالعين في إفساد الحياة السياسية، وتأزيم الأوضاع الاقتصادية في تونس.

تلك التوقيفات، أطلقت نداءات شعبية ورسمية، بضرورة تجريم حركة النهضة أو تصنيفها تنظيمًا إرهابيًا، أملًا بأن تكون اللبنة الأولى لغلق العشرية السابقة، والانطلاق نحو إعادة الاستقرار السياسي، وحل الصعوبات الاجتماعية التي تعانيها تونس.

 

تصنيف النهضة

قال الباحث المختص في شؤون الجماعات الإرهابية عبدالمهدي مطاوع، في تصريحات لـ«السياق»، إن تصنيف حركة النهضة في تونس «جماعة إرهابية» يعتمد على التشريعات والقوانين، ومدى ملاءمتها للأدلة المثبتة في قضايا صدر فيها حكم نهائي وبات.

وأوضح الباحث المختص في الجماعات الإرهابية، أن اعتقالات الجهاز السري مهمة جدًا في هذا السياق، لأن التحقيقات يمكن أن تكشف دور الجهاز السياسي والدعوي لحركة النهضة، في عديد من العمليات الإرهابية ودعمها، ما يسهل ويمنح مصداقية لأي قرار يصدر من شأنه تصنيف الحركة جماعة إرهابية.

إلا أن المحلل السياسي التونسي أيمن الزمالي، قال في تصريحات لـ«السياق»، إنه لم يفتح نقاش في تونس، بخصوص تجريم حركة النهضة أو تصنيفها تنظيمًا إرهابيًا، لكن أجهزة الدولة وقضاءها، عازمون على فتح ملفات الفساد والتآمر على أمن الدولة، والتخابر مع جهات أجنبية.

وأشار إلى أن ملف الجهاز السري لحركة النهضة، مازال يراوح مكانه ومحل بحث مستمر، خاصة أن القضية معقدة ومتشعبة، مؤكدًا أن هيئة الدفاع عن «الشهيدين المغتالين» شكري بلعيد ومحمد البراهمي، أثبتت -منذ أكثر من أربع سنوات- علاقة بين ملف التنظيم السري للنهضة وعملية اغتيالهما.

 

ملف الاغتيالات

وأكد أنه رغم مبادرة وزيرة العدل التونسية، خلال يناير الماضي، بتشكيل لجنة في الوزارة لتسريع حل القضية المتعلقة بالاغتيالات السياسية، الذي عُد منعرجًا حاسمًا يسلط الضوء على حقيقة حزب النهضة، وامتلاكه أجهزة سرية عبثت بأمن تونس خلال العشرية السابقة، فإن الملف لم يشهد تقدمًا يذكر.

وعن التحقيقات التي تجريها السلطات التونسية، قال أيمن الزمالى، إن الملفات التي يفتحها القضاء التونسي تتعلق بشبهات تورط في قضايا أمن دولة وتخابر أجنبي، متهم فيها عدد من السياسيين ورجال الأعمال وشخصيات أخرى، مشيرًا إلى أن الأمر لا يقتصر على قيادات من حركة النهضة.

وأشار إلى إيقاف عدد آخر من القيادات التاريخية والمهمة لحركة النهضة، على غرار سيد الفرجاني ومحمد بن سالم وعلي العريض ونورالدين البحيري، في قضايا أخرى تتعلق بشبهات فساد، وفي علاقة بملفات سوء تصرف في السلطة.

 

الجهاز السري

في السياق نفسه، يقول الدكتور عادل لطيف المحلل السياسي التونسي، إن حملة الاعتقالات ليست لها علاقة بملف الجهاز السري لحركة النهضة، مشيرًا إلى أن القضية الرئيسة التي أفصحت عنها الرئاسة والأجهزة الأمنية، هي قضية التخابر على أمن الدولة الداخلي والخارجي.

ورغم ذلك، فإن المحلل السياسي التونسي، قال في تصريحات لـ«السياق»، إن هناك عددًا من المنتمين للجهاز السري لحركة النهضة معتقلون، على رأسهم مصطفى خذر، على ذمة قضية التخابر.

وبينما زعم المحلل السياسي التونسي، أن عددًا من هذه الاعتقالات كان خارج الإطار القانوني، ويمس شخصيات ليس لها تاريخ في الفساد أو التجاوزات السياسية والمالية، أكد أنها تأتى في إطار سياسي بحت.

 

تفشي الفساد

بدوره قال فرانسيس جيليز الباحث الأول في مركز برشلونة الدولي، في تصريحات لـ«السياق»، إن الأعوام العشرة الماضية في تونس، لم تشهد ممارسة للديمقراطية، بل منعًا للإصلاحات وتفشيًا للفساد، واستثمار الأموال الأجنبية والتونسية في السياسة.

وأوضح الباحث الأول في مركز برشلونة، أنه لم تحدث أي إصلاحات في الاقتصاد، وفي القطاع الأمني، مشيرًا إلى أن ما نراه مع الرئيس الحالي قيس سعيد نتاج 10 سنوات من سياسيين شديدي الفساد.

وأشار إلى أن الأشخاص أنفسهم الذين امتلكوا الأصول في تونس قبل 12 أو 13 عامًا، مازالوا يملكونها اليوم، مؤكدًا أن عددًا قليلا من الأشخاص الجدد، دخلوا اللعبة، لكن الأوليجاركية لم تتغير.

وأكد أن أي فكرة مفادها أن تونس تقدمت على المسار الديمقراطي، من وجهة نظري أراها «كلامًا مضللًا»، مشيرًا إلى أن الكل يتحدثون عن تونس كأنها منارة الديمقراطية، لكن خلال الأعوام القليلة الماضية، حتى قبل قيس سعيد بفترة طويلة، لم تكن هناك أي خطوات نحو الإصلاح، أو خطوات نحو محاربة الفساد من أي رئيس تونسي منذ الثورة.

وعن حملة الاعتقالات، قال فرانسيس جيليز، إن بعض الذين اعتُقلوا، يمكنك أن تجادل بأنهم يستحقون المحاكمة وربما فاسدون، لكنّ أناسًا آخرين ألقِي القبض عليهم -مثل الصحفيين- ليسوا فاسدين، لكنهم اعتُقلوا فحسب، لحجب حرية التعبير، على حد قوله.